الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 06:01

قصص بلدة سلوان في رمضان: إبعاد عن الأرض وأصوات ضائعة لا تُسمع

تقرير ديالا جويحان
نُشر: 16/08/11 18:50,  حُتلن: 23:06

الاحتلال سرق طفولة بلدة سلوان لتجريدهم من محتواهم الأخلاقي والوطني وجعلهم عبء على المجتمع

المبعد عدنان غيث استقبلت شهر رمضان بصعوبة بسبب بعده عن أبناءه وزوجته وعائلته رغم انه ليس الأول في رمضان وهو بعيد عن أسرته أثناء فترة اعتقاله داخل سجون الاحتلال

الشاب عامر عباسي : اعتصر آلماً كل صباح ومساء وكأنني لست إنسانا من لحمٍ ودم وابن هذه الأرض أعيشها بحلوها ومرها


المبعد أحمد السلايمة ناشد المؤسسات الحقوقية والإنسانية بان تنظر للقضية المتعلقة بقضية الابعاد عن مكان السكن لفترات طويلة دون تحديد المدة الزمنية

شاهر زيدان ابن العشرين عاماً من قرية سلوان فرض عليه السجن المنزلي منذ ثلاثة شهور ولا يرى سوى أركان وحيطان المنزل ومن نافذته يرى نور الدنيا

حكاياتُ لا تنتهي في قرية سلوان جنوب المسجد الاقصى المبارك تروى من شبابها وأطفالها وفي هذا العام حل شهر الخير والبركة والأوصال تتقطع بين الأبناء والأهل لتعيش العائلات في القرية بظلام رمضان رغم الإضاءات والأنوار التي تنير المنطقة أينما تجوب ناظريك.


 
شبح المستعربين والقوات الاسرائيلية الذي انتشرت مع بداية شهر رمضان في كل مكان لتقتحم المنازل في وقت السحور وصلاة الفجر لاعتقال المزيد من الأطفال والشبان، وتفرض عليهم أقسى العقوبات إما السجن الفعلي أو الإبعاد او السجن المنزلي دون تحديد المدة، أو ترى منظرا فيه يتم إطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع على المسحراتي بدعوى ان صوته يسبب الإزعاج للمستوطنين الذين استولوا على منازل المواطنين المقدسيين! وعن الابعاد والتأثيرات النفسية الذي يعاني منها المبعدون عن قريتهم وحرمانهم من مشاركة ذويهم الأفراح والأحزان، لذلك كان لمراسلتنا في القدس المحتلة لقاءً مع عدد من المبعدين عن القرية ليتحدثوا عما يجول بخاطرهم لعل وعسى ان تسمع أصواتهم الضائعة بين الأوراق والملفات التي لا تعد ولا تحصى دون التحرك من اجل إنقاذهم من سياسة الابعاد من مكان سكناهم الذي تقترفها المؤسسة الاسرائيلية من اجل السيطرة على ما تبقي من مدينة القدس. 

رمضان بعيدا عن الأسرة
قال المبعد عن بلدة سلوان لمدينة رام الله منذ سبعة شهور عدنان غيث أمين سر حركة فتح وعضو لجنة الدفاع عن أراضي حي البستان، بسبب نشاطه السياسي والوطني داخل قرية سلوان ولتصديه ماتقوم به المؤسسة الاسرائيلية اتجاه أبناء شعبه،استقبل شهر رمضان بصعوبة بسبب بعده عن أبناءه وزوجته وعائلته رغم انه ليس الأول في رمضان وهو بعيد عن أسرته أثناء فترة اعتقاله داخل سجون الاحتلال، وصعوبة هذا العام انه لا يبعد سوي أمتار لا يستطيع ان يشارك أفراد أسرتهُ مائدة الإفطار وأداء صلاة الجمع والتراويح في المسجد الاقصى المبارك. وأضاف المبعد غيث، بان هذا الشهر الفضيل له ميزه ونكهة خاصة لدي المسلمين في مدينة القدس حيث تختلف عن أي بقعة على وجه الأرض، ولكن رغم أنني في مدينة رام الله لا اشعر بطعم شهر رمضان بسبب بعدي عن بلدة سلوان المكان الذي ولدت فيه وعشت وتزوجت وانجنبت أبنائي الأربعة، وعدم مشاركتي لعائلتي وأصدقائي هذا الشهر الفضيل والمبارك لدي المسلمين.

أولادي لا يتفهمون إبعادي
وعن استقبال أسرتك لهذا الشهر الفضيل، قال غيث، رغم مشاركة أبنائي لمائدة الإفطار لمرة واحده من هذا الشهر شعرت بحزن شديد عند ذهابهم كما آثر سلبا بداخلي عندما طالبني ابني قصي ابن الثلاث سنوات بان أعودَ معهم لبلدة سلوان وان ابقي بجوارهم لكن الصمت غلب على دون إعطاءه ايجابية عن سبب إبعادي عن المنزل لصغر سنهُ، وعند التواصل مع أسرتي عبر الهاتف اشعر باستياء شديد وتأثيرات سلبية لديهم بسبب مشاركة الآباء مائدة الإفطار اليومية بالإضافة لمشاركتهم موائد صلة الرحم واصطحاب الأبناء لأداء الصلاة في المسجد الاقصى ، وولدهم بعيد عنهم يقفُ عاجزاً عن تقديم ابسط الحقوق لديهم.

 تصعيد سياسة الابعاد
وأكد غيث بأنه شئ مؤلم ما تمر به بلدة سلوان من اعتقال واقتحامات يومية منذ بداية شهر رمضان وسياسة الابعاد، حيث سرق الاحتلال طفولة بلدة سلوان لتجريدهم من محتواهم الأخلاقي والوطني وعبء على المجتمع بسبب عدم استكمالهم لمراحل التعليم وعدم قبولهم في مواقع العمل بسبب الاعتقال المستمر بحقهم، كما ان أعداد كبيرة من شبان وقاصرين من بلدة سلوان تم إبعادهم لكل من مناطق عناتا، وبيت صفافا، وبيت حنينا، وصورباهر، والأعداد عم تتزايد من حملة الاعتقالات والإبعاد بسبب استكمال المخطط اليهودي ضد أبناء مدينة القدس. وقال، بان المؤسسة الاسرائيلية تسعي دائما بتهويد واسرلة مدينة القدس بشتي الطرق منذ اليوم الأول لاحتلالها عام 67.

رمضان من سلوان الى حيفا
واستمراراً لسياسة المؤسسة الاسرائيلية بحق شبان بلدة سلوان وحرمانهم من العيش بكرامة وحرية التنقل والتواصل الاجتماعي بين الأقارب والأصدقاء، ولا يبقى للشبان المبعدين عن قريتهم سوى التواصل معهم عبر "الجهاز الخلوي" للاطمئنان عن صحة الاهل وليقدموا تهانيه بحلول شهر رمضان والتواصل بينهم عبر شبكة الانترنت والموقع الاجتماعي "الفيسبوك" . حيث التقت مراسلتنا بالقدس المحتلة عبر الموقع الاجتماعي " الفيسبوك" مع الشاب عامر ناصر احمد العباسي 18 عام ونصف المبعد عن بلدة سلوان منذ ستة أشهر لمدينة حيفا ليقول:" ما أصعب تلك اللحظات عندما يحل شهر رمضان المبارك وأية مناسبة أخرى إما فرح أو حزن وأحد أفراد العائلة لم يشاركهم تلك اللحظات واعتصر آلماً كل صباح ومساء وكأنني لست إنسانا من لحمٍ ودم وابن هذه الأرض أعيشها بحلوها ومرها..!!

تحقيق، تهم وقرار إبعاد
وعن سبب الابعاد لمدينة حيفا وحرمانه من العيش بكرامة أوضح عامر، انه اعتقل بتاريخ 5شباط2011 من داخل منزله الكائن في عين الفول بقرية سلوان لمدة خمسة أيام بتهمة رشق الحجارة وإلقاء زجاجات حارقة والمشاركة خلال المواجهات في البلدة، وخلال فترة التحقيق تم عزله بغرفه مغلقه بالزجاج ونافذة لا أري سوي خيال المارَ وخطوات الأرجل حيث كنتُ مقيد اليدين والقدمين.
وتابع حديثه بالقول، وبعد التحقيق الذي تواصل على مدار الخمس أيام فرض السجن المنزلي والإبعاد عن بلدة سلوان لمدينة حيفا عند احد أقربائي وهو شقيق والدي محمود العباسي، ودفع غرامة بقيمة 5 آلاف شيكل، و60 ألف شيكل في حال مخالفة قرار الابعاد لحين النظر في القضية بتاريخ 21 أيلول من الشهر القادم إما القرار سوف يكون السجن الفعلي او انتهاء مدة السجن المفتوح.

 من سلوان لعناتا
لا تختلف قضية الابعاد من شابٍ لأخر ولا تفرق بين كبيرٍ وصغير في العمر الا ان السياسة العنصرية الاسرائيلية مستمرة على كافة أبناء بلدة سلوان معتقدةً المؤسسة الاسرائيلية بأنها تحاول كسر إرادة سكانها المهدد بالهدم والمصادرة لزرع المستوطنين بدلاً منهم، هذا ما أكده الشاب أحمد إبراهيم السلايمة 18 عاماً المبعد من قرية سلوان لبلدة عناتا منذ 6 شهور. وقال المبعد السلايمة، بان محكمة الاحتلال الاسرائيلي اجلت النظر في قضية قرار الابعاد بتاريخ ( 10-8) دون تحديد الجلسة الاخري، وأوضح السلايمة بانه تم عرضه امام المحاكم الاسرائيلية لـ 22 مره على التوالي، حيث تم اعتقاله بتاريخ 26-12 -2010 بتهمة القاء الحجارة على جنود الاحتلال بمنطقة راس العامود، حيث أفرج عنه في شهر 2.

شهور الإبعاد هي سنين طويلة
وأكد السلايمة بان يوم اعتقاله كان في طريقه لمساعدة والده المسن عند دوار راس العامود وتناوله بعض احتياجات المنزل منه، حيث حاصره عدد من المستعربين واعتدوا عليه بالضرب المبرح وبعد ثلاث أيام لم يعلم عن تواجده حيث كانت فترة التحقيق معصب العينين واليدين ولم يري من المحقق الذي يحقق معه الا سماع الصوت.وعن حكاية الابعاد والتأثير السلبي الذي واجههُ خلال فترة ست شهور قال السلايمة: تلك الشهور الماضية وإبعادي عن قريتي وعن عائلتي وكأنها سنين طويلة ، مما آُثر على سلباً على حياتي النفسية بسبب البعد عن والدتي ووالدي واكتفي فقط عبر الهاتف للاطمئنان عليهما. وعن المدة الزمنية لرؤية العائلة رغم المسافة القليلة التي تبعد بلدة عناتا عن القرية قال:" اللقاء الذي يجمعني بعائلتي تتراوح بين 10 أيام حتى 15، عدا عن وجودي أربع وعشرين ساعة بداخل المنزل ممتنع من ابسط الحقوق الإنسانية وهي التوجه للطبيب وخاصة أنني واجهت حالة مرضية قبل فترة ورفضت المحكمة عبر المحامي المترافع عن القضية محمود احمد من إصدار قرار من اجل التوجه للطبيب.

مناشدة مؤسسات حقوق الانسان
وناشد المبعد السلايمة، المؤسسات الحقوقية والإنسانية بان تنظر للقضية المتعلقة بقضية الابعاد عن مكان السكن لفترات طويلة دون تحديد المدة الزمنية، وعدم مشاركة العائلة والأصدقاء أفراحهم وأحزانهم،ـ حيث جاء شهر رمضان ولم أشارك عائلتي مائدة الإفطار بأي حق يفرض العقاب وحرماني من التواجد بين أفراد أسرتي وجميع الأسر في الدول الإسلامية يتواصلون مع أقربائهم بكل مناسبة دون تقطيع أوصال كما يفرض على ابناء الشعب الفلسطيني.  وختم حديثه مؤكداً، بان الوطن غالي على قلوب اطفال ورجال وشيوخ ونساء فلسطين وان ما يحدث بحق الحجر والبشر ضريبة النضال في الدفاع عن ابسط الحقوق وهي العيش بكرامة.

نور الدنيا عبر النافدة
أما الشاب شاهر زيدان ابن العشرين عاماً من قرية سلوان فرض عليه السجن المنزلي منذ ثلاثة شهور لا يرى سوى أركان وحيطان المنزل ويرى نور الدنيا وجمال شهر رمضان المبارك لهذا العام التي تزينها منازل القرية بإضاءتها وأشكالها الرمضانية المختلفة وسماع صوت المسحراتي عند وقت السحور عبر نافذة غرفته ليقول:" ان المؤسسة الاسرائيلية حرمتني من ابسط الحقوق الإنسانية كمسلمين وهي مشاركتي بأداء الصلوات في المسجد الاقصى المبارك بالإضافة لزيارات العائلة ومشاركتي لهم مائدة الإفطار حيث أنني اكتفي بوجودي داخل المنزل دون التجوال وعدم مشاركتي الأصدقاء داخل القرية للمس جمال الأجواء الرمضانية في القدس والمسجد الاقصى المبارك.

منعوني من أبسط الأمور
وأضاف الشاب، كما منعت من تقديم امتحانات "البجروت" لهذا العام، حيث لا استطع التوجه في حال شعوري بالمرض لطبيب العائلة بالإضافة لمنعي من العمل كما انه عاجز عن فعل أي شئ في الحياة.
وضع كيس على راسي لمدة ساعتين والضرب واللكمات مستمرة.. واستذكر الشاب فترة اعتقال بالقول “عندما اعتقلتني قوة من المستعربين قامت باحتجازي في خيمة سلوان والاعتداء علي بالضرب المبرح، ثم نقلت إلى جيب عسكري وتم إنزالي منها في وادي الربابة ووضع كيس على رأسي وبقيت اللكمات والضربات توجه إلي من كل جهة لأكثر من ساعتين، باستخدام الحجارة الضخمة وأعقاب البنادق والمسدسات وخاصة على منطقة الرأس والقدمين وقد سال الدم منهما مما أفقدني الوعي"، وتم نقلي لمستشفي هداسا عين كارم ولم يتم الاهتمام بحالته ووضعه الصحي، ثم تم نقله إلى التحقيق في المسكوبية الساعة التاسعة ليلا ومدد اعتقاله بحجة الاشتباه به برشق الحجارة على المستوطنين.

الخروج بكفالة
جدير بالذكر أن شاهر أعتقل أثناء وجوده أمام خيمة الاعتصام بحي البستان ـ أثناء انتظاره حافلة في طريق ذهابهُ إلى العمل، ولم يكن في تلك اللحظة أية مواجهات وكان الهدوء يسود البلدة.بتاريخ 5 حزيران 2011، حيث أفرجت المحكمة الصلح بكفالة مالية بقيمة ثلاثة آلاف شيكل والتوقيع على كفالة شخصية بقيمة 15 ألف شيكل مع سجن منزلي مفتوح لم تحدد المدة.

التأثيرات النفسية
قال المحاضر في جامعة القدس- ابو ديس قسم الصحة النفسية الأستاذ مأمون العباسي في حديث خاص، بان التأثيرات النفسية لدي الأشخاص المعتقلين أو المبعدين عن مكان سكناهم، يؤثر سلباً على حياتهم ومحسوم على العلاقات بالآخرين عدم الثقة بالنفس والإحساس بعدم الانتماء بالمجتمع مما يؤثر سلبا على حياتهم واستمرارها بسبب ترك عائلتهم وأصدقائهم ومنزلهم الذي كبر وعاش فيه.
وأكد المحاضر العباسي، بان قضية شعبنا الفلسطيني قصية سياسية بالأصل لاقتلاعهم من أرضهم وإبعادهم عن مدينة القدس بسبب إحلال اليهود بدلا منهم، وإبعاد الشبان المقدسيين بمختلف الأعمار لنزع الانتماء الوطني وحبهم لمدينة القدس.

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.75
USD
4.02
EUR
4.84
GBP
296432.26
BTC
0.52
CNY
.