الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 01:02

شعراء الحوليات وشعراء ألاسبوعيات..!-بقلم:شاكر فريد حسن

كل العرب
نُشر: 14/12/10 11:04,  حُتلن: 08:39

شاكر فريد حسن:

القصيدة فن ابداعي رفيع ، قريب من وجدان الناس وعقولهم

القصيدة في أيامنا هذه أصبحت سلعة رخيصة خالية من الذوق والجمال، وفقدت السمو والخيال والجمال

الشاعر كان يكتب قصائده للناس ويقرأها على مسامعهم، بينما اليوم نجد الشاعر يكتب لنفسه وحباً بالشهرة الرخيصة

المتأمل المتمعن الراصد للمشهد الشعري الراهن، يخرج بانطباع واستنتاج وجود نوعين من الشعر يقفان على طرفي نقيض، احدهما بالغ الروعة والجمال والجزالة، والثاني بالغ التفاهة والسطحية والضحالة.
احدهما يحلق في افاق الكلمة الجميلة المشحونة بالانفعال العاطفي واشعاع الابداع الحقيقي واللفظة البارعة والصورة المبتكرة والخلابة، والاخر يسف الى حد السقم والابتذال والهشاشة والسطحية . الأول نظيف وأنيق المبنى والشكل مشرق الخيال، والثاني مريض الخيال والصورة وسقيم الذوق والاحساس معاً.

سمو ونشوة
حين كنا نقرأ أشعار المتنبي والمعري وشوقي وألشابي وجبران وعلي محمود طه كان يرهف الوجدان ، لأن كتابتهم الشعرية تشعرنا بالسمو والنشوة، ونحس بأن شيئاً يستحق الالتفات والاهتمام والقراءة.

إبداع وفن
فالقصيدة فن ابداعي رفيع ، قريب من وجدان الناس وعقولهم، وهي في ذاتها معاناة وصراع عنيد بين الذات الشاعرة وبين محدودات الوسيط التعبيري وقيوده، أنها ليست نتاج لحظة مقطوعة ولا تتم في جلسة واحدة، أذ يمكن أن تستغرق كتابتها أياماً وربما شهوراً، وقد يعود اليها الشاعر بنظرته وحساسيته الشعرية، فيضيف ويغير ويحرف ويعدل، ولو أطلع الناس على المسودات للكثير من القصائد والروائع الجميلة لرأوا في ذلك عجباً.

القصيدة أصبحت سلعة رخيصة
ولكن القصيدة في أيامنا هذه أصبحت سلعة رخيصة خالية من الذوق والجمال، وفقدت السمو والخيال والجمال، وهم الشاعر يبدو هماً لنفسه بينما في الماضي كان همه هو هم الأمة كلها. كما أن شاعر الماضي كان يكتب قصيدته حين كانت تلح عليه الفكرة وتختمر في فكره وذهنه وخياله الشاعري، وكان يكتفي بقصيدة كل فترة، بحيث يوفر لقصيدته كل أسباب الجمال والفنية، وكان يقضي حولاً في نظمها وتهذيبها وتشذيبها وفي عرضها على اخصائه، ولنتذكر الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، رجل العقل والرصانة الذي نسبت اليه " الحوليات" وكان يرمي الى النفع في شعره ولا ينظم القوافي لارضاء الفن الصافي الراقي وليس لارضاء الحاجة الشعرية فيه ، ولأجل ذلك كان يأخذ شعره بالتنقيح والعقل والتهذيب وكأنه يتفحص ويتمعن كل قطعة من قطع نماذجه فيتعب في التحضير تعباً شديداً، بينما شاعر اليوم فأنه يكتب أكثر من قصيدة في الاسبوع وربما في اليوم، فتأتي قصيدته فجة ضحلة ركيكة المعاني، تكرر نفسها وتفتقد للجمال الفني. كذلك شاعر الأمس كان يجمع قصائده بين حين واخر ويصدر ديوان شعر كل شهرين أو أكثر بقليل طمعاً بجائزة تفرغ أو ابداع!

الشهرة الرخيصة
وأيضاً الشاعر كان يكتب قصائده للناس ويقرأها على مسامعهم، بينما اليوم نجد الشاعر يكتب لنفسه وحباً بالشهرة الرخيصة الكاذبة وكي يرضي غروره الزائف، وأصبح كل عدة شعراء يجتمعون ويؤسسون شلة أو جماعة أدبية ، ويقرأون أشعارهم لبعضهم البعض، ثم يكتبون أخباراً عن لقاءاتهم وقراءاتهم الشعرية ويوزعونها بالجملة على المواقع الالكترونية والصحف المطبوعة.

موهبة جياشة وتجربة حياتية
يمكن القول أخيراً أن الشعر بحاجة الى الموهبة الجياشة والتجربة الحياتية الغنية والثقافة الحقيقية واللغة الفنية والموسيقى ، كذلك بحاجة الى التجربة المتفردة التي تعطي للقصيدة طعماً خاصاً لم نتذوقه في اية قصيدة سابقة، فهل يقتدي المتشاعرون بمن سبقهم من شعراء فيتحولون من شعراء اسبوعيات الى شعراء حوليات؟!
 

مقالات متعلقة

.