الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:01

هندسة نستولوجيا الاستراتيجيات الإيرانية /بقلم:محمد الروسان

كل العرب
نُشر: 19/11/12 12:08,  حُتلن: 12:21

محمد روسان في مقاله:

 إيران دولة إقليمية حقيقية في المنطقة ولها مجالها الحيوي حتّى في دول أمريكا اللاتينية

ستجبر إيران على ترك كل الساحات والميادين السياسية في سورية لمنافسيها وهذا الأمر يستلزم تخطيط دقيق وإتباع ديناميكية ذكية في السياسة الخارجية

موضوع توأمة الأزمة السورية والملف النووي الإيراني كملف واحد،وتربعهما على سلم أولويات السياسات الغربية – الأمريكية ضيّع ويضيّع فرصة التركيز على أحدهما

وجود حزب الله في لبنان وبحكم مجاورته للكيان الصهيوني يفتح المجال أمام توجيه ضربات لهذا الكيان الغاصب ويمكن أن يلعب دور الذراع الإيراني الرادع في وجه هذه التهديدات الإستراتيجية 

نعم وبكل وضوح وصراحة ولا يخفى على أحد من الناس بما فيهم والدتي الأميّة هناء الروسان في سما الروسان، أنّ هناك حرب خفية حيناً وظاهرة حيناً أخر تجري في الشرق الأوسط، للسيطرة على هذه المنطقة الحيوية، والأطراف الرئيسية المشاركة في هذه الحرب بجانب الطرف الغربي الخارجي( واشنطن، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، ...الخ) هي إيران وتركيا والسعودية ومن المحتمل أن تدخل مصر إلى ساحة الصراع في المستقبل، أمّا قطر لا ترقى لمستوى الطرف فهي أداه، من هنا يجب تفهم الوضع الحسّاس لإيران التي تقف في وجه تغيير الحكومة في سورية.

سياسة خاطئة غير منطقية

حيث يعتقد الكثيرون أن الجمهورية الإسلامية بدعمها حكومة الرئيس بشار الأسد ونسقه السياسي، اتبعت سياسة خاطئة غير منطقية ولا تتوافق مع المصالح الوطنية، وقد خدشت هذه السياسة صورة الجمهورية الإسلامية لدى الرأي العام الدولي وعلى صعيد المنطقة، كما أنها تدفع للاعتقاد بأن الحكومة الإيرانية غير متعاونة على الصعيد الدولي، وأن السياسات الغربية المتبعة تجاه طهران هي سياسات مشروعة، وأن ما تراهن عليه خاسر من البداية، كما أن المراهنة عليه كان أمراً بعيداً عن الرؤية السياسية الصحيحة ويجافي التعقل والصواب ومنطقية سياق المنطق السياسي الحكيم – هكذا يعتقد من الطرف الآخر.
أعتقد وأحسب، أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة الشرق الأوسطية، كالجزيرة الوحيدة وسط بحر من الجيران غير المتعاونين (كدول مجلس التعاون الخليجي وأذربيجان)، وهؤلاء لا يستسيغهم كمنافسين تفوق إيران وتمتعها بقوة كبيرة (مثل تركيا والسعودية)، وكذلك التيارات المعادية للشيعة والحركات السلفية والوهّابية التي لها جذور في الدول العربية و باكستان وتصل حتى آسيا الوسطى، ويتناسون هؤلاء أنّ إيران دولة إقليمية حقيقية في المنطقة ولها مجالها الحيوي حتّى في دول أمريكا اللاتينية.

أجهزة الاستخبارات والمخابرات

من هنا وحسب منطق وتقديرات المختصين بالشؤون الإيرانية، وخاصة في مجتمعات أجهزة الاستخبارات والمخابرات الدولية والإقليمية، فإنّ الإيديولوجية السياسية التي تتبعها الجمهورية الإسلامية، لا تجيز لها إمكانية الاستفادة من التحالف مع القوى العظمى (كالولايات المتحدة)، وقوى المنطقة التي تتشابه مع موقعها (الكيان الصهيوني)، لكسب نقاط قوة بهدف تحصين موقعها المتفرد بين دول المنطقة الشرق الأوسطية.
لهذا تعاظم بشكل كبير أهمية الدول المعدودة في المنطقة والتي لها قواسم مشتركة مع طهران، والتي تجمعها أيضاً مع إيران علاقات جيدة كالعراق وأفغانستان وسوريا (والتي من حكم القضاء والقدر تعتبر ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لإيران).
وبعيداً عن العوامل التي أوجدت هذه الظروف، وبإلقاء نظرة على البنية السياسية والمذهبية لمعارضي الحكومة السورية ونسقها السياسي والدول الداعمة لهم، تظهر مؤشرات تدل على أن انتصار المعارضين على الحكومة السورية الفعلية ونسقها السياسي، وتقاذف السلطة من جهة لأخرى ولأخرى ثانيةً أخرى مجهولة، سيترافق مع مرحلة سياسية كاملة تنعدم فيها الرغبة بإقامة علاقات جيدة مع إيران، في حين سيتجه هؤلاء نحو السعودية وسيغازلون الغرب (بالرغم من أن البعض يعتقد أن عدم تدخل الغرب المباشر في الأزمة السورية جعل المعارضين يتذمّرون).
وبشكل أوضح ودون لف ودوران، وبعبارة أعمق أيضاً، تغيير النسق السياسي في سورية يعني إضافة حلقة أخرى إلى سلسلة منافسي إيران في المنطقة وفقدانها حليف استراتيجي.

حملة عسكرية ضد المنشآت النووية
من جهة ثانية وفي ظل ظروف تعلن فيها "إسرائيل" باستمرار عن نيتها شن حملة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، كما تصّر الولايات المتحدة على أن كل الاحتمالات مطروحة أمامها بالنسبة للملف النووي الإيراني، فإن وجود حزب الله في لبنان باعتباره قوة عسكرية لا يستهان بها، والذي تجمعه علاقات متميزة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبحكم مجاورته للكيان الصهيوني يفتح المجال أمام توجيه ضربات لهذا الكيان الغاصب، ويمكن أن يلعب دور الذراع الإيراني الرادع في وجه هذه التهديدات الإستراتيجية للدور الإيراني المتعاظم. وتعتبر سورية أهم جسر يربط إيران بحزب الله، وتغيير الحكومة ونسقها السياسي هناك، يعني قطع هذا الارتباط الإستراتيجي، لهذا يعتبر موضوع بقاء الحكومة السورية الحالية ونسقها أمراً حيوياً وهاماً واستراتيجيّاً، بل لما بعد بعد نستولوجيا الإستراتيجية المستقبلية بالنسبة للجمهورية الإسلامية.
موضوع توأمة الأزمة السورية والملف النووي الإيراني كملف واحد، وتربعهما على سلم أولويات السياسات الغربية – الأمريكية، ضيّع ويضيّع فرصة التركيز على أحدهما، وفي المحصلة تضاءلت قدرة الغرب على دفع هذه القضايا في مسير رغباته، ويتجلى هذا الأمر في أكثر سيناريو مستبعد وهو شن هجوم عسكري ضد إيران أو سورية، خاصةً وبعد أن تم استدراج " إسرائيل" في عدوانها الحالي على غزّة هاشم وأهلنا، ومع بقاء الكتلة العسكرية الكبرى من الجيش العربي السوري في جنوب سورية حتّى اللحظة، ولم تسحب إلى حلب لمواجهة فلول الإرهابيين، وذلك تحسباً لتداعيات جر " إسرائيل" ووقوعها في " كمين وفخ" غزّة.

الحل العسكري بالنسبة للقضية النووية

الغرب - كما يدعّي- يضع خيار الحل العسكري بالنسبة للقضية النووية الإيرانية على الطاولة (إلى جانب الخيارات الأخرى) وبدون حل الأزمة السورية، وبما يحقق رغباته حيث ستكون قدرته على شن هجوم على إيران ضئيلة، وإذا كان قادراً على التدخل العسكري في سورية سيكون الدعم الإيراني مانعاً جديّاً أمام تحقق هذا الأمر. من هنا يتم تعريف كلا البلدين إيران وسورية بأنهما يشكلان عمقا استراتيجيا لبعضهما البعض، الأمر الذي يعزّز من علاقاتهما ومن موقفها في مواجهة الغرب.
تتحدث المعلومات وتؤكد المعطيات الواقعية على الدعم الإيراني للحكومة السورية ونسقها، لكنّ هناك أمر بالغ الحساسية في هذا السياق حيث يتوجب الانتباه إليه جيداً، وهو كيفية ترجمة هذا الدعم، وفي المرتبة التالية الأخذ بعين الاعتبار التخطيط للسيناريوهات المحتمل تطبيقها في سورية، حتى لو كان احتمال سقوط الحكومة السورية ونسقها السياسي ضئيل. لكن في حال ظهور هكذا احتمال، ستجبر إيران على ترك كل الساحات والميادين السياسية في سورية لمنافسيها، وهذا الأمر يستلزم تخطيط دقيق وإتباع ديناميكية ذكية في السياسة الخارجية. وجدير بالذكر أنه لا أحد من داعمي المعارضين السوريين، مهتم بالحرية والديمقراطية ولا تعينه بشيء الموازين الأخلاقية ولا أرواح وأموال الشعب السوري، بل هناك شيء واحد توجّه الدول التي تدعم المعارضين المسلحين الإرهابيين في سورية، وهو مصالحها ومنافعها حيث يشيرون بوضوح بالغ بأنهم سيستخدمون أي طريقة لتحقيق أهدافهم وتأمين مصالحهم.
هناك نقطة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار وهي الرأي العام، وخاصة الرأي العام في الداخل الإيراني، لأن الوجدان الأخلاقي لعامة الناس هو المستهدف الرئيسي في الحرب النفسية وحرب الدعايات الإعلامية التي تخوضها وسائل الإعلام الأجنبية. وتمثلت إحدى هذه الأساليب بتعزيز قوة الميليشيات المسلحة وإقحامها في عمليات عنفية وتوظيف ردود فعل الجيش العربي السوري على هذه العمليات إعلامياً، في حين تُملي المعايير الإنسانية على تقديم حلول سلمية للأزمة السورية تُنهي إراقة الدماء (كما يؤكد دائماً مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية) وكما يقول الزميل والباحث الإستراتيجي الإيراني علي رحيمي.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.