الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 17:01

الرأي العام وصدّ العنصرية ميدانيًا - بقلم أحمد أبو عماد محاميد من ام الفحم

العـرب وصحيفة كل
نُشر: 27/01/11 15:10,  حُتلن: 20:15

وسائل الاعلام العربية ركّزت جل اهتمامها على بعض الوثائق التي يتضح فيها مدى التنسيق الامني بين الجانبين

كان بارزاً ومدى ليونة الموقف الفلسطيني اتجاه القضايا المصيرية للشعب الفلسطيني

وسائل الاعلام العبرية والاجنبية ركزت على مدى جدية المفاوضات من الجانب الفلسطيني، الذي تتضح رغبته الجامحة، من خلال الوثائق، في الوصول الى حل سلمي مع الجانب الاسرائيلي

السؤال الصريح هنا هو، كيف يجب على المواطن العربي في اسرائيل أن يتعامل مع هذه الحقائق، وأي موقف عليه أن يتخذ إزاء هذا التضارب بين التفسيرين المتناقضين بشكل كبير

هذا الاسبوع واكب المجتمع العربي عامةً الوثائق التي تم الكشق عنها في قناة الجزيرة الفضائية فيما يتعلق بالمفاوضات بين الجانب الاسرائيلي والفلسطيني على قضايا الحل النهائي مثل قضية القدس، اللاجئين ، الحدود وقضايا الأمن. المثير للاهتمام في هذا السياق هو كيف تعاملت وسائل الاتصال العربية العالمية والمحلية مع هذا الموضوع وكيف تعاملت، بالمقابل وسائل الاتصال العبرية مع المعلومات التي انكشفت من وراء هذه الوثائق، وبالتالي فإن السؤال الذي يجب ان يطرح هو: اين نحن المواطنون العرب في دولة اسرائيل في هذه المعادلة؟ومن اي منظور علينا ان تعامل مع هذا الحدث.


احمد ابو عماد محاميد

وسائل الاعلام العربية ركّزت جل اهتمامها على بعض الوثائق التي يتضح فيها مدى التنسيق الامني بين الجانبين من ناحية ومدى ليونة الموقف الفلسطيني اتجاه القضايا المصيرية للشعب الفلسطيني. ادعت الكثير من القيادات السياسية العربية ان الوثائق تعبّر بشكل واضح عن مدى تخاذل المفاوضين من الجانب الفلسطيني ( صائب عريقات وابو العلاء ) من خلال طرح مواقف فيها تنازلات بعيدة المدى فيما يخص القدس والمستوطنات المحاذية لها، وقضية اللاجئين والتبادل السكاني والتنسيق الامني( الذي ادى حسب راي بعض هؤلاء القادة الى التسبب باغتيال بعض عناصر المقاومة الفلسطينية).

اما بالنسبة لوسائل الاعلام العبرية والاجنبية- في معظمها- فقد حاولت ان تركّز اكثر على مدى جدية المفاوضات من الجانب الفلسطيني، الذي تتضح رغبته الجامحة، من خلال الوثائق، في الوصول الى حل سلمي مع الجانب الاسرائيلي والتطرق بشكل صريح وواضح ومؤلم بعض الشيئ الى القضايا المصيرية هذه. صحيفة هآرتس على سبيل المثال، في العديد من مقالتها، حاولت ان تفنّد وتضحد الإدعاءات الاسرائيلية التي صرّحت دائماً انه" لا يوجد شريك للسلام في الجانب الفلسطيني"، وأكدّ الكتّاب في هذه المقالات ان الوثائق هذه تثبت للقاصي والداني عدم صحّة الإدعاء انه لا يوجد شريك للسلام في الجانب الفلسطيني مثلما يدّعي ليبرلمان وايهود براك، وانما يوجد مفاوض فلسطيني جريئ جداً ومستعد لمواجهة العالم العربي في سبيل ايجاد حل لقضية تهمّ ليس فقط الشعب الفلسطيني فقط وانما تهم ايضاً الشعب الاسرائيلي. لا شك إذاً أن المجتمع الاسرائيلي متفاجئ بعض الشيئ من هذه الوثائق، لكن ليس بنفس المنظور العربي، إذ يتبين له أن السلطة الفلسطينية عازمة فعلاً على إيجاد صيغة نهائية للقضايا العالقة، تعتمد على تنازلات لم يتوقعها المواطن الاسرائيلي البسيط، وان التعنّت هو فقط من الجانب الاسرائيلي.

السؤال الصريح هنا هو، كيف يجب على المواطن العربي في اسرائيل أن يتعامل مع هذه الحقائق، وأي موقف عليه أن يتخذ إزاء هذا التضارب بين التفسيرين المتناقضين بشكل كبير. من الواضح أن الموقف الذي يجب إتخاذه من المفروض أن يكون مبنيًا على استراتيجية عمل سياسي مستقبلي ورؤيا تاخذ بعين الإعتبار مكانه وموقعه الجغرافي والسياسي في هذا الصراع. هل علينا كقيادات سياسية عربية وكوسائل إعلام عربية في اسرائيل ان نعبّر عن موقفنا اتجاه هذه الوثائق انها تعبّر فعلاً عن تخاذل، او يجب علينا ان نحاول اقناع المجتمع الاسرائيلي ان هناك طرف فلسطيني معنيٌٍٍِ بحل الصراع بكل جرأة، حتى لو كان ذلك على حساب التنازل عن قرارات دولية مثل قرار الانسحاب من ٦٧ ( ٢٤٢، ٣٣٨ ) وقرار حق اللاجئين في العودة ( رقم ١٩٤ ) او حتى عن اتفاقيات السلام بين الطرفين ( اوسلو ، واي بلانتيشين وانابوليس وغيرها )، وأن التعنّت هو من الجانب الاسرائيلي الذي يريد زج الشعبين في هاوية الحرب الدامية ويضع اسرائيل امام حل واحد وهو حل الدولة الواحدة للشعبين.
اعتقد ان موقفنا كمجتع عربي في اسرائيل يجب أن يأخذ بعين الإعتبار الرأي المحلي بالأساس. لقد ثبت واضحاً ان الولايات المتحدة الامريكية العظمى لم تنجح في فرض إملاءاتها على الحكومة الاسرائيلية بشأن تمديد تجميد الاستيطان، كما ان بوش الاب لم ينجح في فرض إملاءته على رئيس الحكومة يتساحق شمير عام ١٩٨٨-١٩٩٠ حين فشلت مفاوضات مدريد. واذا حاولنا ان نفكّر لحظةً باتخاذ موقف مشابه للموقف العربي اتجاه الوثائق هذه فماذا سنكون قد فعلنا بذلك؟ اعتقد اننا سندعم بذلك الموقف اليميني في اسرائيل، الذي سيدّعي ان الطرف الفلسطيني المفاوض لا يمثل في موقفه إلا بعض الأشخاص وان المجتمع العربي عامة والمواطنون العرب في اسرائيل يرفضون هذه الحلول جملة وتفصيلاً وانه فعلاً لا يوجد شريك حقيقي للسلام في الجانب العربي الفلسطيني على المستوى الشعبي الديمقراطي. بذلك نكون قد حققنا اولاً رغبات هذه العناصر اليمينية من جهة وفقدنا تأثيرنا المطلوب والضروري على الرأي العام المحلي في اسرائيل من جهة ثانية.

الشعب العربي الفلسطيني في القطاع والضفة والقدس يعيش ازمة ثقة سياسية، يمكن ان يراها البعض شبيهة بالفتنة وهي فعلاً مليئة بالفتن، وبالتالي ليس من الغريب ان يتهم البعض بالتعاون مع الطرف الاخر ويتهم بالخيانة، فالمزاودات السياسية والاتهامات السياسية متبادلة من قبل الطرفين في النزاع الفلسطيني الداخلي الذي لا يخدم إلا العناصر اليمينية بشكل واضح. وعليه تدعو الحاجة الى عدم إتخاذ موقف منا يدعم هذا الاتجاه او ذاك. علينا أن نصب اهتمامنا في كيفية التأثير على الرأى العام المحلي في اسرائيل وصب كل الجهود والآليات في سبيل إظهار وإثبات عدم جديّة الجانب الاسرائيلي في ايجاد حلول حقيقية للصراع الدائم بين الشعبين منذ قرن كامل تقريباً وهكذا يمكن لنا ان نستمر في مشروعنا الميداني لصدّ العنصرية والتأثير على الرأي العام المحلي في دولة اسرائيل.
 

مقالات متعلقة

.