المنطقة الشرق - أوسطية الساخنة، والعربية منها تحديداً، مليئة ببؤر النزاعات والصراعات المختلفة, وخاصةً بعد حراكات الشارع العربي, وفي ساحاتها السياسية الضعيفة والقويّة على حد سواء، وذات التداعيات الأفقية والعامودية، على مجمل السياق الأمني- الجمعي للمنطقة، مع وجود روابط مفعّلة وأيادي خفية، تكمل وتغذي بعضها البعض، بين متغير بؤر هذه النزاعات والصراعات، في الساحات السياسية الأنف ذكرها, ومتغير السياق الأمني – الجمعي للشرق الأوسط ككل, عبر دور للعامل الكوني - الأميركي الأوروبي - المتقاطع في مصالحه, مع دور "إسرائيلي" لا يمكن أن نعتبره إقليمي, لسبب بسيط: فهي دولة ليست إقليمية, أي الدولة العبرية, ولن تكون كذلك لاحقاً, هكذا تشي المؤشرات السياسية والأمنية, فالسياسة معادلات حسابية, فان كانت المعادلة الرياضية التالية: 1+ 1 = 2 فإنها في كثير من الظروف = 35 أو 51 ... الخ, عندما يراد لها أن تساوي كذلك يكون, كما هو الحال الآن في سوريا, وسيكون عليه في إيران.
العامل الأميركي
العامل الأميركي, ومعه الإسرائيلي, وبعض من الأوروبي, وأفراد من الطبقات الحاكمة العربية مؤثرين بالمال, وعبر حلقات ودوائر أمنية سياسية استخبارية, يفضي كل واحد منها إلى الآخر بآليات تنفيذ, يلعب دوراً نوعيّاً وكميّاً في تأجيج وتوجيه, الصراع بمجمله في الشرق الأوسط, وهذا من شأنه أن يقود إلى تغذية بؤر الصراعات الجزئية في الساحات السياسية المختلفة, وبذات السياق والمسار يقوم هذا العامل الأممي, بتصعيد توترات هذه البؤر الصراعية الجزئية, وحراكات شارعها الشعبوي, ودفعها بمفاعيلها باتجاه التصعيد, وتوتير الوضع الكلي للشرق الأوسط, عبر علاقة هندسية تبادلية في النتائج والأهداف بين المتغيرين السابقين.
العامل الكوني
العامل الكوني, الأميركي والإسرائيلي تحديداً, يسعى إلى استخدام وتوظيف ملفات بؤر الصراع الجزئي و/ أو الكلي, في الساحات السياسية والثورات الشعبوية و/ أو حالات الحراكات الشعبية, في بعض الساحات الأخرى, لجهة إدارة دواليب مفاعيل الأزمة في الشرق الأوسط, ويستخدم الأزمات كأسلوب إدارة للصراع فيه وعليه, ويدفع باتجاه التصعيد والتوتر عندما تقتضي المصالح بذلك, وإرسال الرسائل في كافة الاتجاهات, وفي نفس الوقت يسعى ذات العامل السابق إلى التنفيس والتهدئة, عندما يكون التصعيد والتوتر في غير مصالحهما التكتيكية والإستراتيجية.
مفاعيل التعبئة الأمريكية
إن مفاعيل التعبئة الأمريكية – الإسرائيلية – الأوروبية, الآنية الممنهجة الفاعلة, ضد سوريا ولبنان وضد الفلسطينيين وضد الأردن - عبر ممارسة شتى الضغوط على الدولة والملك, لتنفيذ ما يروق ويحلو للبعض في الأفق - وحتّى العرب مجتمعين, والمدعومة من أجنحة يمينية متطرفة, في الإدارة الأميركية بتوجيه من الأيباك, تهدف إلى سلّة من الأهداف لا تخفى على السذّج من العوام, فكيف بمن تدعي أنّها من النخب في مجتمعاتها, ومع توسيع نطاق بناء وحجم المستوطنات الإسرائيلية, وتهويد جل المكونات الإسلامية العربية الرئيسية في الأراضي المحتلة لعام 1967 م, وخاصة في القدس "حشاشة" قلوبنا نحن لا قلوبهم, إن يهدف من جهة, تحويل جهود واهتمامات الفلسطينيين والعرب, من التركيز على مشكلة الترحيل والطرد من الأراضي الفلسطينية المحتلة, وإحلال وإسكان المستوطنين مكانهم ومحلّهم, مما يجعل من جهة أخرى, عمليات تهويد القدس والمقدسات الإسلامية العربية الفلسطينية أمراً واقعاً على الأرض, ليصعب التفاوض حوله مستقبلاً وعبر أي طريقة من طرق التفاوض, التي عرفتها البشرية إلى الآن, إلى التركيز ولفت الانتباه, إلى ما يجري في شوارع الدول القطرية لأمتنا العربية, مع اعترافنا بحقوق شعوبنا المنهوبة, من قبل الطبقات الحاكمة, والتي غدت أنظمة شمولية استبدادية, فمن حق القوى الشعبوية, أن تنهض من سباتها العميق, والذي بدأ هذا السبات كنوم أهل الكهف, ما بعد بعد نهايات الحرب الكونية الثانية. كما يهدف أيضاً, إلى فرض عملية شد الأطراف الأخرى في الساحات السياسية المتقابلة, بحيث يتم إشغال السوريين, واللبنانيين, والأردنيين وكافة العرب المعنيين, بمجريات الصراع العربي - الإسرائيلي , بكيفية مواجهة حراكات الشارع الشعبية, والمطالبة بحرياتها وببعض حقوقها, دون الانتباه لكيفية مواجهة الخطر العسكري الإسرائيلي المحتمل, ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى عملية ممنهجة, لصرف أنظار الرأي العام العربي والإسلامي, لتحويل النظر عمّا يحدث داخل فلسطين المحتلة لعام 1967 م من عمليات, تهويد تجري على قدم وساق في كل شيء. ومن الممكن أن يؤدي كل ما تم ذكره, إلى إشعال دراماتيكي للحرب, لاستعادة قوّة الردع الإسرائيلية, وإضعاف حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية, ويبقى ذلك مجرد احتمال والاحتمال في السياسة ليس يقيناً.
الأهداف التكتيكية
الدولة العبرية, تستخدم تحقيق الأهداف التكتيكية, لصياغة وإنتاج الاستراتيجي منها بإتقان, بحيث الأمر الاستراتيجي المفروغ منه, يتمثل في السيطرة على أراضي الغير العربي الإستراتيجية منها, وإكمال عمليات تهويدها والقضاء على أي احتمالات لنشوء المقاومة الوطنية, مع سعي حثيث لها إلى مزيد, من توريط واشنطن في أزمات الشرق الأوسط المختلفة, كي يقود ويؤدي ذلك إلى تسهيل مهمات الجناح اليميني المتطرف – المحافظين الجدد بنسخهم المستحدثة - في إدارة الرئيس باراك أوباما. مع سعيها الآخر لخلق مصادر تهديد وخطر محدق, في ظاهرها حقيقي وفي باطنها وهمي مفترض, كي تستطيع إسرائيل الحصول على المزيد المزيد, من القدرات والمقدّرات المختلفة من واشنطن, وخلق مبررات ابتزاز مقنعة لأميركا وحلفائها من الدول الغربية, مع دفع دول خليجية عربية على مزيد من الحلقات التطبيعية معها. وتشي معلومات الكثير من تقارير, أجهزة الاستخبارات الدولية في المنطقة, بأنّ هناك مشروع إسرائيلي – أميركي لنشر وبناء قدرات نووية, لموازنة القدرات النووية الإيرانية, سيتم بناء بعضها ونشر الآخر في دول خليجية عربية, وذلك بموجب اتفاقيات أمنية خاصة, فماذا يعني ذلك؟!. أعتقد أنّه يتموضع ويتبلور, متمحوراً بالمعنى الإستراتيجي التالي: فكرة التعايش مع إيران النووية, صارت مقبولة لدى الأسرائليين, وصار العقل الاستراتيجي الأمني الإسرائيلي, أكثر اهتماماً وتوظيفاً وتوليفاً, لفكرة مفهوم إيران النووية, ليحقق مزيد من المكاسب المختلفة, ومزيد من فتح نوافذ الفرص المهدورة في السابق من الزاوية العبرية, وفي مقدمتها تعظيم المنافع لجهة التقدم في مشروع التطبيع الإسرائيلي مع دول الخليج, مع تقليل المخاطر المختلفة على إسرائيل نفسها, وذلك عبر الضغط من أجل إعادة تنميط العلاقات والروابط, من أجل فصمها أو التقليل من حرارتها بين أطراف مربع (سوريا, حزب الله, المقاومة الفلسطينية, وإيران) من منظور العامل الأميركي – الإسرائيلي – وبعض من الدول الأوروبية, في متغير مجريات السياق الأمني الجمعي في الشرق الأوسط, والذي يعمل على إضعاف الحلقة الإيرانية, عبر إضعاف سوريا وباقي حلقات محور الممانعة.
استهداف القوى الممانعة
وتتحدث المعلومات, بعدم حدوث مواجهات عسكرية على المدى القصير في المنطقة, بالرغم من وجود طائرات إسرائيلية مقاتلة ومتطورة, في بعض القواعد الأمريكية في المنطقة والعراق تحديداً, مع اندلاع مواجهات دبلوماسية قويّة حول المنطقة وفيها, حيث ابتدأت بحملة بناء الذرائع الجديدة, حول موضوعة صواريخ سكود وغيرها, العاملة بالوقود السائل, والتي تحتاج إلى أكثر من ثلاثة أرباع الساعة لإطلاقها؟!. وفي ظني وتقديري, أنّ استخدام الأزمات كأسلوب إدارة, في تفعيل أزمة حملة بناء الذرائع الجديدة, سوف يؤدي إلى تفعيل أزمة داخلية لبنانية حول أسلحة حزب الله اللبناني والمقاومة, وهذا من شأنه أن يقود إلى إعادة إنتاج إشعال الساحة السياسية اللبنانية, والساحات السياسية الضعيفة الأخرى, وكما من الممكن أن يؤدي كل ذلك, إلى قرارات دولية جديدة تستهدف قوى محور الممانعة في المنطقة, وخاصةً سوريا ولبنان وإيران وحماس وحزب الله والمقاومات الأخرى, التي من الممكن أن تنشأ لاحقاً في المنطقة, تبعاً لمجريات متغير العامل الدولي, ومتغير بؤر الصراعات الجزئية في الساحات السياسية الضعيفة والقوية في المنطقة.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net