الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 09:02

أنف المعلم الرحالة.. اقرأ القصة وتمتع

كل العرب
نُشر: 03/05/11 21:51,  حُتلن: 07:45

أنف المعلم عجيبٌ غريب

فهو كبير جداً، وعَظْمه ناتئٌ في الوسط

رآه سَهْرور اللعوب، فقال: ((ياه

هذا مدخنة!)) خبَّـأَ وجهه، وراح يضحك

كان التلاميذ قد اعتادوا أنفَ معلمهم إلا سهرور الذي جاء إلى صفهم من مدرسة أخرى

رفع سهرور رأسه، ونظر إلى الأنف مرة ثانية، فقال: ((ليس مدخنة

إنه عشُّ عصافير، وقد تطير منه فجأةً، وعليَّ أن أمسكها))

انتبه المعلم إلى شروده، فسأله بغتةً: ـ بماذا تفكر يا ولد؟ أجاب مرتبكاً: ـ في

في عش العصافير

ضحك التلاميذ، وقال المعلم بعد نظرة تأنيب: ـ تقول لك العصافير: انتبهْ إلى الدرس، وإلا فإنها ستنقرك بمناقيرها

حاول سهرور أن ينتبه متجنباً النظرَ إلى الأنف العملاق، لكنَّ عينيه وقعتا عليه، فرآه هذه المرة على شكل صاروخ

قال لنفسه: ((لماذا لا أركبه، وأذهب به إلى الصين؟ البارحة قرأتُ تحقيقاً في مجلة كتاكيت عن هذا البلد الجميل

سأزوره لأتأكد مما قرأت))

وجد سهرور نفسه فوق حقول الشاي في سهول الصين




صورة توضيحية

كانت أوراق الشاي تتمايل ضاحكة، وكأنها تقول: الصين ترحب بكم

انطلق به الأنف فوق بقايا سور الصين العظيم، وحين مرَّ به في المدن لفتَ نظرَه شكلُ أسقف البيوت التي تشبه جناحي طائر، فقال في نفسه: ((ربما تطير هذه البيوت بأصحابها ليلاً، وتأخذهم في رحلة بين النجوم))

في مدينة شنغهاي لاحظ في الشوارع كثرةَ الدراجات، التي يستخدمها الصينيون للتنقل بدل السيارات، فهم كثيرو العدد، ولو ركب كلٌّ منهم سيارة لما اتسعت لهم الشوارع

عَبَرَ به الأنف فوق مدرسة ابتدائية، فسمع التلاميذ يرددون نشيداً عذباً التقط بعضَ كلماته التي لم يفهمها: ((شا

شينغ

بينغ))، فراح يردد: شا

شينغ

بينغ

هنا صاح المعلم: ـ سهرور،

أين أنت؟ انتفض قائلاً: ـ أنا

أنا في الصين

ضجَّ التلاميذ بالضحك، أمَّا المعلم فقال نافد الصبر: ـ تعال إلى هنا

حينما وقف أمام المعلم لم يكن أنفه مضحكاً، بل مرعباً جداً، لعل الغضب جعله كذلك

ترى هل سيضربه به المعلم بدلاً من يده؟ تراجع خائفاً

لحسن الحظ انتبه المعلم إلى خوف سهرور من أنفه، فاكتفى بقرصة صغيرة لأذنه، وقال: ـ ارجع إلى مكانك الآن، وتعال إليَّ في نهاية الحصة

بعد انتهاء الدرس فوجئ سهرور بلطف المعلم معه ورقته المتناهية، فقد أجلسه قريباً منه، وقال: ـ سامحك الله

هل تخاف من أنفي يا ولد؟ إنه لا يعض ولا يقرص، وأنا لا أستعمله إلا لاستنشاق الهواء، بل إنه كان قبل بضع سنوات أنفاً عادياً جميلاً، أما كيف صار بهذا الشكل، فلذلك قصة يجب أن تسمعها: ـ كنتُ قبل أن أجيء إلى هنا

إلى الأردن معلماً في فلسطين، ولأن أحد إخوتي اشترك في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي

جاؤوا، وهدموا بيتنا، وكان فيه أبي وأمي وأختي الصغيرة زينب

جلستُ أبكي فوق الأنقاض، فسمعتُ من تحت الركام مواءَ قطة أختي

كان المواء خافتاً جداً

قلت لنفسي: ما دامت القطة حية، فيمكن أن تكون أختي حية بجانبها، فهما لا تفترقان

وما كدتُ أبداً برفعِ الحجارة حتى جاء أحد الجنود محاولاً منعي

ولما صرخت في وجهه ضربني بعقب البندقية على أنفي، فانكسر عظمه، وتشوه شكله! لكنني انتزعتُ السلاح من يده، ورفعت الحجارة عن أختي وللأسف كانت ميتة

وجدتُ نفسي في السجن، وضربوا أنفي المكسور أكثر من مرة، ثم نفوني إلى هنا مدَّعين أنني أحرّض التلاميذ على الثورة

عندما انتهى المعلم من سرد الحكاية، نظر إليه سهرور باعتزاز، فرأى أنفه جميلاً جداً، وكأنه وسام معلق في وجهه

مقالات متعلقة

.