المحامي محمد أحمد الروسان في مقاله:
الفدرالية الروسية لا ترى أي مصلحة لها في التخلي عن النسق السياسي السوري ورمزه الأسد مقابل صداقة الغرب والعاصمه الأمريكية واشنطن دي سي وبعض العرب المتخاذل
الحفاظ على العلاقات الأمنية مع مصر – الأخوان المسلمون والتزام القاهرة باتفاقية كامب ديفيد وتداعياتها في ظروف معقّده سيبقى بها الجيش ووحداته المختلفة تحت جناح الأمريكيين
للفدرالية الروسية مصالح كبيرة خفية وغير خفية في سورية وأحد أهم هذه المصالح الأستراتيجية تواجد قاعدتها العسكرية النوعية والكمية خارج مجال جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق
الفدرالية الروسية لا ترى أي مصلحة لها في التخلي عن النسق السياسي السوري ورمزه الرئيس بشّار الأسد، مقابل صداقة الغرب والعاصمه الأمريكية واشنطن دي سي وبعض العرب المتخاذل، فبعد أشهر من المشاورات الدبلوماسية وغيرها، لم تنجح خطة إرجاع الملف السوري إلى مجلس الأمن، وحتى المحادثات المباشرة بين الرئيس الأمريكي باراك اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على هامش اجتماع مجموعة العشرين في المكسيك لم تثمر عن شيء أيضاً، ومرة أخرى واشنطن تفشل في الحصول على موافقة الروس في القضية والمسألة والحالة السورية.
البحث عن المصالح
تبحث كل من موسكو وواشنطن عن مصالحهما الإستراتيجية في خضم الانتفاضات التي وقعت مؤخراً في المنطقة، فسكوت البيت الأبيض المريب تجاه بعض تحركات الجيش المصري التي بدأت بحل البرلمان، وتحجيم سلطات رئيس الجمهورية المنتخب حديثاً "محمد مرسي"، والقدوم المريب لوزير الحرب الأمريكي ليون بانيتا هذا الأسبوع الى المنطقة، وعقب تعين بندر بن سلطان رئيساً للأستخبارات السعودية بعد توصيه أمريكية، وزيارته – أي ليون بانيتا لمصر، مؤشر على سعي واشنطن دي سي لحفظ مصالحها الأستراتيجية في مصر، وتوظيفها وتوليفها لخدمة الكيان الصهيوني الطارىء على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة.
ديمقراطية حديثة
فالحفاظ على العلاقات الأمنية مع مصر – الأخوان المسلمون، والتزام القاهرة باتفاقية كامب ديفيد وتداعياتها، في ظروف معقّده سيبقى بها الجيش ووحداته المختلفة تحت جناح الأمريكيين، مما يشي ويقود للحد من هذه القوة الموضوعة تحت تصرف الإخوان المسلمين، بعبارة أخرى الشيء الذي حدث في مصر هي صفقة مثل الكثير من الصفقات، التي تجري في بعض الدول العربية المقرّبة من واشنطن، في هذه الدول أيضاً يحتفظ الحكّام الذين تتبناهم أمريكا ببعض الصلاحيات الاستثنائية، ليمنعوا إيجاد مؤسسات ديمقراطية حديثة تستطيع أن تتخطى الخطوط الحمراء وفقاً للرؤية الأمريكية - الأيباكيّة.
مصالح كبيرة خفية وغير خفية
وبشهادة الكثير من المحللين، للفدرالية الروسية مصالح كبيرة خفية وغير خفية في سورية، وأحد أهم هذه المصالح الأستراتيجية، تواجد قاعدتها العسكرية النوعية والكمية خارج مجال جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، والتي تجهّزها ليوم عصيب يشيب فيه غلمان الجميع، فالروس يدركون جيداً حقيقة أنه إذا سقط النسق السياسي السوري ورمزه الرئيس بشار الأسد، أي حكومة ستأتي دون أدنى شك سيكون من أولويات أعمالها نزع سيطرة الروس عن قاعدة طرطوس، ولا يرى الروس سبباً لتهيئة الأوضاع لدفعهم إلى هكذا خروج من المنطقة.
اتفاقيات دولية
يتحدث أحد الخبراء الأصدقاء بقوله:- مما لاشك فيه لو اتخذت المعارضة السورية مواقف شبيهة لمواقف الحكومة الرسمية الكوبية تجاه غوانتانامو، لكانوا قدّموا للروس فرصة للتفكير من جديد، في كوبا فيديل كاسترو مع وجود مواقف معارضة بشكل مطلق لواشنطن، لكنه لا يعارض وجود غوانتانامو مثلاً، وعليه ربما الموقف التي ستتخذه المعارضة السورية التي ستشكل الحكومة بعد الرئيس الأسد – أن حدث ذلك، ستحترم كل الاتفاقيات الدولية مع كل الدول وستلتزم بالعمل بها، ويمكن لهذا أن يشجع الروس ويجعلهم يعيدوا النظر في مواقفهم، مثال ذلك أكد مرشح المعارضة في فنزويلا أنه في حال تم انتخابه وحل مكان هوغو تشافيز، لن يلغي العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الروس والصينيين التي وقعتها حكومة تشافيز.
مصالح مترتبة
يضيف خبير آخر:- أمّا بما يخص الأزمة الليبية كان لدى الروس قلق مماثل، مع أن موسكو كانت غائبة عن جلسة اجتماع مجلس الأمن لاستصدار قرار يتيح التدخل العسكري في ليبيا، لكن التساؤل المحوري والرئيسي الذي كان يطرحه حكّام الكرملين في ذلك الوقت هو:- هل ستلتزم الحكومة الانتقالية بعد القذافي الزعيم باتفاقيات النسق السياسي السابق مع المجتمع الدولي؟
ويزيد هذا الخبير بقوله: لكن بما يخص سورية، ربما لو اتخذت المعارضة السورية مواقف وآليات مشابهة، عندها سيدرك الروس بكامل أجهزتهم الدبلوماسية، ورؤاهم الاستراتيجية أن المصالح المترتبة على دعم النسق السياسي السوري ورمزه الرئيس بشار الأسد لن تكون أكثر من التخلي عنه، فلو قدّمت هذه الضمانات للروس ربما كانوا سيدعمون حلاً مشابهاً للنسخة اليمينة، لكن انقضت مهلة اتخاذ مثل هكذا قرارات دون رجعة كما يؤكد هذا الخبير.
الاستراتيجية الروسية اتجاه سورية تقع الآن تحت تأثير مجموعة من الأحداث لا تنفصل عمّا يجري من أحداث في الشرق الأوسط، أهم سؤال ينفرد فيه الأمريكيون هو لماذا هذا الوفاء الروسي للنسق السياسي السوري ورمزه الرئيس الأسد؟ لماذا لا تتفق روسيا بكل بساطة مع المعارضة السورية وتنزع يدها وتوقف دعمها لحكومة دمشق؟.
قدرة الروس
لو حدث النزاع في سوريا على شيء بسيط ربما كان هناك احتمال ليتخذ الروس هكذا مواقف، انّ الدعم القوي والثابت الذي يقوم به الكرملين لدعم الرئيس الأسد ونسقه السياسي، هو نوع من أنواع التطمين لرؤساء الدول في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق القلقين على من يحل مكانهم، وبنظرة مقتضبة يجب التأكيد بأن موسكو تعارض أي خطة تتضمن تنحي الأسد عن السلطة، والموافقة المبدئية للروس كانت وفق خطة كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، لأن الروس يعتقدون أن هذه الخطة لا ترى ضرورة لتنحي الأسد عن السلطة، وفي الحقيقة هو نوع من تعاطي موسكو مع سورية يشكل معيار لاختبار قدرة الروس على زعامة منطقة آسيا المركزية، حيث المنطقة الأخيره التي كان الروس يشكّلون منذ مدة طويلة مساعد استراتيجي فيها، ولا يرغبون بترك أصدقائهم حتى في الظروف الصعبة، ويبدو هذا الموضوع واضحاً ويحظى بأهمية كبيرة في دول الاتحاد السوفيتي السابق، حيث يسعون لتبقى السلطة التنفيذية بيد الزعماء التقليديين حلفاء الروس.
دعم النسق السياسي
وتقول المعطيات، لقد مضى عقدين من الزمن على بقاء كل من رئيس أوزبكستان و قرغيزيا في رأس السلطة، وهم قلقين من قضية انتقال هادئ للسلطة دون إراقة الدماء، مع ضمان مصالح عائلاتهم والمقربين منهم بعدم التعرض لهم، ومصدر القلق الرئيسي لحكام هذه الدول يتمثل في أن يقوم الحكّام الجدد بالتضحية بمن كان قبلهم للحصول على حصة أكبر من السلطة، بناءً على هذا ليس هناك رصاصة ذهبية واحدة لتغيير موقف موسكو من سورية، بمجرد إطلاقها يمكن مثلاً تحطيم جدار معارضة الكرملين، بهذا لن يكون كافياً أي مقترح تقدمه العاصمه الأمريكية واشنطن دي سي، لإقناع موسكو للتخلي عن دعم النسق السياسي السوري والرئيس بشار الأسد، ووفقاً لهذا لا يتوقعنّ أحداً مرونة أو انفتاح في مواقف الفدرالية الروسية اتجاه سورية، و بالتالي لن يصل الكرملين والبيت الأبيض إلى اتفاق حول هذه القضية.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net