الجنرال عاموس يدلين:
خطر التصعيد مع حزب الله وسورية سيتعاظم من عملية إلى أخرى
جميع الأسلحة الموجودة في سورية وإيران إنْ كانت تقليدية أوْ غير تقليدية قد وصلت إلى حزب الله
الهدف الإسرائيلي هو التوصل إلى فترات هدوء أمنية طويلة وبالتالي لن يكون صحيحا العمل ضد التعاظم العسكري لأن ذلك سيؤدي إلى تقصير فترة الهدوء
الهجوم الأخير في سورية أكد بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأن المخابرات الإسرائيلية كانت تملك معلومات دقيقة جدا عن الموقع علاوة على تفوق سلاح الجو
قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال عاموس يدلين، في دراسةٍ جديدةٍ أعدها لمركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، والذي يترأسه، قال إنه يتحتم على القيادة العسكرية العليا في الجيش أنْ تأخذ بعين الاعتبار لدى التحضير لعملية عسكرية ضد حزب الله أن جميع الأسلحة الموجودة في سورية وإيران، إنْ كانت تقليدية أوْ غير تقليدية قد وصلت إلى حزب الله. ولفت إلى أن عمليات نقل الأسلحة المتطورة والمتقدمة، والتي من شأنها أنْ تكون بالنسبة لإسرائيل مُخلة بالتوازن الإستراتيجي، ستستمر من سورية وإيران إلى حزب الله في لبنان، وأن هذه المشكلة كانت وما زالت وستبقى من أخطر التحديات التي يُوجهها المستويين السياسي والأمني في تل أبيب، مشددًا على أن خطر التصعيد مع حزب الله وسورية سيتعاظم من عملية إلى أخرى، على حد تعبيره.
ورأى الجنرال يدلين أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على القافلة التي كانت تحمل صواريخ سورية من طراز SA-17، بحسب المصادر الأجنبية، يطرح العديد من القضايا المهمة من الناحية المبدئية بالنسبة لرؤية الأمن القومي الإسرائيلي، ومن ناحية ثانية يُثير التساؤل حول التقديرات الإسرائيلية المتعلقة في ما يحدث بلبنان وبسورية في هذا الوقت بالذات. من الناحية المبدئية، قال الجنرال يدلين، إنه توجد معضلة تتمحور في كيفية وماهية وتوقيت شن العملية العسكرية عندما يتشكل تهديدًا حقيقيًا على المصالح الأمنية الحساسة للدولة العبرية، زاعما أن بلاده قامت بالهجوم الثلاثي ضد مصر في العام 1956 بعد التوقيع على الاتفاق بين تشيكوسلوفاكيا ومصر، وهاجمت الجيش المصري في ما تُسمى إسرائيليًا بحرب الأيام الستة في العام 1967، كما أنها عملت بسرعة في العام 1981 لتدمير المفاعل النووي العراقي، وفي العام 2007، بحسب المصادر الأجنبية، ضد المنشأة النووية في دير الزور السورية، كما أن إسرائيل قامت بمهاجمة قوافل أسلحة كانت في طريقها إلى مصر من السودان، ونفذت عمليات اغتيال ممركز ضد قادة التنظيمات "الإرهابية".
عملية عسكرية
وساق قائلاً إن السؤال المطروح اليوم وبقوةٍ هو: هل يتحتم على إسرائيل أنْ تُبادر إلى عملية عسكرية في ظل تعاظم قوة الأعداء، وفي ظل تشكل تهديدات مفترضة وأنْ تكون الضربة قاصمة، ويُجيب يدلين على هذا السؤال بالقول إنه يوجد توجهين مختلفتين لمعالجة هذه القضايا: الأولى تقول إنه من غير الممكن أنْ تُعالج إسرائيل جميع التهديدات، وذلك إذا تم الأخذ بالحسبان أن العلاج الموضعي، على حد وصفه، قد يتطور إلى حرب، وأيضا يدفع بالعدو إلى زيادة جاهزيته لمحاربة جيش الاحتلال، مشيرا إلى أن الهدف الإسرائيلي هو التوصل إلى فترات هدوء أمنية طويلة، وبالتالي لن يكون صحيحا العمل ضد التعاظم العسكري لأن ذلك سيؤدي إلى تقصير فترة الهدوء، وبالتالي على إسرائيل بناء قوة ردع يتم استعمالها فقط عندما تتعرض لهجوم عسكري، وهذه الرؤية، لفت يدلين، هي التي تبناها القادة في تل أبيب، الذين عارضوا الهجوم على المفاعل العراقي وعارضوا العملية العسكرية خلال الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في أيار (مايو) من العام 2000، وكذلك بعد حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006.
الهجوم
أما الرؤية الثانية، بحسب الجنرال الإسرائيلي، فإنها تعتمد على الهجوم، والتي يقول مؤيدوها إن تجاهل التهديدات المستقبلية من شأنه أنْ يُكلف اسرائيل ثمنا باهظا للغاية، وحتى التهديد على وجودها، وبالتالي يجب العمل العسكري حتى ولو كلف الأمر التصعيد والوصول إلى حرب شاملة، على حد قوله. وساق قائلاً إنه في العقد الأخير خاضت إسرائيل ثلاث مواجهات مع حماس (2008 و2012 ومع حزب الله عام 2006) ولم يكن هدفها تدمير حماس أوْ إحراز الانتصار الساحق ضد حزب الله، ذلك أنه برأيه، قامت إسرائيل بهذه العمليات بهدف الحصول على هدوء على الجبهتين الشمالية والجنوبية وتقوية الردع الإسرائيلي، ولكن مع ذلك، أضاف، في المواجهات الثلاث كان واضحًا أن هناك حاجة ماسة لمعالجة تعاظم قوة حزب الله وحماس العسكرية بعد التوصل إلى التهدئة.
أربعة شروط
وزاد أنه في الحالتين المذكورتين فشلت إسرائيل فشلاً مجلجلاً، ذلك أن حزب الله لم يلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وحماس من ناحيتها لم تلتزم بالقرار 1885 ولم تأبه بالتعهدات الأمريكية لإسرائيل، كما أنه في عملية (عامود السحاب) أواخر العام 2012 لم يكن هناك منظومة إسرائيلية لمعالجة التعاظم العسكري لحركة حماس، وبالتالي فإن هذه المشكلة بقيت مطروحة على جدول أعمال صناع القرار في تل أبيب. وبرأيه يدلين هناك أربعة شروط لتحقيق هذا الهدف: قدرة مخابراتية لوقف التعاظم العسكري، وبدون هذه القدرة لا مجال لفعل أي شيء.
تعاظم القوة العسكرية للأعداء
الثاني، لا جدوى بعملية عسكرية إذا لم تكن قائمة على الأخلاقيات، ولكن إذا توصل صناع القرار إلى وضع بأن تعاظم القوة العسكرية للأعداء تشمل أيضًا الأسلحة غير التقليدية، فلا مجال إلا القيام بعملية عسكرية لتدميرها، أما القضية الثالثة فتتعلق بالثمن مقابل الإنجاز، فهناك مخاطر من العملية نفسها، وفي مركزها رد فعل العدو، الكشف عن مصادر المخابرات، التصعيد إلى حرب شاملة، وبالمقابل يجب فحص المخاطر التي قد تنتج إزاء عدم الخروج إلى عملية عسكرية، أما القضية الرابعة فتتعلق برد فعل الدول العظمى على العملية العسكرية الإسرائيلية وتداعياتها على بقع أخرى في العالم.
الأسلحة المتطورة
وعرض يدلين في دراسته سيناريوهات تتعلق بالهجوم الإسرائيلي على الأسلحة المتطورة التي وصلت إلى حزب الله، بحسب المصادر الأجنبية، يقول يدلين إن الهجوم الأخير في سورية أكد بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأن المخابرات الإسرائيلية كانت تملك معلومات دقيقة جدا عن الموقع، علاوة على تفوق سلاح الجو، وقلل في نفس الوقت من أنْ تقوم سورية أو حزب الله برد عسكري ضد تل أبيب، ولكنه مع ذلك، لم يستبعد البتة أن تقوم سورية وحزب الله بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية في العالم دون أنْ تأخذا على عاتقهما مسؤولية التنفيذ، كذلك فإن حزب الله لا يملك الشرعية للرد لأن العملية تمت على الأراضي السورية، على حد قوله.