د.رائد غطاس في مقاله:
لا بد للمرشح اولا وقبل كل شيء ان يتمتع بمستوى أدنى من الأخلاق العالية
نجاح الانسان في مجال عمله المهني والاجتماعي يشكل احد الضمانات لنجاحه في المنصب التمثيلي الجديد والعكس صحيح
النجومية والبروز في المجتمع والابداع ممكن ان يأتي عن طريق تبوء مناصب قيادية في الأحزاب والهيئات واللجان القطرية الاخرى غير عضوية الكنيست
اتقان مرحلة الترشيح هو خطوة هامة في عملية الانتخاب فاذا اقدم على الترشح اشخاص اكفاء ذوات قدرات تغدو عملية التنافس والاختيار عملية أرقى وأفضل
كنت قد كتبت قبل ما يزيد عن السنة والنصف عن ثقافة التنافس في الانتخابات الديمقراطية للهيئات والمؤسسات والأحزاب بدءاَ من لجان الطلاب في المدارس وحتى انتخابات البرلمان. وبما اننا على عتبة انتخابات الكنيست حيث تستعد الأحزاب لتشكيل قوائمها، وفي عدة احزاب ستجرى انتخابات ديمقراطية وتنافس على المقاعد الأمامية ارتأيت اعادة صياغة هذا المقال بما يلائم هذه المرحلة.
التنافس
الديمقراطية أضحت مبدأً هاماً في كل انتخابات حيث تشكل اساساً يعتمد للتنافس، يمنح بموجبه كل عضو في الهيئة حق الترشح والانتخاب للمواقع او المناصب المختلفة. والسؤال المطروح هل نقوم باستخدام الديمقراطية بالشكل السليم؟ برأيي في كثير من الأحيان يتم فهم الديمقراطية وتطبيقها بشكل غير سليم وخاطئ. هنالك حاجة ماسة في انتهاج ثقافة خاصة حتى تصبح الديمقراطية اداة ناجحة وسليمة تدفع في اختيار الأفضل للهيئات التمثيلية والقيادية المختلفة.
حق الترشح
في البداية لا بد من معالجة قضية الترشيح. صحيح أن الديمقراطية تمنح أي عضو في الهيئة حق الترشح الى المواقع الامامية ولكن حسب اعتقادي ثمة عوامل ومواصفات عدة اساسية يجب أن تتوفر في المرشح الراغب في التقدم على مثل هذه الخطوة اهمها:
1) العامل الأخلاقي، فلا بد للمرشح اولا وقبل كل شيء أن يتمتع بمستوى أدنى من الأخلاق العالية.
2) عامل آخر مهم وهو نجاح المرشح في عمله وبرأيي نجاح الانسان في مجال عمله المهني والاجتماعي يشكل احد الضمانات لنجاحه في المنصب التمثيلي الجديد. والعكس صحيح ففشل المرشح في العمل المهني يشكل مؤشراً على الفشل في ممارسة النشاط في الهيئة القيادية.
3) في حالة كون الشخص المزمع على ترشيح نفسه يمارس اي عمل تمثيلي او قيادي، فمن المهم جداً ان يكون قد اثبت نشاطه بشكل ناجح في الموقع الذي اشغله قبل الترشيح.
4) صفة هامة يجب ان يتمتع بها الانسان المقدم على ترشيح نفسه وهي مستوى ادنى من الذكاء وصفاء الذهن والقدرات على استيعاب الامور المختلفة، تحليلها واتخاذ القرارات المناسبة.
5) عنصر هام ونحن نتحدث عن انتخابات كنيست هو مدى شعبية المرشح على مستوى قطري ومعرفة الجمهور العريض له وبالتالي استقطابه لقوى جديدة.
اقتراع سري وحر
ان اتقان مرحلة الترشيح هو خطوة هامة في عملية الانتخاب، فاذا اقدم على الترشح اشخاص اكفاء ذوات قدرات، تغدو عملية التنافس والاختيار عملية أرقى وأفضل. حينها يكون الاختيار بين الجيد والافضل بين الناجح والممتاز. الديمقراطية تتيح الفرصة لكامل اعضاء الهيئة الاقتراع بشكل سري وحر ولكن هل يتم ذلك بالشكل السليم؟ هل تتم عملية الاختيار حسب القدرات والكفاءات؟ للأسف الشديد في الكثير من الاحيان تجري صفقات في داخل الهيئة على اساس قوائم تصفية. وهنالك ظاهرة اخرى غريبة وهي الالتزام بالتصويت لبعض المرشحين ليس الا لكونهم ابناء بلد واحد او بسبب معرفة وصداقة وهذا بحد ذاته يؤدي الى استثناء العديد من المرشحين ذوي الكفاءات والقدرات العالية. وحتى نحد من هذه الظاهرة يجب ليس فقط ان نعطي الفرصة لكل مرشح ان يعرض برنامجه وقدراته ونواياه للعمل في القائمة التمثيلية بل ان يلزم كل مرشح ان يعرض هذا البرنامج. بكلمات اخرى يجب تحويل ذلك من حق الى واجب بحيث يصبح واجباً على كل مرشح ان يقف امام الهيئة العامة ويتحدث عن نفسه ونشاطاته حيث من حق عضو الهيئة السماع والتعرف وبالتالي تقييم كل مرشح على حدة قبل عملية الاقتراع.
ابداعات جديدة
قضية هامة اخرى في عملية الانتخابات هي عملية التجديد والتغيير خاصة ونحن نعيش مرحلة هامة، مرحلة الربيع والتغيير. التجديد والتغيير هما من المبادئ الهامة ويشكلان ضماناً لاستمرارية وتطور الهيئة بغض النظر عن كونها حزباً او لجنة او اي هيئة تمثيلية اخرى. التجديد هو امر هام وحيوي ليس بهدف التغيير فقط وانما من اجل خلق وادخال روح جديدة وحيوية للهيئة القيادية. لا بد لأي مسؤول او اي شخص في موقع قيادي، مهما كانت كفاءاته الا ان يسأم وينهك وتستنفذ قدراته الابداعية وبالتالي يستنفذ بعد فترة من الزمن. لذلك هنالك حاجة ماسة لتحديد فترة اشغال المنصب في كل هيئة قيادية لفترة زمنية لا تتعدى 10-12 سنة. على سبيل المثال لا الحصر، في عدة دول اوروبية وفي الولايات المتحدة هنالك تحديد لفترة الرئاسة وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من المناصب القيادية في العديد من الهيئات والمؤسسات من اجل افساح المجال لقدرات وابداعات جديدة.
الإرتقاء بالثقافة
هنالك ظاهرة غريبة وهي الاعتقاد السائد ان عضوية الكنيست هي اعلى وأرقى المناصب القيادية، ربما يعود ذلك لاعتقاد البعض ان هذه العضوية تأتي لصاحبها بالظهور الاعلامي والنجومية ووصل الحال ببعض المرشحين الى الاعتقاد انه لا بديل لهم عن هذا المنصب وكأن عضوية الكنيست هي آخر المطاف بالنسبة لهم. برأيي هذا الاعتقاد خاطئ فالنجومية والبروز في المجتمع والابداع ممكن ان يأتي عن طريق تبوء مناصب قيادية في الأحزاب والهيئات واللجان القطرية الاخرى غير عضوية الكنيست. وهنالك الكثير من الامثلة على ذلك. فالعديد من اعضاء الكنيست غير معروفين في المجتمع وادائهم دون الحد الأدنى، بينما نشهد العديد من القادة الناجحين والبارزين والمتألقين نتيجة لعملهم القيادي والابداعي. في النهاية بودي ان اؤكد ان القوانين والقواعد والتحديات مهمة جداً خاصة اذا كانت مبنية على اساس الديمقراطية، لكنها بحاجة لثقافة خاصة والسؤال هو متى سنرتقي بثقافتنا لاستخدام هذه القوانين والقواعد بشكل حضاري وسليم؟.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان: alarab@alarab.net