الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 11:01

لماذا توقفت المفاوضات؟/ بقلم: خالد منصور

كل العرب
نُشر: 23/03/12 11:30,  حُتلن: 07:27

خالد منصور في مقاله:

ليس لدى إسرائيل مشروع سلام وهذا يتضح من خلال الاطلاع على مواقف قادة كبار في دولة إسرائيل مثل شارون ونتنياهو

الإسرائيليون لهم رؤيتهم الخاصة المخالفة لرؤية الفلسطينيين تجاه نهاية المفوضات ولم يقدموا عرضا يتفق مع مرجعية عملية السلام

إسرائيل كانت وهي تفاوض الفلسطينيين تدمر الإمكانية الواقعية لإقامة الدولة الفلسطينية وهي عملت وبشكل مدروس على إحداث تغييرات جذرية ديمغرافية واسعة على الأرض

وجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل وصلت إلى الحكم بأصوات المستوطنين وغلاة المتطرفين من دعاة بالترانسفير يجعل استحالة في التوصل إلى سلام حقيقي وعادل

سنين طوال والقيادة الفلسطينية تعتبر المفاوضات خيارها الوحيد، بدا ذلك من مفاوضات مدريد في العام 1992 ، وتكرس يعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ في أوسلو في العام 1993.. لكن ماذا حصدت القيادة الفلسطينية من هذه الإستراتيجية..؟؟ كان حصاد هذه السنوات صغيرا جدا أو انجازا هشا، لا يرتقي إلى الطموحات بل وهو اخذ بالضمور والتآكل، نظرا لأن إستراتيجية الخصم كانت تقوم وكما أوضح ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق شامير عند قبوله مرغما المشاركة في عملية التسوية بفعل الضغط الأمريكي ( سأجعل المفاوضات تستمر لسنوات أملأ الأرض فيها بالمستوطنات )..
ليس لدى إسرائيل مشروع سلام، هذا يتضح من خلال الاطلاع على مواقف قادة كبار في دولة إسرائيل مثل شارون ونتنياهو، اللذان صوتا ضد اتفاقية أوسلو عندما عرضت على الكنيست الإسرائيلي.. كما يتضح ذلك من مقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين الذي وقع الاتفاق على يد متطرف إسرائيلي..

اتفاق أوسلو
لقد وقعت القيادة الفلسطينية اتفاق أوسلو الذي هو إعلان مبادئ، ودخلت في عملية تفاوضية لتحقيق أهداف ذلك الاتفاق، والتي كانت تنص على إقامة دولة فلسطينية في العام 1999 .. لكن ورغم عشرات الجولات من المفاوضات الثنائية المباشر إلا أن شيئا لم يتحقق، ولم تتوصل المفاوضات إلى شيء يذكر، ولم تقم الدولة الفلسطينية كما كان مفترضا .. ثم بدأت مفاوضات كامب ديفيد المكثفة، واتضح خلالها أن الإسرائيليين لهم رؤيتهم الخاصة المخالفة لرؤية الفلسطينيين تجاه نهاية المفوضات، ولم يقدموا عرضا يتفق مع مرجعية عملية السلام، الأمر الذي دفع الفلسطينيين وممثلهم في المفاوضات الرئيس الراحل أبو عمار لرفض العروض الإسرائيلية، الأمر الذي جعل الشعب الفلسطيني يفقد ثقته بالمفاوضات، وينزل إلى الشوارع، ويخوض انتفاضة شعبية ثانية-- استطاعت إسرائيل تحويلها إلى انتفاضة مسلحة ( عسكرتها ) وأغرقتها بالدماء.. وأعادت سيطرتها الأمنية على كل المناطق الفلسطينية بما فيها مناطق A .. ثم بدأت حلقات جديدة من المفاوضات، لكن إسرائيل ولغاية اليوم لم تعد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 28/9/2000 .

إستغلال المفاوضات
لقد استغلت إسرائيل المفاوضات بشكل خطير، وضاعفت من حجم الأراضي المصادرة وعدد المستوطنات والمستوطنين، وفق خطة ممنهجة لم تتوقف ولم تتأثر بالمفاوضات .. وأقدمت إسرائيل على إقامة جدار الفصل العنصري ( جدار الضم والتوسع الاستيطاني )، والادعاء أنه جدار امني، لكن الحقيقة اتضحت، وظهر أنه جدار ذو أهداف سياسية، يمثل حلقة كبيرة من حلقات نهب الأرض الفلسطينية وثرواتها المائية، ويعمل على تقطيع أوصالها وتحويلها إلى جزر ومعازل، لا يمكن أن تكون قابلة لإقامة دولة فلسطينية موحدة وذات سيادة. وباختصار فان إسرائيل كانت وهي تفاوض الفلسطينيين، تدمر الإمكانية الواقعية لإقامة الدولة الفلسطينية، وهي عملت وبشكل مدروس على إحداث تغييرات جذرية ديمغرافية واسعة على الأرض.. وظهر أن إسرائيل كانت تفاوض من جهة وتعمل من جهة أخرى على تدمير أو قتل النتيجة المتوقعة والمفترضة للمفاوضات، وهي إقامة الدولة الفلسطينية..

الوعود الأمريكية
أما القيادة الفلسطينية الرسمية فقد كانت وطوال الوقت تراهن على المفاوضات وعلى الوعود الأمريكية الراعية للمفاوضات، ، كما أن هذه القيادة لم تستخدم أي من أوراق الضغط على إسرائيل، بعكس إسرائيل التي كانت تفاوض وفي نفس الوقت تواصل قواتها ومستوطنيها ارتكاب الجرائم وتغيير الوقائع على الأرض.. وقد ظلت القيادة الفلسطينية ترفض اشتراط الاستمرار بالمفاوضات بوقف الاستيطان. وواصلت رفع شعار أن المفاوضات هي الخيار الوحيد. لكن ذلك بدا يتغير الآن.. واستخلصت القيادة الفلسطينية العبر من تجارب المفاوضات السابقة، شجعها على ذلك ما تحدث به الرئيس الأمريكي باراك اوباما عند قدومه للحكم حين طالب إسرائيل بوقف الاستيطان.. الأمر الذي جعل القيادة الفلسطينية تتخذ قرارا بوقف المفاوضات واشتراط عودتها بوقف الاستيطان وبقبول إسرائيل بمرجعية واضحة للمفاوضات أساسها قرار 242 ومبدأ الأرض مقابل السلام والقبول بحل الدولتين إضافة إلى تحديد سقف زمني للمفاوضات.

المطالب الفلسطينية
إن رفض إسرائيل لهذه المطالب الفلسطينية التي هي واردة في خطة خارطة الطريق الأمريكية، يكشف بوضوح أن إسرائيل غير معنية بعملية سلام جادة توصل إلى سلام عادل ودائم.
إن إدراك القيادة الفلسطينية بأن إسرائيل تماطل وتطيل عمر المفاوضات لكسب الوقت لإتمام مشروعها الاستيطاني في نهب ما تبقى من الأرض الفلسطينية قد دفع القيادة الفلسطينية للمبادرة بهجوم سياسي حين طلبت نقل ملف القضية الفلسطينية للأمم المتحدة، وحين تقدمت بطلب نيل عضوية دولة فلسطين في المؤسسات الدولية.. وقد اظهر صمود القيادة الفلسطينية على موقفها المتمثل بالتوجه للأمم المتحدة-- رغم الضغوط الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية-- اظهر أن أوساطا مهمة في القيادة الفلسطينية قد أدركت أن اكبر جريمة هي مواصلة التفاوض في ظل تواصل الاستيطان، لان إسرائيل كانت تستغل وجود عملية تفاوضية شكلية لمنع تدخل العالم ومنع تحركه الضاغط عليها لوقف انتهاكاتها لكامل المواثيق والقرارات الدولية وخاصة في موضوع مصادرة الأراضي وتغيير الواقع السكاني.

مصادرة الأراضي
إن إصرار إسرائيل على مواصلة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وتغيير الواقع السكاني في القدس وفي مناطق الأغوار عبر سياسة التطهير العرقي .. إن هذا الإصرار هو العائق الرئيسي لاستئناف المفاوضات.. يضاف إليه رفضها القبول بمرجعية وسقف زمني للمفاوضات، ورفضها الاعتراف بالأراضي الفلسطينية كأراضي محتلة واستمرار طرحها بان الأراضي الفلسطينية هي أراض متنازع عليها.. كما أن وجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل-- وصلت إلى الحكم بأصوات المستوطنين وغلاة المتطرفين من دعاة بالترانسفير-- إن ذلك يجعل استحالة في التوصل إلى سلام حقيقي وعادل. لكن ذلك الموقف المتشدد والمتغطرس للحكومة الإسرائيلية جعلها محل نقد من المجتمع الدولي الذي ظهر بغالبيته عدا الولايات المتحدة يطالبها فيه بوقف الاستيطان ..

اللقاءات الاستكشافية
ونزولا عند رغبة المجتمع الدولي وخاصة اللجنة الرباعية فقد قبلت القيادة الفلسطينية المشاركة في اللقاءات الاستكشافية .. لكن هذه اللقاءات التي جرت في عمان لم تسفر عن شيء ورفضت إسرائيل إعطاء تصور واضح في موضوعي الحدود والأمن وقد تبين من خلال تلك اللقاءات خطورة ما تطمح إليه إسرائيل في ملفي الحدود والأمن وهو ما يعني ان إسرائيل لا تريد حلا على أساس دولتين .
إن ثبات موقف القيادة الفلسطينية يعتمد بالأساس على قدرتها على تحمل الضغوط الإسرائيلية والأمريكية والعربية، وهي ضغوط متنوعة الأشكال-- عسكرية ودبلوماسية واقتصادية-- وهذا الصمود لن يستمر إلا إذا حصنت القيادة جبهتها الداخلية بإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة الوطنية، وكذلك بقدرتها على تعزيز ثقة الشعب بها، والتفافه حولها من خلال الاهتمام بأوضاع الجماهير المعيشية، وتامين الدعم الكافي سياسيا وماديا للمقاومة الشعبية.. فهل تفعل القيادة ذلك وتواصل الصمود على هذا الموقف الذي يحظى بإجماع فلسطيني واسع؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة

.