الدكتورة نهاية داوود - في لقاء مع "كتاب دراسات" الخامس:
النظرة الشمولية لصحة المرأة تأخذ بالحسبان دورَها الاجتماعي
الفروقات في الصحة بين العرب واليهود تتسع منذ أواسط التسعينيات بسبب اتساع الفقر
دراساتي تنظر إلى الوضع الصحي في سياقاته التاريخية والسياسية والاقتصادية والجندرية
وصل لموقع العرب وصحيفة كل العرب بيان صادر عن مركز دراسات ، جاء فيه ما يلي:"لا يمكن فصل الصحة عن النظام السياسي- الاقتصادي في الدولة أو عن المنظومة الاجتماعية والثقافية والطبقية والإثنية التي ينتمي إليها الأفراد. حيث تحدد هذه موازين القوى بين الفئات المجتمعية المختلفة ومدى تمثيلها السياسي، وبالتالي إمكانياتها من التحكم بظروفها المعيشية والحياتية. هناك علاقة مباشرة وتدريجية بين المركز الاجتماعي والتحصيل العلمي والمركز في العمل ومستوى الدخل وبين المؤشرات الصحية للأفراد". هذا ما قاله الدكتورة نهاية داوود، المحاضرة في قسم الصحة العامة في كلية العلوم الصحية في جامعة بن غوريون في النقب، في حوار علمي شامل أجراه معها الدكتور مهند مصطفى وينشر في كتاب "دراسات" الخامس الذي سيصدر الأسبوع المقبل، في عدد خاص بالتعاون مع جمعية "نساء ضد العنف".
الدكتورة نهاية داوود
وتابع البيان : " الدكتورة داوود من مواليد طيرة المثلث. انتسبت للحزب الشيوعي في الطيرة منذ صغرها وترى أنّه كان لهذا أثر هام في صقل شخصيتها ومنحاها المهني وأبحاثها. تنشط في العديد من الأطر الاجتماعية والأهلية. أتمّت اللقبين الأول والثاني في "هداسا" والجامعة العبرية في القدس، وهناك أيضًا حصلت على شهادة الدكتوراة من المدرسة للصحة العامة سنة 2007. وهو أول لقب دكتوراة في هذا الموضوع تحصل عليه عربية (أو عربي) من جامعة في البلاد".
المساواة في الصحة
وأضاف البيان :" تتطرق أبحاثها إلى المساواة في الصحة خاصة للفئات المهمّشة في المجتمع والأقليات بما فيها صحة المرأة. لها عدّة إصدارات باللغات الثلاث عن صحة الفلسطينيين وصحة السكان الأصليين في كندا وصحة المهاجرين في كل من كندا وانجلترا. تنطلق هذه الأبحاث بالأساس من منطلق حقوقي، ولها إسقاطات هامة على السياسات الصحية".
علاقة الصحة بالسياسية
وتابع البيان: " وتقول د. داوود: "تحدد طبيعة النظام السياسي والاقتصادي في الدولة فرص التعليم والعمل والدخل والشروط المعيشية للسكان والتي لها إسقاطات هامة على الصحة النفسية والجسدية. مثلا إذا نظرنا إلى المؤشرات الصحية المعتمدة في كل من كوبا والولايات المتحدة الأمريكية، وهما نقيضتان من ناحية المبنى الاقتصادي السياسي، نرى انه في سنة 2011 كلا الدّولتين كانتا تتمتعان بنفس معدل عمر (78 سنة)، ولكن نسبة وفيات الأطفال في كوبا أقل من تلك في الولايات المتحدة ( 4,8/1000 في كوبا مقابل حوالي 6/1000 في الولايات المتحدة) على الرغم من أنّ كوبا تعتبر دولة من العالم الثالث من ناحية التطور الاقتصادي. وقد فرض عليها حصار اقتصادي منذ حوالي خمسين سنة. عند تحليل أسباب هذا الوضع نجد أنّ النظام الاشتراكي في كوبا والمساواة في الدخل، هذا إلى جانب النظام الصحي المجاني، قامت بتوفير مستوى جيّد من الصحة للجميع. بينما النظام الرأسمالي والسوق الحرة في أمريكا خلق فروقات شاسعة في الدخل بين السكان وأدى إلى فروقات كبيرة في الوضع الصحي وقد لحقه تدهور المؤشرات الصحية عندهم".
الفجوات تتسع
وجاء في البيان أيضا :" وعن الوضع الصحي للفلسطينيين في البلاد، تقول : "يمكننا الجزم بأن وضعهم الصحي ما هو إلا انعكاس لواقع سياسي وسياسات تمييز اجتماعي واقتصادي، هذا إضافة إلى مبنى الجهاز الصحي في إسرائيل والى التغييرات التي طرأت عليه منذ قيام الدولة. وفقا لمقاييس ومؤشرات صحية معمول بها عالميا وعلى الرغم من ارتفاع متوسط العمر وتقلص نسبة وفيات الأطفال منذ سبعينيات القرن الماضي عند الفلسطينيين في البلاد، إلا أننا نلحظ أن هذه المقاييس متدنية مقارنة مع اليهود. حيث أن متوسط العمر عند الفلسطينيين هو حوالي 4 سنوات اقل من اليهود. ووفيات الأطفال تكون ثلاث أضعاف تلك التي عند اليهود مواطني هذه الدولة". وتشير إلى حقيقة أنّه منذ أواسط التسعينيات (القرن الماضي) نلحظ أنّ الفروقات في الصحة آخذة بالاتساع. ويعود ذلك إلى عدة أسباب أهمّها ارتفاع نسبة العائلات الفلسطينية مقابل العائلات اليهودية التي تعيش تحت خط الفقر. يعود ذلك طبعا إلى سياسات التمييز في التعليم وفرص العمل".
المرأة: نظرة شمولية
وإختتم البيان :" وتؤكد الدكتورة داوود أنّ "الوضع الصحي للمرأة هو عبارة عن مرآة تعكس واقعها الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي. فعند التطرق لصحة المرأة لا نعني بذلك فقط الجانب الجسماني أو الخلو من الأمراض كما هو مقبول بحسب النهج المعرفي في الطب التقليدي. حيث يتميز هذا التعريف الحديث بنظرة شمولية للصحة تعكس نواحي مهمة تشكل معا مفهوم الصحة. تشتمل هذه النواحي على الطبقة الاجتماعية والمساواة في الحقوق الجندرية والمدنية وحقوقها الزوجية والإنجابية. كل ذلك إلى جانب توفير الخدمات الصحية والاجتماعية مما يضمن للمرأة الفرصة في الحصول على صحة أفضل. "النظرة الشمولية لصحة المرأة انبثقت عن نظريات نسوية رديكالية تأخذ بالحسبان الدور الاجتماعي للمرأة، بالإضافة إلى اختلافها البيولوجي عن الرجل، فأن النهج الطبي التقليدي معني فقط بالمبنى البيولوجي للمرأة أو بأعضائها التناسلية او بصحتها الإنجابية ولا يعنى أبدًا بدورها الاجتماعي وكيف يؤثر هذا الدور على صحتها النفسية والجسمانية عامة" إلى هنا نص البيان.