ذكر أن ملكا من ملوك الفرس كان يحب الفرجة والتنزه والصيد ، وكان له بازي رباه لا يفارقه ليلا ولا نهارا ، وإذا خرج إلى الصيد يأخذه معه ، وعمل له طاسة من الذهب معلقة في رقبته يسقيه منها ، وذات يوم جاء وزير الصيد يقول :
وذات يوم استعد الملك للخروج إلى الصيد وأخذ البازي على يده وسار بموكبه إلى أن وصلوا إلى واد ونصبوا شبكة الصيد ، وإذا بغزالة وقعت في الشبكة .
فقال الملك : كل من هربت الغزالة من جهته قتلته ، فضيقوا عليها حلقة الصيد .
أقبلت الغزالة على الملك وشبّت على رجليها وحطت يديها على صدرها كأنها تقبل الأرض أمام الملك ، فخفض الملك رأس الغزالة ، ففرت من فوق دماغه وراحت مسرعة إلى البر ، فالتفت الملك إلى العسكر فرآهم يتغامزون عليه .
فقال : يا وزيري ، ماذا يقول العساكر ؟
فقال : يقولون إنك قلت : كل من فرت الغزالة من جهته يقتل . فقال الملك : وحياة رأسي لأتبعنها حتى أجيء بها
صورة توضيحية
ثم طلع الملك في إثر الغزالة ولم يزل وراءها من جبل إلى جبل محاولة أن تعبر الغار، فأطلق البازي وراءها فصار ينقرها في عينيها إلى أن أعماها وتوقفت عن الهرب. أقبل الملك عليها وضبها بعصا كبيرة ثم نزل فذبحها وسلخها وعلقها بسرج.
كانت ساعة حر، والمكان قفر لا ماء فيه، فعطش الملك، وعطش الحصان، فالتفت الملك فرأى شجرة ينزل منها ماء مثل السمن، وكان لابسا كفوفا من جلد السرادق، فأخذ الطاسة من رقبة البازي وملأها من ذلك الماء، فوضع الماء قدامه، فلطش البازي الطاسة فقلبها، فأخذ الملك الطاسة ثانية وملأها، وظن أن البازي عطشان فوضعها أمامه، فلطشها ثانية وقلبها. غضب الملك من البازي وأخذ الطاسة ثالثة وقدمها للحصان، فقلبها البازي بجناحه، فقال الملك:
عليك اللعنة يا أشأم الطيور، حرمتني الشرب وحرمت نفسك وحرمت الحصان.
ثم ضرب البازي بالسيف فرمى أجنحته، فصار البازي يقيم رأسه ويقول بالإشارة:
- أنظر الذي فوق الشجرة.
رفع الملك عينيه، فرأى فوق الشجرة حية، يسيل سمها، فندم الملك على قص أجنحة البازي.
ثم قام وركب حصانه وسار، ومعه الغزالة حتى وصل إلى مكانه الأول، فألقى الغزالة إلى الطباخ، وقال له: خذها واطبخها.
ثم جلس الملك على الكرسي والبازي على يده، فشهق البازي ومات.
صاح الملك حزنا وأسفا على قتل البازي الذي خلصه من الهلاك، وقال: صدق من قال: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة.