* اللاعبون يحملون المسؤولية للطاقم الفني واتحاد الكرة، والاتحاد يحمل المسؤولية للجنة الاوليمبية ووزارة الشباب والرياضة
هي بالفعل ظاهرة تستحق الوقوف عندها مطولا، ألا وهي ظاهرة اعتذار اللاعب الفلسطيني عن تقمص الزي الوطني للمنتخب، في الوقت الذي نجد فيه اللاعب عادة ما يجد ويجتهد ويبلل الملعب بعرقه في سبيل لفت الأنظار إليه من قبل المدرب لضمه إلى صفوف المنتخب
هذه الظاهرة أخذت في الانتشار وأصبح الاعتذار عن الالتحاق بصفوف المنتخب أمرا عاديا ، يمر مرور الكرام، بدون رقيب أو حسيب
إذن لماذا هذا الاعتذار؟ وما هي أسبابه؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟
أسئلة أجاب عنها اللاعب والمدرب الوطني والاتحاد والإعلام الرياضي، وكل طرف يحمّل الآخرين المسؤولية
اتحاد الكرة وعلى لسان نائب رئيس الاتحاد جورج غطاس حمّل المسؤولية لوزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية باعتبارهما سقف الرياضة الفلسطينية، وبالتالي توجّب عليهما إيجاد فرص العمل وتوفير سبل الراحة للاعبين في هذه المرحلة بالذات التي تعيشها الأراضي الفلسطينية من ظروف أمنية واقتصادية صعبة
وأضاف غطاس: " ما حصل مع لاعبي المنتخب في عمان والقاهرة بعد رفض سلطات الاحتلال لهم بالعودة إلى ديارهم بعد رحلة خارج فلسطين استمرت شهرين تقريبا، ولولا تدخل الوزيرة والدكتور صائب عريقات لما عادوا حتى الساعة، إذن اللاعب في هذه الحالة أصبح يعد للمليون قبل التفكير في الالتحاق بالمنتخب، وأنا ضد ذلك، لان اللعب مع المنتخب هو واجب وطني ولا يجوز بأي حال من الأحوال التأخر عن هذا الواجب "
سميح يوسف
دعوات متأخرة
ومقاعد الاحتياط مكاننا
اجمع اللاعبون المعتذرون عن تلبية دعوة الالتحاق بالمنتخب على تحميل المسؤولية للجهاز الفني واتحاد الكرة ، فقد ذكر لاعب واد النيص سميح يوسف انه تمت دعوته لأكثر من مرة ، وكان يلبي الدعوة ويذهب مع المنتخب إلى المعسكرات المحلية سواء بالفارعة أو طولكرم، وكان المدرب يتخلى عن خدماته عند نهاية كل معسكر، بعد أن يكون ابتعد عن عائلته شهرا كاملا دون مكافأة مالية وأحيانا أجرة الطريق لم يستلمها
وأضاف يوسف : "في آخر تدريبات للمنتخب تمت دعوتي أنا وشقيقي، ولبينا الدعوة وكان الذهاب إلى القاهرة لإقامة معسكر تدريبي هناك، وبعد الانتهاء من المعسكر تم الاستغناء عن خدماتنا وعدنا إلى فلسطين من القاهرة دون أن يكلف نفسه المدرب بالوقوف على إمكانياتنا، فقد كانت التشكيلة جاهزة قبل مغادرتنا ارض الوطن، وأنا الذي حصلت على جائزة أفضل لاعب في فلسطين الموسم الماضي كان اسمي خارج التشكيلة، فكيف إذن سأعود إلى المنتخب مرة ثانية بعد كل الذي حصل معي؟
من جهته قال حازم المحتسب مدافع شباب الخليل والمنتخب الوطني سابقا: " لقد لبيت الدعوة أكثر من مرة ولكنني رفضتها مؤخرا لان مكاني أصبح معروفا ألا وهو دكة الاحتياط، لان التشكيلة معروفة ولا يسمح لأي لاعب بتجاوزها ، لذلك احمل المسؤولية للجهاز الفني الذي لا حول ولا قوة له وكذلك لاتحاد الكرة الذي لا يستطيع إنصاف اللاعب حتى ماديا من خلال تعويضه عن عمله اليومي في شركة أو مؤسسة ما ، وختم قائلا: لن ألبي الدعوة مستقبلا لان مكاني فقط داخل المستطيل الأخضر وليس دكة الاحتياط "
عادل الفران لاعب شباب عسكر
عادل الفران لاعب شباب عسكر قال: " لقد تمت دعوتي قبل ثلاثة أيام من السفر إلى القاهرة، وأنا اعمل في احد الأجهزة الأمنية ، وبالتالي يجب علي الحصول على إجازة من عملي وهذا يتطلب مدة أسبوع اقل شيء، ولكن سافر زملائي في المنتخب وأنا لا زلت انتظر الحصول على الإجازة
وأنا هنا اتساءل : أليس من المفروض أن يأخذ الاتحاد لنا الإجازات من عملنا ، فهذا ليس من اختصاص اتحاد الكرة ؟ ولماذا لا تتم دعوتنا قبل شهر تقريبا لعمل الإجراءات اللازمة ؟ هذا لا يجوز ، أنا افتخر بهذه الدعوة وبتقمص الزي الوطني ولكن ليس بهذه الطريقة تتم دعوتنا
والإشكالية ذاتها عاشها لاعب مؤسسة البيرة محمد عبد الجواد الذي تحدث عن موضوع اعتذاره قائلا: " كنت في العاصمة الأردنية عمان للوقوف على علاج شقيقي ، عدت يوم الخميس وفوجئت في يوم السبت ومن خلال الصحف المحلية بدعوتي للالتحاق بصفوف المنتخب على أن يكون السفر يوم الأحد !! – بالله عليك – كيف سأتدبر أمري مع مصلحة المياه التي اعمل فيها بخصوص الإجازة ، ومع عائلتي التي بحاجة إلى مصروف ، وكذلك أنا بحاجة إلى تدريب واستعداد نفسي لهذه المهمة الوطنية ؟ كيف تتم دعوتنا بهذه الطريقة ؟ هذا لا يجوز، يفترض أن يتم توجيه الدعوة لنا عبر أنديتنا وليس عن طريق الصحف وبمدة لا تقل عن شهر تقريبا
نعم هناك أكثر من لاعب رفضوا الدعوة لمثل هذه الأسباب التي تحدثنا عنها أو لأسباب أخرى ودائما يتحملها الجهاز الفني واتحاد الكرة ومن هؤلاء اللاعبين جبران الكحلة من البيرة ورأفت عياد واحمد علان من جبل المكبر وفارس النجار من يطا وفادي سليم من مركز شباب طولكرم وغيرهم "
مدرب المنتخب السابق محمد الصباح
الصباح : " هناك أسباب عديدة والجميع يتحمل المسؤولية "
من جهته علّق مدرب المنتخب السابق محمد الصباح على موضوع الاعتذار قائلا : " هناك أسباب عديدة تتعلق أما باللاعب أو الاتحاد أو النادي الذي يلعب له اللاعب
فيما يخص اللاعب الفلسطيني فان ثقافته هي ثقافة اللاعبين الهواة ، فهو اللاعب المميز في ناديه ، ولا يريد أن يكون غير ذلك في المنتخب
أيضا هناك الارتباطات الدراسية والمهنية والاجتماعية ، وعدم قدرة الجهات المسئولة على ضمان حقوقه عند الانقطاع عن هذه الارتباطات ، إضافة طبعا إلى الحالة الاقتصادية الصعبة للاعبين و وعدم وجود حوافز مادية مجزية لهم
أما الأسباب التي تتعلق بالاتحاد فهي : ضعف إمكانيات الاتحاد المادية وضعف الحوافز المقدمة للاعبين وعدم قدرة الاتحاد على ضمان حقوق اللاعب عند انقطاعه عن العمل أو الدراسة وعدم قدرة الاتحاد أيضا ومن خلال الجهات المسؤولة على إيجاد فرص عمل للاعبي المنتخب الوطني وضمان حقوقهم الوظيفية ، بالإضافة طبعا إلى اختلاف سياسات التعامل الإداري والمالي مع اللاعبين من فترة لأخرى
وفيما يخص الأندية ، فان الأسباب تتعلق بكون هذه الأندية لم تسمح للاعبيها بالمشاركة مع المنتخب بسبب ارتباط الأندية ببطولات محلية أو خارجية ، وتأثير الخلافات التي تكون بين الأندية والاتحاد وكذلك اتخاذ الأندية عقوبات بحق اللاعبين بسبب عدم التزامهم في أنديتهم
كل ذلك وللأسف فان اللاعب هو من يتأثر ، وبالتالي يكون التأثير السلبي على المنتخب
أبو عرام : " هذه قضية خطيرة "
الإعلامي الرياضي محمد أبو عرام وصف ما يحصل بأنه قضية خطيرة ولها مدلولات غير ايجابية , وقال : " أنا مع هؤلاء اللاعبين ، وأحمّل المسؤولية للاتحاد ، كون منتخباتنا الوطنية تكون في سبات عميق وتصحو قبل المشاركات الخارجية بأيام قليلة،وبشكل عشوائي يتم استدعاء اللاعبين بطريقة غير منهجية تعتمد على العلاقات الشخصية والجغرافية
فمثلا يتم استدعاء أكثر من خمسة وثلاثين لاعبا فقط من حافظات الضفة للمعسكر التدريبي الذي لا تزيد مدته عن أسبوع , والكارثة أن المدير الفني للمنتخب يكون قد رفع قائمة الأسماء قبل إقامة المعسكر ، وهذا يعطي الدلالة على أن عملية استدعاء اللاعبين هي فقط للاستهلاك الإعلامي
وبالرجوع إلى الأسماء التي اعتذرت عن المشاركة في المعسكرات التدريبية ، هي تلك الأسماء التي استدعائها لمعظم المعسكرات السابقة والتي تم استبعادها بعد انتهاء تلك المعسكرات "
سليم أبو حماد
أبو حماد : " تحطيم نفسية اللاعبين "
من جهته حمّل رئيس نادي وادي النيص سليم أبو حماد مسؤولية هذه الظاهرة لاتحاد الكرة ومعها الجهاز الفني للمنتخب , وقال : " لا احد يدرك مدى معاناة اللاعب على الصعيد النفسي عندما يتم الاستغناء عنه بعد انتهاء المعسكر , يعني ذلك أن هذا اللاعب فاشل وإلا لما تم الاستغناء عن خدماته ، وبالتالي يصاب اللاعب بإحباط نفسي وربما يؤثر ذلك على أدائه في ناديه
ويضيف أبو حماد , كما تعلم فان وادي النيص هو الآن أفضل ناد على الساحة الفلسطينية ، وحصدنا جميع البطولات الرسمية والودية في السنوات الخمس الأخيرة ، يأتي الاتحاد ومعه الجهاز الفني للمنتخب يطلبون منا اللاعبين المميزين وهم كثر ، لكن وللأسف بعد تلبية المطالب والدعوة ، نفاجأ بالاستغناء عنهم ، ويعود اللاعب محطما من الناحية النفسية ، فكيف لي إذن أن استجيب في المرات اللاحقة لهذه الدعوات ؟ على الاتحاد أولا أن ينظم أموره المالية والإدارية ، وبالتالي نحن دائما في نادي واد النيص جاهزون للدفاع عن زي المنتخب الوطني "
بقي أن نقول إن النتائج الهزيلة للكرة الفلسطينية في السنوات الأخيرة تعود إلى الفوضى الإدارية في الدرجة الأولى ومن ثم التخبط والعشوائية في اتخاذ القرارات والتخطيط غير السليم ، والدليل على ذلك هذه الظاهرة التي تحدثنا عنها وهي الأولى من نوعها التي تحصل في ملاعب كرة القدم ، لذا لا عجب مما يحصل الآن للكرة الفلسطينية من تراجع
فادي سليم