الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 03:01

د.يسري خيزران يكتب: قرائة في الموقف الاسرائيلي من الأزمة السورية

كل العرب-الناصرة
نُشر: 01/10/11 07:50,  حُتلن: 14:10

أهم ما جاء في المقالة:
من الواضح الآن آن سقوط نظام البعث في ظل غياب بديل سياسي واضح سيؤدي إلى فوضى لن تكون خلاقة بقدر ما ستكون هدّامة

تصريحات المسؤولين الاسرائيليين خصوصاً وزير الدفاع ايهود براك عكست توقعات سقوط نظام الاسد خلال مدّة لا تتجاوز العام. حيث صرّح الاخير أن الاسد فقد شرعيته ولن يتمكن من البقاء في السلطة واذا ما بقي فيكون ضعيفاً مستضعفاً

في ميزان الربح والخسارة يبدو من تصريحات المسؤولين الاسرائيليين أن إسرائيل لن تأسف على انهيار نظام البعث نظراً لما في ذالك من تقويض للمحور الايراني وحلفاءه في المنطقة. ذلك رغم ادراكها للمخاطر التي قد تنجم عن سقوط النظام

نشر الصحافي الاسرائيلي المتخصص في الشؤون الامنية والعسكرية شلومو نكديمون مؤخراً مقالاً في صحيفة هآرتس تحدث فيه عن خطه اسرائيلية سميت " ملف لافي" أُعدّت في خمسينيات القرن الماضي وتهدف الى تفتيت سوريا ولبنان الى دويلات طائفية. كما يشير الكاتب في مقاله الى انه تمّ استدعاء البروفيسور وضابط الاستخبارات العسكرية يوفال نأمن للاشراف عن كثب على المشروع.

وفي حقيقة الامر فان هذا الاخير كان على مدى سنوات طويلة رئيس لجنة الطاقة النووية الاسرائيلية ومستشاراً امنياً للعديد من الحكومات الاسرائيلية , نشر في العام 1983 مقالاً بعنوان " اهداف قومية" اعتبر فيه انه يتوجب على اسرائيل ان تدرس بشكل جدّي خيار تفتيت الدولة السورية الى كيانات ودويلات صغيرة واعتبار ذلك هدفاً يخدم الامن القومي الاسرائيلي .
 
سوريا العدو اللدود
وفي الواقع كنت قد اجريت في نيسان عام 2000 لقاءاً مُسجّلاً مع البروفيسور في مكتبه في تل ابيب نأمن ابلغني حينه ان سوريا شكلّت على الدوام العدو اللدود لاسرائيل وانه الحلّ الافضل للتعامل مع الحالة السورية لا يكمُن في صنع السلام معها واعادة الجولان بل تفكيكها وتفتيتها الى وحدات ودويلات صغيرة, الامر الذي من شأنه ان يزيل التهديد لاسرائيل. وهنا يتسأل المرءُ هل ان هذا التصور لا زال يحكم الموقف الاسرائيلي من سوريا الآن؟ امّ ما هي حقيقة الموقف الاسرائيلي من كال ما يجري في سوريا ؟ تصريحات المسؤولين الاسرائيليين خصوصاً وزير الدفاع ايهود براك عكست توقعات سقوط نظام الاسد خلال مدّة لا تتجاوز العام. حيث صرّح الاخير ان الاسد فقد شرعيته ولن يتمكن من البقاء في السلطة واذا ما بقي فيكون ضعيفاً مستضعفاً.( هآريتس 14 حزيران 2011 ).وزير الخارجية ليبرمان كان اكثر وضوحاً في شماتته من النظام السوري حيث دعا دول الاتحاد الاوروبي الى سحب السفراء من دمشق مطالباً بخطوات عمّلية ضد نظام البعث ورافضاً في الوقت ذاته التدخل العسكري في سوريا من جانب اسرائيل ( هآريتس 14 حزيران 2011 ).كما نقلت صحيفة هآريتس عن مسؤولين عسكريين كبار قولهم ان نظام الاسد آيل الى السقوط لا محالة. (هآريتس 3 حزيران 2011 ).

 إِزدواجية في الموقف الاسرائيلي
رئيس الاركان بيني جانتس قال في السيّاق ذاته ان الاسد نفسه لا يعرف كيف ستبدو سوريا في الغد القريب وان هذه الضبابية تثير قلقُنا بالقدر نفسه الذي تقلق الاسد نفسه.( المصدر ذاته).يستشف من كلّ هذه التصريحات حالة من الإِزدواجية في الموقف الاسرائيلي من الأزمة السورية.فمن الناحية الاولى اسرائيل لن تترحّم على زوال نظام البعث المتحالف مع ايران وحزب الله وذلك ان سقوطه سيوجه ضرّبةَ مؤلمة لحزب الله في لبنان وسيضعف الى حدّ كبير الدور الايراني في المنطقة إِلآ ان من الناحية الآخرى فإن سقوط النظام قد يفتح الباب امام حالة فوضوية تمتدّ تداعياتها الى هضبة الجولان عدا عن هذا فإن مصير الترسانة العسكرية الصاروخية والكيماوية التي يمتلكها الجيش السوري في حالة سقوط النظام هي مصدر قلق عميق لدى الدوائر السياسية والامنية الاسرائيلية, وقد تستدعي تدّخلاً عسكرياً اسرائيلياً لتدميرها ومنع وصولها الى منظمات وجهات معادية لاسرائيل مثل حزب الله. اضف الى ذالك كلّه ان سقوط النظام قد يؤدي الى تفعيل جبهة الجولان التي طالما بقيت هادئة على مدى اربعة العقود الماضية, نظراً لادراك النظام السوري عجزه عن الخوض منفرداً حرب تقليدية ضد الجيش الاسرائيلي.ففي ميزان الربح والخسارة يبدو من تصريحات المسؤولين الاسرائيليين ان اسرائيل لن تأسف على انهيار نظام البعث نظراً لما في ذالك من تقويض للمحور الايراني وحلفاءه في المنطقة. ذلك رغم ادراكها للمخاطر التي قد تنجم عن سقوط النظام . ففي كلّا الحالتين ليس لاسرائيل سيطرة على ما يحدث في سوريا وهي غير قادرة على التأثير على مسار التطوّر التاريخي هناك إلا اذا اقدمت على عمل عسكري معين الامر الذي لا يبدو وارداً في الحسبان في الوقت الراهن.وبالتالي تبقى اسرائيل في حالة ترقبّ متمنيةً ان يُسفر سقوط النظام عن صعود نظام جديد ذات طابع سُني محافظ مُقرّب من السعودية يكون مُستنفراً ضد ايران وحلفاءها الذين عاضدوا نظام البعث ولعل في مشاركة ملهم الدروبي المكلّف بادارة العلاقات الدولية في جماعة الاخوان المسلمين في مؤتمر باريس " دعم الثورة السورية" الذي عقد بمبادرة المفكر الفرنسي اليهودي الأصل والصهيوني برنار ليفي اشارة اولى على التوجهات السياسية المستقبلية للاخوان المسلمين في سوريا.

سقوط نظام البعث
من المستبعد ان يؤدي إنهيار سوريا الدوله إلى إثارة شهية اسرائيل لأن تحاول تنفيذ مخطط لافي ليس لان اسرائيل حريصةٌ على وحدة الاراضي السوريه بل بسبب الفشل الذريع الذي لاقته مشاريعها التفتيتيه خصوصاً مع اليمين المسيحي في لبنان والاكراد في العراق ومشروع الدوله الدرزيه الذي طرح في اعقاب هزيمة عام 1967. فهذا الفشل لن يشجع اسرائيل بالضروره على محاولة اعادة الكره.  يبقى ان تفتّت سوريا الى كيانات طائفية لن يكون بالضرورة في صالح اسرائيل. فهل التعاطي مع عدّة كيانات هشّة افضل من التعاطي مع حكومة مركزية تضبط الامور من دمشق؟ وهل ستكون هذه الكيانات كلها مطوعة مسالمة تجاه اسرائيل؟ الا يفتح انهيار سوريا الباب امام تدّخلات اقليمية لقوى معادية او مناهضه للدولة العبرية؟ اليس من الممكن ان تتحوّل بعض هذه الكيانات الى قواعد انطلاق ضد اسرائيل من خلال توظيف النزاعات المذهبية والمصالح الفئوية لبعض الجماعات الاهلية في سوريا؟ ام هل تمتلك الدولة العبرية اصلاً الإِمكانيات المادية واللوجستية لتنفيذ هكذا مشروع لتفتيت سوريا؟ فمن الواضح الان ان سقوط نظام البعث في ظل غياب بديل سياسي واضح سيؤدي الى فوضى لن تكون خلاقة بقدر ما ستكون هدّامة. ولعَّل القلق من هكذا مصير يفسّر مبادرة الجامعة العربية الاخيرة والتردد في الموقف الغربي من التدخل العسكري واستمرار الترّقب الاسرائيلي الحذر لحركة الحراك الشعبي في سوريا.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة

.