النائب محمد بركة
أين صرفتم المليارات الفائضة من الضريبة
ما يسمى بـ "الضريبة السلبية" غش وخداع للعاملين الفقراء
حصة الحرب والاحتلال والاستيطان 30% من الموازنة العامة
الميزانية تضمن كل الأدوات والوسائل لتعميق سياسة التمييز العنصري ضد العرب
النائب بركة يفتتح كلمته من على منصة الكنيست، برثاء الشخصية المناضلة القس شحادة شحادة
أكد النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ان الميزانية العامة للعامين 2011 و2012 هي بالأساس ميزانية حرب واستيطان وحرب، وحرب على الفقراء والشرائح الضعيفة، مليئة بصياغات الغش والخداع، وتقديرات ليس لها أساس على أرض الواقع من اجل تبرير سياسة الضربات التي توجهها الحكومة للضعفاء والفقراء، وفي مقدمتهم المواطنين العرب، المستهدفين على أساس عنصري قومي.
النائب محمد بركة
في رثاء القس شحادة
وجاء هذا، في كلمة النائب بركة أمام الهيئة العامة للكنيست، لمناقشة مشروع الموازنة العامة للعامين 2011 و2012، وقد افتتح كلمته، برثاء نائب رئيس الجبهة القس شحادة شحادة، وقال، إنني لا أستطيع بدء كلمتي من دون ذكر الشخصية المرموقة التي ودعناها اليوم، القس شحادة شحادة، رئيس لجنة الدفاع عن الأراضي، التي أعلنت الإضراب العام ليوم الأرض في العام 1976.
فقد ودعنا اليوم (الإثنين)، إنسانا ملتزما بحقوق شعبه، ومؤمنا أيضا بالتعايش والنضال اليهودي العربي المشترك، من اجل السلام العادل، وكان رجل الدين الذي لم ينغلق، بل فتح قلبه لكل البرايا، وأحب الانسان لكونه انسان، وايا كان، انسان متواضع لطيف ودمث، وكان من مقيمي طاقم "رجال دين من اجل السلام"، جمع رجال دين مسيحيين ومسلمين ودروز ويهود، إنني اليوم مع الآلاف التي ودعته نحني هاماتنا لذكراه الطيبة".
وتابع يقول، لقد كانت كتلة الجبهة الديمقراطية اليوم في الجنازة، وفي نفس الوقت، ليس من عادة الكتلة عن تتغيب عن النقاش الاول للميزانية العامة، ولهذا قررت أن آتي بعد الجنازة، كممثل لحزب اجتماعي طبقي يرفع راية العدالة الاجتماعية.
تقديرات غش وخداع
وفي استعراضه لركائز الميزانية، قال النائب بركة، إن الحكومة ووزارة المالية درجتا على دب الهلع والفزع، وطرح تقديرات سوداوية، كمقدمة لتوجيه ضربات للشرائح الفقيرة والضعيفة، إلا أنه مع مرور الوقت يتضح زيف هذه التوقعات، لنشهد فائضا ماليا، لا نعرف كيف يصرف، ولا يحوّل منه شيء لتقليص الضربات الاجتماعية، وما يرفع من مستوى الخدمات للمواطن.
وقال بركة، إن ميزانية العام 2009 جرى إعدادها على أساس انكماش اقتصادي بنسبة 1,5%، بدلا من النمو، إلا أننا رأينا بالمحصلة نموا طفيفا بنسبة 0,8%، وجرى الحديث عن عجز بالموازنة بقيمة 6%، إلا أن العجز كان 5,15%، في حين ان الضرائب كانت في العام الماضي أعلى بخمس مليارات شيكل عما كان متوقعا.
أما في العام 2010 فقد رأينا فجوات اكبر بين التقديرات وما هو على أرض الواقع، فقد أعدت الحكومة الميزانية على أساس نمو اقتصادي بنسبة 1%، وهو يعني ركودا، إلا أن الحديث الآن يجري عن نمو بنسبة 4,1% وربما أكثر، بينما العجز الذي كان متوقعا بنسبة 5,5%، سيكون هذا العام اقل من 3%، أما الضرائب فقد بلغ حجمها بأكثر بـ 12 مليار شيكل، مما كان متوقعا، والقائمة تطول.
ورغم هذا، فإن الحكومة لم تأت لتصلح الغبن، ولم تتراجع عن الضربات الاقتصادية التي وجهتها للشرائح الفقيرة والضعيفة، ولهذا فنحن نسأل السؤال: أين ذهبت هذه الأموال، ومن أجل من صرفت.
لماذا لا تسدون فجوات
وتابع بركة قائلا، لم نسمع من الحكومة أن سعت بهذا الفائض إلى رفع المخصصات الاجتماعية، أو عملت على خلق أماكن عمل، ولم تتجه بطبيعة الحال إلى البلدات العربية لتعمل على سد جزئي للفجوات القائمة بفعل سياستها، ولم تحول شيئا لجهاز التعليم، فزيادة ميزانية وزارة التعليم قد تكون أمرا جيدا ولكنها ليست بالمستوى المطلوب.
وقال بركة، لنترك العرب جانبا، كما هو الحال في السياسة الإسرائيلية، فهاهم رؤساء السلطات المحلية يتظاهرون في الخارج من اجل مليار أو مليارين، ولديكم فائض في هذا العام بأكثر من 12 مليار شيكل، فلماذا لا تستخدمون جزءا من فائض الضريبة لحل أزمة السلطات المحلية عامة، ومنها العربية خاصة.
وأضاف بركة، إن الحكومة تصر على عدم فتح مناطق صناعية واماكن عمل لدى العرب، فقبل فترة طرحت من على منصة الكنيست قضايا الجماهير العربية عامة، بحضور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فوقف ليرد، فبشرنا بأنه يريد تطوير شبكة المواصلات للبلدات العربية، فصحيح أن هذا أمر مطلوب، ولكن معنى كلام نتنياهو بالذات، أنه ليس معنيا بفتح أماكن عمل ومناطق صناعية، وإنما يريد تسهيل حركة العمال العرب من بلداتهم إلى أماكن العمل البعيدة يوميا، وفي هذا رسالة سياسية خطيرة.
الضريبة السلبية خدعة
وتوقف بركة في كلمته عند سياسة ما يسمى بـ "التخفيض الضريبي"، و"الضريبة السلبية، وقال، لقد قلنا مرارا عن تخفيض ضريبة الدخل، قد يكون مقولة جميلة، ولكنه سياسة غش وخداع، تخدع المواطن الضعيف، الذي لا يشعر بهذا التخفيض إطلاقا، وفي نفس الوقت يتضرر من نتائجه، فالذين يتقاضون رواتب متدنية لا يصلون إلى سقف الحد الأدنى للأرضية، ولهذا فإنهم لا يشعرون بالتخفيض، الذي يتمتع به أصحاب المداخيل العالية وأصحاب العمل ورأس المال.
ومن جهة أخرى، فإن هذا التخفيض يقلص مداخيل الخزينة العامة، مما يجعل الحكومة عاجزة عن تقديم الخدمات بالمستوى المطلوب ورفع المخصصات الاجتماعية، بحجة عدم وجود ميزانيات كافية، كانت الحكومة قد قلصتها بيدها.
وقال بركة، ومقابل هذا، فإن الضرائب غير المباشرة على الدخل، مثل ضريبة القيمة المضافة وغيرها من ضرائب المشتريات تبقى عالية كما هي، لا يشعر بهذا كثيرا أصحاب المداخيل العالية، بينما تكون مأساة بالنسبة للفقراء.
وأضاف بركة، مقابل هذا، تأتي الحكومة لتقول إنها تريد تطبيق ما يسمى بـ "الضريبة السلبية"، بمعنى تدفع الضريبة مبالغ فتات لذوي المداخيل المنخفضة، بدلا من رفع الحد الأدنى من الأجر، وبدلا من مطالبة أصحاب العمل برفع الأجور.
فهذه زيادة مدخول ليست محتسبة بالتأمين التقاعدي، ولا بالراتب التقاعدي المستقبلي، بمعنى مبالغ صغيرة بهدف التخدير، والتخفيف عن كبار أصحاب راس المال لزيادة أرباحهم على حساب الخزينة العامة.
ميزانية الحرب والاحتلال
وقال بركة، إن كل شيء يتقلص ويتراجع، إلا ميزانية وزارة الأمن وكل ما هو تابع لها، من احتلال واستيطان، فكل التقارير تؤكد أن حصة ميزانية الحرب والاحتلال والاستيطان بتشعباتها تتجاوز نسبة 30%، وهذا عدا عن نسبة نمو تتراوح ما بين 1,5% إلى 3% سنويا، لو كان سلام وطمأنينة في البلاد والمنطقة، كما دلت على ذلك دراسات وابحاث.
وتابع بركة قائلا، أمامنا ميزانية لوزارة الأمن بنسبة 14%، من حجم الميزانية العامة، اي أكثر من 50 مليار شيكل، ولكن هذا لا يشمل ثلاثة مليارات دولار، من الدعم العسكري الأميركي السنوي، وكما درجت "العادة" فإن الحكومة ووزارة المالية تحول سنويا زيادات غير مقررة بداية، كما هو الحال في العام 2010، إذ ارتفعت الميزانية الاساسية من 49 مليار إلى 61 مليار.
وقال بركة، ويضاف إلى هذا، ميزانيات غير معلنة وغير مرئية، لأجهزة المخابرات والأمن الأخرى، وبنود الأمن في الوزارات المختلفة، والمليارات التي تنفق على المستوطنات من بناء وبنى تحتية وحراسة وصرف زائد على المستوطنين في جميع المجالات من تعليم وامتيازات ضريبية وغيرها.
وقال بركة، هذه ليست ميزانية تبشر بالسلام، بل تبشر بمزيد من الاستيطان والاحتلال والبطش، هذا هو وجه الحكومة.
في الملخص ميزانية عنصرية
واختتم بركة كلمته قائلا، ن هذه الميزانية تشمل كل الأدوات والوسائل التي تعمق التمييز العنصري ضد المواطنين العرب، وهذه الأدوات بالأساس في القضايا الاجتماعية والعمل والتعليم، والفجوات التي تتسع من عام إلى آخر هي أكبر دليل على السياسة العنصرية الرسمية التي تتبعها حكومات إسرائيل، وهذه الحكومة أيضا.