الهدف الخفي للعملية هو إسقاط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، ولو كان على حساب قرار مجلس الأمن الدولي
الهدف من الخطاب الذي وجهه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن التدخل الأمريكي في ليبيا، كان الرأي العام الأمريكي المتحفظ من حرب أمريكية أخرى مكلفة
أوباما كان صريحا عندما علل قراره الجلوس في المقعد الخلفي بما حدث في العراق حيث لم يتغير النظام إلا بعد ثماني سنوات من آلاف القتلى، ومئات المليارات من الدولار
يرى جوناثان فريدلاند على صفحة الرأي بالجارديان في عددها لنهار اليوم أنه بات من الضروري وقف حملة التحالف العسكرية لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، وذلك بعد أن حققت هدفها وهو حماية المدنيين. ويقول المعلق السياسي إنه مدرك أن للساسة الغربيين في مجملهم رأي آخر فالهدف الخفي للعملية هو إسقاط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، ولو كان على حساب قرار مجلس الأمن الدولي (الذي يمكن تفعيله كلما دعت الضرورة)، وبفضل تمطيط معنى تعبير "تهديد المدنيين" (مع تجاهل ما قد يمثله المسلحون المناهضون لنظام القذافي من خطر على المدنيين).
ومع ذلك فإن المطالبين باحترام القرار الأممي لهم –في رأي الكاتب- ثلاثة أسباب للصمود أمام ساسة الأمر الواقع الذين يحلاولون جهدهم تجنب الباب المسدود وأن يبقى الوضع على ما هو عليه.
فثمة -أولا- إمكانية إبرام صفقة يغادر القذافي وأفراد أسرته الحكم وليبيا دون أن يخضع ويخضعوا للمحاكمة. وهذا الحل ينتهك العدالة، ولكنه يحقن الدماء ويحفظ السلام، حسب المعلق السياسي.
وإذا ما أوقف الحلفاء عملياتهم فإنهم سيبرهنون على أن القانون الدولي ليس أداة طيعة لينة في يد الأقوى. ثم إن إنهاء الحملة العسكرية، بعد تحقيق هدفها، يخدم المهام ذات الأهداف الإنسانية في المستقبل.
وترى الفاينانشال تايمز في إحدى افتتاحياتها أن الهدف من الخطاب الذي وجهه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الليلة ما قبل البارحة بشأن التدخل الأمريكي في ليبيا، كان الرأي العام الأمريكي المتحفظ من حرب أمريكية أخرى مكلفة عُدة وعددا في وقت يعاني الاقتصاد الأمريكي من آثار الأزمة المالية.
لكن محتوى هذا الخطاب "المنتظر" -تقول الصحيفة- يتضمن الكثير مما قد يُفيد المجتمع الدولية فعلى الرغم من تجنبه تقديم إجابات شافية عن أسئلة من قبيل كلفة التدخل الأمريكي مثلا، فإنه يضع توجيهات لما ينبغي أن يكون عليه التدخل العسكري الأمريكي، والحدود التي يجب أن يتعداها، وهو ما يُعد "خطوة إلى الأمام" في حد ذاته.
الهدف من الحملة
وتشير الصحيفة إلى تأكيد الرئيس الأمريكي على أن الهدف من الحملة ليس قلب النظام في ليبيا، كما تلفت الانتباه إلى إصراره على توضيح ملابسات مشاركة الولايات المتحدة في العملية ملمحا إلى أن القرار لم يُتخذ بضغط من فرنسا وبريطانيا. وفي تحليل لخطاب الرئيس أوباما بنفس الصحيفة يقول ريتشارد مكريغور: "إن الخطاب كان أبلغ تعبير عما بات يُعرف لدى بعض المعلقين بـ‘مذهب أوباما’- قوة عظمى تسعى إلى تقييم المهمات الإنسانية والمصالح القومية على السواء بكثير من الحيطة، قبل خوض أي تدخل في الخارج، مفضلة التعددية على أحادية الجانب." ويعتبر الكاتب أن الخطاب الرئاسي يختلف تماما عن أحادية الجانب التي ميزت ولاية سلفه جورج بوش الإبن.
وتؤيد افتتاحية الإندبندت هذا الرأي في مجمله لكنها تختلف عندما يتعلق الأمر بمضمون هذا "المذهب". فتجنب الإدارة الأمريكية لاتخاذ القرارات من جانب واحد في هذه الحالة، لا يعني أنها لن تفعل ذلك عندما تتعرض مصالح الولايات المتحدة الحيوية للخطر. وهذا ما يفسر –في رأي الصحيفة البريطانية- صمت أوباما عندما تعلق الأمر بما سيكون عليه موقف الولايات المتحدة عندما تعمد أنظمة مثل تلك التي في سوريا وإيران وزيمبابوي، إلى اتخاذ إجراءات "قذافية" ضد شعوبها.
وترك الرئيس الأمريكي الباب مفتوحا على كل الاحتمالات وهذا هوم مذهب أوباما، ولا يعني شيئا أكثر من الواقعية السياسية. وترفض الديلي تلغراف قرار تسليم قيادة الحملة العسكرية على ليبيا لحلف شمال الأطلسي، كما أعلن عن ذلك الرئيس الأمريكي. وتعلل افتتاحية الصحيفة هذا الموقف بأن واشنطن هي الوحيدة التي تملك الإمكانات العسكرية لإنجاح مثل هذه المهمات. وترى الصحيفة أن أوباما كان صريحا عندما علل قراره الجلوس في المقعد الخلفي بما حدث في العراق حيث لم يتغير النظام إلا بعد ثماني سنوات من آلاف القتلى، ومئات المليارات من الدولار.