الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 05:02

هذا هو أبي الغالي/ بقلم: منتهى أم عمر

كل العرب
نُشر: 24/07/13 11:34,  حُتلن: 08:41

منتهى أم عمر:

هذا هو ابي منذ وعي قلبي الحياة وهو يمثل لي مجموعه من القيم الرائعة المستسقاه من منهج الاسلام العظيم والتي تتمثل امتدادا للعادات والتقاليد الاصيلة

ابي تمر ذكراك ونحن نفتقد طلتك وصوتك وضحكتك أشعر اننا احوج اليك من قبل فمهما كبرنا وتقدمت بنا السنون نبقى دوما صغارا امام حضرتك اطفالا في مدرستك طلابا في جامعتك 

في ذكرى رحيل والدي الحبيب احترت بأي وصف أصف اسمه ، واحترت بأي عباره تضيء افق كرامته . فإن من الرجال من تزينه الاوصاف وتجمله العبارات ، ومنهم من سما فوق ذلك فازدانت به الكلمات وأنارت به العبارات . هذا هو ابي ... منذ وعي قلبي الحياة وهو يمثل لي مجموعه من القيم الرائعة المستسقاه من منهج الاسلام العظيم ، والتي تتمثل امتدادا للعادات والتقاليد الاصيلة .

ابي كان صفوة ذلك الزمن الصعب الحلو الذي لا يتكرر ابدا هو من ذلك الجيل الذي نهل من العلم وارتشف المعرفة من منابعها وتذوقه وسقاه غضا طريا للاجيال من بعده ، هو ابي الذي كان اذا تحدث فعذب كلامه ... واذا سكت فرهيب صمته ، عطوف على الصغير رحيم بالكبير فكره مستنير . كان عظيما في كل شيء ، عالم اذا سألته وفقيها اذا كلمته ، معطائا اذا طلبته ، حليما اذا استشرته صبورا خلوقا تكاد لا تراه غاضبا . كان منهجه الحكمه والتوسط في كل شيء ، لم نعهد منه الا الدعاء وجميل اللفظ واذا جلست معه لا تمل مجلسه لظرافته واسلوب حديثه . فكم كان يروي لنا القصص الجميله التي عاصرها في ذاكره قويه حباه الله بها .

كان ابي مولعا باقتناء الكتب واحب القراءة وتعلق بها حيث كان يمتلك مكتبه كبيره تحتوي على مجموعات من مألفات الكتب القيمه ، كنت ولا زلت اعجب من حرصه على نظام كتبه وقدرته على تنظيم مئات من المؤلفات ، سبحان من احصاها ،،، مرتبه ، مفهرسه ، لا تختلط هذه بتلك . هو من يرتبها ويرقمها ويصنفها ويأرخها وعند الحاجه يستطيع استخراج ما اراد بكل يسر .

أبي، ما اجملها من كلمة ، تكاد تهتز الدنيا من حولي وانا اقولها . أبي ... ما اكبر تلك الكلمه ما اثقلها في الميزان . كلمة أبت ان تخضع لوصف او تنطوي على تصنيف . ابي، تمر ذكراك ونحن نفتقد طلتك ، صوتك ، ضحكتك ... اشعر اننا احوج اليك من قبل فمهما كبرنا وتقدمت بنا السنون نبقى دوما صغارا امام حضرتك ، اطفالا في مدرستك ، طلابا في جامعتك . ذكراك يا ابي مدينة حزن اشد الرحال اليها كل ليله ، اسكنها واتجول في شوارعها واتقصى آثار خطاك فيها . عندما اتذكر زياراتي لك وافتقد ترحيبك وتهليلك بي يعتريني الألم . بيتك اصبح مقفرا حزينا على فراقك ، حاولت ان ابحث فيه عن حضورك الذي غاب ، ارهف السمع لصدى صوتك الذي لطالما ملأ اركان المنزل دفئا وسكينه ، واتلمس وجهك على جدران وزوايا البيت وحجارته العتيقة ، لكنني ادركت ان المسافه بيننا طويله وانني احتاج عمرا اخر كي ابكيك ،وسأضل ابحث عن حزن يليق بك وبمقامك السامي ، لذا ما عدت اطيق كلمات الرثاء ولم اعد املك تعازي اقدمها في محراب اللغه وهشاشة المعنى وانا اقف على ذكراك فانت يا والدي اكبر من النسيان ، وذكراك اقوى من الحياه ومن سيل اللحظات وفيض العمر الخاوي من حضرتك
اخيرا هنيئا لتراب الارض التي لامست جسدك ، وهنيئا للسماء التي احتضنت روحك الطاهره.

إبنتك البارة : منتهى أم عمر
العزير

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.