الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:01

الرأي العام وصدّ العنصرية ميدانيًا في اسرائيل بقلم: احمد أبو عماد محاميد

كل العرب
نُشر: 09/01/11 15:20,  حُتلن: 17:10

أبرز ما جاء في مقال أحمد محاميد من استنتاجاته:
الإدارة الامريكية ستباشر حتماً هذا العام بالضغط على الليكود وعلى بيبي للعودة الى طاولة المفاوضات مع ابو مازن

طريقة الإنتخابات في دولة اسرائيل – الطريقة النسبية – معقدة جداً، بسبب تعدد الاحزاب في الكنيست، وهي تمنع رئيس الحكومة من اتخاذ اي قرار من شأنه ازعاج ليبرلمان ويشاي وتهديدهما له بالانسحاب من الحكومة

لا يمكن لحزب العمل البقاء في هذه الحكومة وعليه أن ينسحب منها، إن لم يحدث تغييراً اخراً، حتى شهر نيسان بالحد الاقصى

بعد مرور عامين على الائتلاف الحكومي في اسرائيل ومع بداية العام الثالث لهذه الحكومة، تلوح في الأفق ملامح بداية التغيير السياسي في اسرائيل والسؤال المطروح هو؛ إلى اين يقودنا هذا التغيير؟ لقد كان واضحًا منذ بداية عقد الاتفاقية الائتلافية في اذار ٢٠٠٩ أن حكومة الليكود بزعامة بيبي نتنياهو مع قائمة اسرائيل بيتنا بزعامة ليبرلمان المحّرض وقائمة شاس بزعامة يشاي العنصري بالإضافة الى قائمة البيت اليهودي واغودات اسرائيل، ستكون حكومة يمينية متطرفة لن تقود شعبها حتماً نحو المسار الدبلوماسي السياسي الآمن. هذا الائتلاف تم توسيعه بضغط اميريكي واضح تمثّل بدخول مفاجئ جداً لحزب العمل بزعامة ايهود براك الذي لوّح قائلاً ان حزب العمل سيعمل جاهداً للضغط على هذه الحكومة لمنعها من الانحدار نحو اليمين وان دخول حزب العمل الى هذه الحكومة هو حيوي جداً للمحافظة على مكانة دولة اسرائيل بين دول العالم الصديقة( المانيا ،فرنسا ايطاليا وروسيا). الإئتلاف الحكومي اليوم واسع جداً ويشمل تاييد ٧٤ عضو برلمان. لقد لاحظنا في الشهر الماضي ان العملية السلمية مع الجانب الفلسطيني وباعتراف امريكي، اصبحت عالقة جداً. كما علينا ان نشير هنا إلى ان التحضير لمعركة الانتخابات في الكونغرس الامريكي – التي اسفرت عن فوز الحزب الجمهوري المحافظ باكثرية المقاعد- قد خدمت مصالح الحكومة الاسرائيلية ومنعت الرئيس اوباما من الضغط على بيبي نتنياهو، لان الديمقراطيين كانوا بأمسّ الحاجة لاصوات العناصر اليهودية في بعض المدن ( الولايات) الامريكية.

تغيرات بالمناخ السياسي !!
مع بداية هذا العام هناك بعض التغيرات في المناخ السياسي العالمي والمحلي. من الناحية الاولى الانتخابات للكونغرس الامريكي انتهت والرئيس اوباما وسكرتيرة الخارجية كلينتون بإمكانهم الضغط على هذه الحكومة بشكل حر وبدون اي تردد وقد بدأنا نلاحظ ذلك من خلال تصريح شخصية دبلوماسية عريقة في اسرائيل الذي صرّح قائلاً هذا الاسبوع ان الإدارة الامريكية مستاءةٌ جداً من الحكومة ومن وزير الدفاع ايهود براك وان الامال والتوقعات التي علقتّها هذه الادارة عليه لم تثمر عن اي نتيجة ايجابية. هذا من ناحية ؛ أمّا من ناحية اخرى وعلى الصعيد المحلي فإن كارثة حريق الكرمل كشفت النقاب عن عجز رئيس الحكومة في اتخاذ قرارات حازمة ضد وزير الداخلية يشاي الذي تبين، من خلال تقرير مراقب الدولة ليندنشتراوس، انه المسؤول الأوّل عن الإهمال الذي اسفر عن الحريق ونتائجه العاصبة جداً وانه من المفروض إقالته فوراً. من جهة اخرى لاحظنا الشلل الواضح لرئيس الحكومة بالنسبة لمدى قدرته على لجم وزير الخارجية ليبرلمان الذي أحبط محاولات الصلح الاسرائيلية مع الجانب التركي ، عندما صرّ ح، بدون ترتيب مسبق مع بيبي، ان وزير الخارجية التركي هو شخص كذاب، مسبباً بذلك احراجاً كبيراً لمكتب رئيس الحكومة ولرئيس الحكومة ذاته.
من هذه الحقائق يمكننا الخروج ببعض الإستنتاجات الهامة. اولاً؛ الإدارة الامريكية ستباشر حتماً هذا العام بالضغط على الليكود وعلى بيبي للعودة الى طاولة المفاوضات مع ابو مازن. ثانياً؛ طريقة الإنتخابات في دولة اسرائيل – الطريقة النسبية – معقدة جداً، بسبب تعدد الاحزاب في الكنيست، وهي تمنع رئيس الحكومة من اتخاذ اي قرار من شأنه ازعاج ليبرلمان ويشاي وتهديدهما له بالانسحاب من الحكومة. ثالثاً؛ لا يمكن لحزب العمل البقاء في هذه الحكومة وعليه أن ينسحب منها، إن لم يحدث تغييراً اخراً، حتى شهر نيسان بالحد الاقصى، كما جاء على لسان رفيق درب براك الوزير فؤاد بن اليعيزر. الإستنتاج الاخير والاكثر اهمية هو ان بيبي نتنياهو ومستشاريه قد وصلوا الى هذه الاستنتاجات مؤكداً، كما ان وزير الخارجية ليبرلمان مدرك تماماً لهذه الحقائق ومتحضّر لها على اكمل وجه.


احمد ابو عماد محاميد


سيناريو من إخراج أمريكي
اذاً علينا طرح السؤال بالغ الاهمّية وهو ؛ ما هو السيناريو الذي تخطط له الإدارة الامريكية وبيبي نتنياهو في العام الجديد ٢٠١١ ؟
رئيس الحكومة ( بتحفيز من اوباما ) مدرك تماماً انه آن الآوان لتغيير الائتلاف الحكومي وتشكيل إئتلاف حكومي جديد يضم كديما ( ليفني وزيرةً للخارجية طبعاً ) وحزب العمل ( براك وزيراً للدفاع ) وربما ميرتس وستحظى هذه الحكومة بتاييد واسع ايضاً (٧١ عضواً ). الادارة الامريكية تعتقد ان هذه الحكومة ستكون قادرة على جرّ العملية السلمية الى برّ الآمان، كما ان الدول الاوروبية الصديقة ستصب كل جهدها في دعم هذه الحكومة مادياً ومعنوياً .
باعتقادي لن يكون مصير هذا السيناريو ناجح مثلما تتوقع امريكا وبعض الدول الاوروبية. في نهاية هذا العام سيتضّح لاوباما وكلينتون ان العناصر اليمينية الحقيقية موجودة داخل حزب الليكود نفسه والمسماة بالصقور وهذا ما يجعلنا نشعر للحظة ب"دي جي فو" في حزب الليكود في فترة شارون حين قرر الانسحاب من غزة ، الامر الذي اسفر عن إنشقاق حزب الليكود وتشكيل حزب كديما بزعامة شارون. الصقور داخل حزب الليكود هذه المرّة لن يسمحوا لبيبي باتخاذ قرارات مصيرية لدولة اسرائيل وسيمنعونه من "التنازل عن شبر واحد من ارض اسرائيل". رئيس الحكومة بيبي سيواجه إذاً ضغطاً داخلياً كبيراً من ناحية ودعماً كبيراً من كديما وحزب العمل واوباما وساركوزي وميركيل وبارلسكوني وميدفيديف. رئيس الحكومة في نهاية العام ٢٠١١ سيواجه معضلة سياسية مصيرية بين كسب تأييد الرأي العالمي وقيادة السفينة الاسرائيلية نحو منعطف تاريخي هام ، او ان يبقى أميناً لمبادئ حزبه ولزملائه في الحزب وبعض مؤيديه المتطرفين على الصعيد الشعبي وبالتالي زج دولته في ازمة دولية شرق اوسطية بركانية حادة.

مخططات يمينية خطيرة
قرار رئيس الحكومة بهذا الشأن سيكون اذاً مصيري جداً ، وليس من البعيد ان يعلن عن حل الحكومة واجراء إنتخابات من جديد للحصول على تاييد وشرعية لخطواته من قبل الشعب الإسرائيلي. هذه الانتخابات اذا جرت فعلاً ستكون تحقيقاً لحلم ليبرلمان الذي سيحظى بتمثيل اكبر من التمثيل الذي حصل عليه في إنتخابات شباط ٢٠٠٩. الإحتمال الآخر هو الاستمرار في هذه الحكومة حتى نهاية دورتها، على الرغم من الصراعات الداخلية داخل حزب الليكود. في هذه الحالة وحسب رأيي سيكون دور الاحزاب العربية في البرلمان مصيري وحاسم جداً. لذلك على الاحزاب العربية واعضاء البرلمان ان يعملوا على اسقاط هذا الإئتلاف وعدم إجراء انتخابات ووضع حزب الليكود في صراع سياسي داخلي لإفشال المخططات الخطيرة للعناصر اليمينية المتطرفة في البلاد حفاظاً على السلام، حفاظاً على المنطقة وتاكيداً لدور الجماهير العربية في اسرائيل في حسم قضايا جوهرية في الدولة. 

مقالات متعلقة

.