الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 05:02

أيمن أبوسليم: موجات الثورة التي تجتاح الوطن العربي

كل العرب-الناصرة
نُشر: 11/08/11 07:46,  حُتلن: 07:50

أيمن أبو سليم في مقالة:

عالم الانسان المقهور هو تمثيل انساني لواقع الغابة في شكله البشري وعندما يحس احد المواطنين ان خطرا يتهدد حقه ولو كان خطرا مؤقتا امام حل نهائي كالاصلاح

غالبية البلدان العربية هي اوطان قهر وتسلط مما يجعل مناخا من التوتر العام سائدا على نفوس ابناء الشعب المقموع حيث تكون نفسية كل واحد منهم دائمة الاستعداد للصراع

مسيرات تضامن مناهضة لمسيرات الاصلاح انتهت بالاشتباك والاعتداء على المطالبين بالاصلاح وسط حالة من الصدمة والذهول بين المواطنين وتأكد ان الموقف يتهدد بإجتياح كل الحدود متجاوزا كل المحرمات

في ظل موجات الثورة التي تجتاح الوطن العربي في ربيع الثورة ربيع التغيير،تحتاج بعض النقاط الى تشخيص وتدقيق سيكولوجي،كون المرحلة الحالية هي مرحلة تغيّر سيكولوجي في الاساس يفضي الى تغيّر اجتماعي بائن عن "ما قبل رياح الثورة" لدى ابناء الطبقات الاجتماعية المختلفة في مجتمعات القهر العربية،حيث تتدافع موجات التغيير هذه من قطر الى آخر ،الامر الذي يحتم علينا ان نعي ديناميات هذه الموجة ومفاعيلها،خصوصا وان رياح الثورة تعدت كونها دفعا للاصلاح فقط ،وانما تخطت ذلك لتصبح رياح تغيير شامل من الأساس تقتلع انظمة بذاتها. ففي ظل موجة التغيير الآتية تبرز مشكلات و عقبات تعيق الوصول لنقطة الهدف بالسرعة المرجوة وبأقل الخسائر،حيث سأركز كلامي في هذا السياق على "ردة الفعل المعاكسة" للاصلاح ليس من قبل النظام وأدواته وبلاطجته،وانما من قبل تلك الفئة المسحوقة الجائعة العاطلة عن العمل الذي يجعل الامر معقدا وشائكا للوهلة الأولى،حيث نتساءل ما الذي يدفع اشخاص يعانون القمع والفقر والبطالة والتهميش للوقوف سدا منيعا امام اخوتهم من نفس الطبقة واللذين هبّوا طلبا للحرية والخلاص؟.وقبل الخوض في هذا الموضوع تجدر الاشارة على انه ليس هناك بلد من البلدان العربية لديه" وضع خاص" او "عراسه ريشه" فكل بلد هو جزء من هذا العالم المتلاطم وليس هناك بلد يعيش في فراغ فرياح التغيير قادمة لا محالة.

أوطان قهر وتسلط
مما لا شك فيه ان غالبية البلدان العربية هي اوطان قهر وتسلط ، مما يجعل مناخا من التوتر العام سائدا على نفوس ابناء الشعب المقموع،حيث تكون نفسية كل واحد منهم دائمة الاستعداد للصراع، ولأقل الاسباب نجد العدوانية اللفظية تنفجر في سيل من الشتائم والسباب، كما ان الخطاب اللفظي غالبا ما يتحول الى التحدي والوعيد، حيث ان الانفعالية العاطفية تطغى على العلاقات، في حين سرعان ما تختفي العقلانية وتتلاشى امام تصاعد وطغيان الانفعالية دون حدود تقيدها، مما يعمل على شل القدرة على تفهم الآخر وطمس ميزة النقد. فسرعان ما يتحول الحوار الى التهديد والسباب ليصل الى الاشتباك آخذا طابع القطعية (اما خير او شر)، ذلك ان هناك احساسا دفينا بانعدام فعالية الاقناع والحوار. وهذا ما يحدث في حال ظهور فئة او جماعة تطالب بالتغيير(الاصلاح)، فتبدو مختلفة عن الجميع خارجة عن القانون متمردة على الواقع فيعمل هذا الوضع على رفع درجة التوتر العام، لتبدأ سيناريوهات من العنف الموجه ضد هذه الجماعة حيث بقدر ما يزداد العنف شدة تتحول هذه الجماعة الصغيرة لجماعات في متواليات حسابية عديدة يعجز عن تفسيرها النظام ليجد نفسه موحلا بين الجموع المقهورة. وكما شهدت الكثير من البلاد العربية مسيرات تضامن مناهضة لمسيرات الاصلاح انتهت بالاشتباك والاعتداء على المطالبين بالاصلاح وسط حالة من الصدمة والذهول بين المواطنين، يتأكد ان الموقف يتهدد باجتياح كل الحدود متجاوزا كل المحرمات.

علاقات التفاهم تنهار
في عالم الانسان المقموع ليس هناك ما يضمن حقه أسوة بغيره (في دول اخرى)، فعليه ان يحافظ على حقه بأي وسيلة كانت وفي اي ظرف كان (الاحتيال، التقرب من ذوي النفوذ، الواسطة، العنف والصراع..)، فعالم الانسان المقهور هو تمثيل انساني لواقع الغابة في شكله البشري، فعندما يحس احد المواطنين ان خطرا يتهدد حقه ولو كان خطرا مؤقتا امام حل نهائي كالاصلاح، فإن علاقات التفاهم تنهار لا محالة لتحل محلها علاقات قهرية ذات طابع اضطهادي. ليتحول المطالب بالاصلاح الى مصدر تهديد للمصالح، وليتركز منذ تلك اللحظة كل عدوان عليه كوسيلة مشروعة للدفاع عن النفس، وليس امام الآخر المطالب بالاصلاح اما الرضوخ والاستسلام او الانسحاب، وبالتالي فقدان فرصة الحصول على الحقوق الاولية والحقوق المطالب بها.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة

.