ابراهيم خطيب في مقاله:
كلنا نخاف من المستقبل وما يمكن أن يحدث وهنا يكون الادعاءات أن سوريا ستصبح ضعيفة او دولة مفتتة طائفياً أو دولة فاشلة
متابع لأقوال الشبيحة ومن يناصر النظام يسوق الادعاءات كتبرير لدعمه للنظام وهو في هذا المنطق يحاول تحويل التهمة عنه بنسبها للاخرين
لا شك أن سوريا احتضنت المقاومة الفلسطينية واللبنانية وكانت سنداً لها لحد ما ولكن هل بزوال النظام يصبح الشعب السوري عميلاً ويكره المقاومة؟
معضلة الحالة السورية تكمن في الحالة المركبة التي تعيشها الثورة السورية والتشابك في القضايا والطروحات التي تفقد البعض البوصلة في تقييمه للحالة السورية، وعليه جاء هذا المقال ليوضح هذا التشابك ويصوّب البوصلة. ومع تأكيدنا على دعمنا الكامل لثورة الحرية السورية وهدفها لإسقاط النظام، نوضح هنا تهافت اقول مناصري النظام والتي هي صادقة في صورتها ولكنها ليست مقبولة في تفسيرها ودلالتها.
1- "دول الخليج ليست افضل من سوريا":
كل متابع لأقوال الشبيحة ومن يناصر النظام يسوق هذا الادعاء كتبرير لدعمه للنظام وهو في هذا المنطق يحاول تحويل التهمة عنه بنسبها للاخرين. نعم أنا اوافقهم الرأي أن دول الخليج والدول العربية الاخرى هي كذلك دول فيها قمع للحريات وامتهان لكرامة الانسان، ولكن هل هذا يبرّر أن يقوم النظام السوري بما يقوم به من قتل وتذبيح للناس؟
وعليه نحن مع الثورة السورية الداعية للحرية والكرامة وكذلك الأمر مع كل ثورة شعبية تقوم في كل الدول العربية ونناصرها، وبالمناسبة نحن مع ثورة الشعب البحريني كل الشعب البحريني بمختلف طوائفه وسعيه لبناء دولته المبنية على الحرية والكرامة وتداول السلطة والحفاظ على استقلال بلاده، فلا تقبل الازدواجية بالمعايير! اذاً نحن مع التحرر من الظلم أينما كان، الدور الآن في سوريا ونتمنى انتقاله للدول الاخرى التي فيها الظلم والاستبداد والقمع وسلب حريات الناس.
2- "مصالح في سوريا":
نعم اوافقكم الرأي ايها الشبيحة وكل من يناصر النظام أن هناك مصالح لدول وأطر كثيرة في سوريا ويجب التنبه لها وأخذها بعين الاعتبار، ولكن أليست هناك مصلحة للشعب السوري وهي الأهم؟ ومصلحة الشعب السوري وما يسعى اليه هو في نيله لحريته وكرامته والتحرر من تسلط الحزب الواحد واقامة دولة تحترم القانون وفيها تداول سلمي للسلطة، اذاً الهدف الاهم لنا جميعاً يجب أن يكون بأن نحقق مصلحة الشعب السوري وحقه في الحرية والكرامة ونحافظ على سوريا من مطامع الطامعين فيها.
3- "سوريا تدعم المقاومة":
لا شك أن سوريا احتضنت المقاومة الفلسطينية واللبنانية وكانت سنداً لها لحد ما، ولكن هل بزوال النظام يصبح الشعب السوري عميلاً؟؟؟ ويكره المقاومة؟ اذا أجبنا بالايجاب فيكون معنى الأمر أن الشعب السوري خائن! وإن اجبنا بالسلب فما يمنعنا أن ندعم الثورة السورية؟ ويجب التأكيد أنه لا يمكن استغلال قضية فلسطين ومناصرتها لقمع الشعب السوري، ولا يمكن أن يقبل الفلسطيني أن يقتل السوري وتمتهن كرامته لأجل قضية فلسطين فالحرية والكرامة يجب أن تكون لكل الشعوب.
4- "إن ضد امريكا اينما كانت":
هذا الادعاء يسوقه الكثر لتدليلهم على صدق موقفهم في دعم النظام، فكون امريكا مكروهة في العالم العربي والاسلامي لدعمها اللا محدود لإسرائيل فلا يمكن ابداً أن تكون في مصلحة العرب والمسلمين ويجب أن نكون في الصف المناوئ لها. وفي هذه النقطة اقول أن هذه النظرة السطحية للأمور من أسوأ ما يكون فلأمريكا مصالحها في العالم العربي والاسلامي التي تسعى لتحقيقها، ولا يمكن لأي شخص أن تكون مواقفه تبعاً لما يخالف مصالح الاخرين وهنا نسوق بعض الأدلة لمواقف متناقضة لأمريكا وروسيا كقوى عظمى:
امريكا كانت مع تحرير كوسوفا وشاركت في عمليات حلف شمال الاطلسي لانقاذ الشعب هناك!
ولكن امريكا هي من قامت بالحرب على العراق وافغانستان ايضاً!
أمريكا وقفت لحد ما مع الثورة المصرية والتونسية والليبية ولكنها بنفس الوقت هي من تسلح اسرائيل! وبالمقابل روسيا هي من احتلت افغانستان وقتّلت المسلمين في الشيشان وأول من اعترف بأسرائيل، ولكنها بالمقابل هي من دعمت الفلسطينيين في اكثر من محفل واستقبلت قيادة حماس في عدة لقاءات وساعدت سوريا وايران. اذاً لا يمكن القول إن موقفنا يحدده مواقف الاخرين فللأخرين مواقفهم التي تحددها مصالح دولهم، وانما يجب ـن يكون موقفنا هو وفق قيم ومبادئ ومصالح الشعب.
5- "الخوف من المستقبل" :
كلنا نخاف من المستقبل وما يمكن أن يحدث، وهنا يكون الادعاءات أن سوريا ستصبح ضعيفة او دولة مفتتة طائفياً أو دولة فاشلة. وكلها ادعاءات جديرة بالاعتبار ولكن هل الخوف من هذا المستقبل يجعلنا نقبل بالقمع والظلم وامتهان كرامة الانسان بهذه الحجة، أم أنه يجب علينا أن نسعى كلنا لدعم سوريا حرة قوية والسعي بكل السبل لذلك. وهنا أؤكد لكل شخص يناصر الثورة السورية أن الامر لن يكون بهذه السهولة ولن تنهض سوريا كدولة قوية بسرعة انما ستحتاج لسنوات عديدة وستمر بعثرات حتى تعود قوية، ولكن المميز بسوريا الجديدة أنها ستكون مبنية على مفاهيم الحرية والكرامة واحترام الانسان وحريته وبذلك ستكون دولة قوية ومؤثرة يحرص أبناؤها على أن يكون لها مكانتها وقوتها على الصعيد الاقليمي والدولي.
6- "الخوف من المد الاسلامي":
أما هذه فمشكلة نفسية عند شبيحة النظام حصلت عقب تفوق الاسلاميين في الدول التي نجحت بها الثورات، وما دام الاسلاميون يحترمون الانسان وكرامته ويأتون بصناديق الاقتراع ويؤمنون بتداول للسلطة (واذا لم يردهم الشعب يسقطهم او يثور عليهم)، فالخوف منهم هو مشكلة نفسية، ونظرة مصلحية ضيقة، وبعيدة كل البعد عن الديموقراطية التي يتحدثون بها، وعليه فهذا الخوف لا يمكن تفسيره الّا وفق هذا السياق. في النهاية يجب التأكيد على أن البوصلة التي يجب أن توجهنا في الحالة السورية والتي تقودنا لبر الأمان في فهم الحالة السورية، هو قضية ترتيب الاولويات وفهم أن كرامة الانسان والمبادئ والقيم وإن كانت تواجه وتقاتل بمخارز المستبدين أو المنتفعين أو كل من له مصلحة، ولكنها في النهاية هي التي ستفوز لأن الحق هو الأقوى والمنتصر.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net