مؤتمر جسور الأول عقد عام 2009 في قرية المغار حيث تمّ الإعلان عن هدف كيان ومنتدى جسور لتطوير ومأسسة حركة نسائية ميدانية لدى النساء العربيات في البلاد
المستشار التنظيمي والمخطط عروة سويطات:
علينا أن نسأل أنفسنا كيف نبني الحيّز العام والمدينة مع النساء ولا بالرغم عنهن؟
هناك فجوة حادة بين الأقوال والأفعال وبين المسرح وما وراء الكواليس، فالدافع المركزي عند العديد من متخذي القرارات المؤثرة على حياتنا هو الامتناع عن الاتهام وصراع البقاء
عقد منتدى جسور النسائي وكيان، مؤتمرَ جسور النسائيّ القطري الثالث، بعنوان "تعزيز دور المرأة في صنع القرار وحلّ الصراعات"، وذلك يوم أمس الأربعاء، في بلدة عرّابة، بالتعاون مع مجموعة "أطياف" – نساء عرّابة من أجل التغيير. وقد شاركت في المؤتمر قرابة 250 امرأة من 22 بلدة عربية، من الجليل والمثلث، معظمهنّ ناشطات ميدانيًّا وشريكات في مشاريع نسائيّة جماهيريّة وممثلات في منتدى جسور النسائيّ القطريّ في "كيان".
يشار إلى أن مؤتمر جسور الأول عقد عام 2009، في قرية المغار، حيث تمّ الإعلان عن هدف كيان ومنتدى جسور لتطوير ومأسسة حركة نسائية ميدانية لدى النساء العربيات في البلاد. ويأتي المؤتمر الثالث برسالة واضحة وقوية للنساء المشاركات ولكافة أفراد المجتمع تدعو إلى تكثيف الجهود والعمل المشترك من أجل العيش في مجتمع أفضل، تحظى النساء فيه بمكانة مرموقة وبفرص متساوية دون تمييز بينها وبين الرّجل، وذلك على نحو خاصّ، من خلال تطوير وتدعيم الحركة النسائية الميدانية على مستوى المجتمع العربي في البلاد.
تطوير الحركة النسائية
تولّت عرافة البرنامج سهير حسين، وهي ناشطة في مجموعة "أمواج" النسائيّة بدير حنا وعضوة في منتدى جسور النسائي. وكانت قد افتتحت البرنامج بتحيّة الحضور وكلّ من ساهم ويساهم في العمل على رفع مكانة المرأة، وأكدت على الدور الهام لجمعية كيان في تطوير عمل المنتدى النسائي القطري والعمل النسائي المحلي، إضافة إلى دورها في تدعيم النساء القياديات في الحقل، وأثنت على الدور الإيجابي والحيويّ لمنتدى جسور في سبيل تطوير الحركة النسائية في المجتمع العربي. وكان الاحتفال قد اشتمل على كلمة ترحيبية قدّمها رئيس المجلس المحلي، عمر نصار، الذي اهتمّ بالمشاركة في فعاليات وبرامج المجموعة النسائية في عرابة وبدعمها معنويًّا وماديًّا. وقد أثنى نصار على أهميّة ما تقوم به مجموعة النساء وأهميّة مواصلة العمل والتعاون بين جميع الأطراف من أجل تحقيق النجاح.
التغيير المجتمعي
إضافة إلى ذلك، تخلّل البرنامج عرض لمسيرة عمل المجموعة المستضيفة، قدّمته تمام شلش، مركزة في المجموعة، وقد تطرّقت إلى أهمّ إنجازات العمل النسائيّ الجماهيريّ الذي بادرت إليه النساء وعملت على إنجاحه منذ تأسيس المجموعة، كما تطرّقت إلى التحدّيات والصعوبات التي واجهتهن، حيث يعود جزء منها "لكوننا نعيش في مجتمع أبويّ يفرض الكثير من القيود والعوائق أمام المحاولات السّاعية إلى إحداث التغيير المجتمعي المتعلق بالنساء". أمّا الجزء الآخر فيعود إلى صعوبة بناء الشراكات مع المجالس والمؤسّسات المحلية. كما أكدت شلش على أهمية التواصل بين كافة المجموعات النسائية من أجل تبادل الخبرات وتكثيف الجهود لإنجاح العمل، وحثت الجميع على الاشتراك في برنامج جسور وفي المنتدى. وكانت عزيزة معدي، مركزة مجموعة النساء والبيئة في قرية المغار وعضوة في منتدى جسور النسائي، قد قدمت عرضًا لمشاريع برنامج جسور الميدانية، بما في ذلك عمل المنتدى النسائي، مؤكدة على أهمية العمل بشكل معمق وشمولي ومع كافة فئات المجتمع.
تدعيم المرأة ودورها القياديّ
هذا وتخللت البرنامج محاضرة بعنوان "الصراع الجندريّ كصراع هوية"، قدّمها المختص في موضوع الصراعات، خليل مرعي. تطرّقت المحاضرة إلى مواضيع عدّة، منها: تعريف الصراع، أنواع الصّراعات المختلفة كالمخفيّة أو الظاهرة، آليّات وطرق حل الصراع مع التركيز على الطرق السلميّة، وغير ذلك. وأكد مرعي على أنّ تدعيم المرأة ودورها القياديّ هو أفضل مجال يمكن أن تؤدي المرأة من خلاله دورًا في مواضيع عدة وفي حلّ الصراعات بطرق سلمية، فحلّ الصراعات بطرق سلمية هو دور قياديّ، ومن شأنه أن يعزّز دور المرأة ومكانتها في المجتمع.
الحق في الثقافة والميراث
وتلت هذه المحاضرة محاضرة أخرى بعنوان: "التأثير على صنع القرار البلدي – الفجوة بين المسرح وما وراء الكواليس"، قدّمها المستشار التنظيمي والمخطط عروة سويطات، متحدثا فيها عن أهمية وسبل التأثير على صنع القرار البلدي، مشيرا إلى أن للسكان وعلى رأسهم النساء، "حق في الحيّز العام، لهم ولهن حق في المدينة والأرض والتوزيع العادل والمتساوي للموارد والمشاريع، الحق في المساواة كأفراد وكمجموعة. الحق في السكن اللائق والبيئة النظيفة والتطوير المستدام والمنالية والخدمات والموارد والفرص والبنى التحتية. الحق في الحيز العام هو الحق في الثقافة والميراث وفرص العمل والملكية، الحق في الوجود الحيوي والأمان والانتماء وتحقيق الذات. الحق في المكان والحيز العام هو ركيزة لحقوق الانسان ويصنع مستقبل الأجيال القديمة".
تحقيق الامان والانتماء
وأكد سويطات أن "هناك فجوة حادة بين الأقوال والأفعال وبين المسرح وما وراء الكواليس، فالدافع المركزي عند العديد من متخذي القرارات المؤثرة على حياتنا، هو الامتناع عن الاتهام وصراع البقاء مشيرا إلى الاعتبارات السياسية والاجتماعية والمحلية والشخصية المؤثرة على القرار، دون التفكير في أهداف مجتمعية واقتصادية وثقافية وسياسة لتوزيع الموارد وخطط مستقبلية لتطوير وخدمة السكان".
واختتم سويطات حديثه قائلا، "علينا أن نسأل أنفسنا كيف نبني الحيّز العام والمدينة مع النساء ولا بالرغم عنهن؟ كيف يمكننا أن نعزز حقوقهن في البيئة والشارع وتحقيق الامان والانتماء والفرص والمساواة" مشيرًا إلى أهمية ذلك في كسر المسلّمات وإحداث تحوّل وتغيير جذري وجوهري في التعريفات المجتمعية والمفاهيم والقيم من خلال التنظيم الجماهيري والتخطيط البديل والأدوات القانونية وأدوات الضغط والحوار المباشر على متخذي القرارات، ليتم وضع القضية في صلب الأجندة المجتمعي.
تغيير مجتمعي نحو الأفضل
وفي الختام تم تلخيص المؤتمر وما تم طرحه بورشات العمل والنقاش بالمجموعات، التي عمقت النقاش بالمواضيع التي شملها بالبرنامج. هذا وأكدت المقيمات على البرنامج على أهمية العمل الذي تقوم به النساء القياديات في منتدى جسور وفي البلدان المختلفة من خلال عملهن على تدعيم المرأة ورفع وعيها في المجالات المختلفة وبالتالي زيادة مشاركتهن بالحيز العام وبدوائر اتخاذ القرار.
وفي حديث حول أهمية المؤتمر مع منى عتابا من الجديدة المكر، والتي تشارك لأول مرة ببرنامج جسور، حدثتنا قائلة: "استوقفتني جملة سمعتها من إحدى المتحدثات حين قالت: ابدأ بالممكن حتى يلين المستحيل، ففعلا شعرت خلال اليوم بان لا شيء مستحيل، وأننا كنساء لدينا الكثير من القدرات والإمكانيات، ومع مرافقة الجمعيات والأطر النسوية كمجمعية كيان، يمكننا إحداث تغيير مجتمعي نحو الأفضل وهذا ما شهدناه من خلال الدور الفعال والهام الذي أدينه النساء القياديات بالمؤتمر".