جمال حداد:
الأبحاث التي سيتم تقديمها هي محاولة من اجل إبراز القضية الفلسطينية ووضعها في سياقها الصحيح
عمل صندوق الاستثمار امتد ليشمل الشراكة المجتمعية، والانسجام مع طموحات المواطنين، كجزء أساسي من برنامج الاستثمار من اجل الانسان
الدكتور رشيد الخالدي:
الشباب في الدول الغربية تحمسوا لإجراء البحوث عن فلسطين يتعاظم عاما بعد عام
التهديد الصهيوني كان له الدور الأكبر في منع إجراء البحوث عن فلسطين في دول أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية
عقدت مؤسسة الدراسات الفلسطينية مؤتمرا في جامعة بيرزيت تحت عنوان " البحث عن فلسطين.. ثغرات وآفاق بحثية" في محاولة لفهم السياقات الفكرية والسياسية التي رافقت عمليات البحث التاريخية والجغرافية والمعرفية والمجتمعية، خلال مراحل متباينة من المسيرة الفلسطينية.
ويهدف المؤتمر الذي بدأ أعماله اليوم، ويستمر على مدار يومين إلى تحويل الثغرات التي وجدت في البحوث عن فلسطين إلى آفاق بحثية، جغرافيا واجتماعيا وثقافيا، وإيجاد توجهات جديدة في معاينة القضية الفلسطينية وعملية تشكيل الوعي بها. وعبر ثلاث جلسات امتدت خلالها أعمال المؤتمر، حاول المتحدثون من خلال الأوراق البحثية التي تم تقديمها، وضع اليد على كيفية تطوير الوعي والمعرفة بأهم المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية، والمحاولات الاستعمارية المتواصلة من أجل تزييف التاريخ، وكي الوعي المجتمعي والفردي وتغيير طبيعة الحقائق التي تسرد بداية الصراع وسبل إنهائه.
آمال وطموحات فلسطينية
وفي كلمته في افتتاح المؤتمر، أشار الدكتور خليل الهندي، رئيس جامعة بيرزيت، أن المؤتمر يأتي إضافة نوعية للإرث الثقافي الذي رسخته جهود جامعة بيرزيت، بالشراكة مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، التي ساهمت في التعبير عن الآمال والطموحات الفلسطينية، ونقل الهموم إلى العالم اجمع، لافتا ان الحضور المكثف دليل على مدى اهمية الأبحاث التي جرت، والتي كان لجامعة بيرزيت مساهمة مباشرة في إخراجها.
الربط بين الأوضاع المجتمعية
من جهته، عبر الدكتور يواكيم بول، مدير مؤسسة هنرش بل، الداعمة للمؤسسة، عن تقديره للجهود البحثية التي تم إجراؤها، والأوراق البحثية التي سيتم تقديمها، داعيا إلى التركيز على ابراز الأسباب الحقيقية للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي والبحث عن خلفية الوضع السياسي القائم، إلى جانب الربط بين الأوضاع المجتمعية القائمة، التي تؤثر بشكل كبير في توجه الوضع السياسي، على حد قوله.
أما جمال حداد، مستشار رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، الداعم لأعمال مؤسسة الدراسات الفلسطينية، فقد شدد في كلمته أن عمل صندوق الاستثمار امتد ليشمل الشراكة المجتمعية، والانسجام مع طموحات المواطنين، كجزء أساسي من برنامج الاستثمار من اجل الانسان، مؤكدا أن الأبحاث التي سيتم تقديمها هي محاولة من اجل إبراز القضية الفلسطينية ووضعها في سياقها الصحيح.
البحث عن فلسطين.. ثغرات وآفاق بحثية
وقد توزعت أعمال المؤتمر على مدار ثلاث جلسات، تخللها تقديم عدة باحثين اوراقا أعدت حول مواضيع ذات علاقة وثيقة بطبيعة الصراع القائم، وتسليط الضوء على الزاويا الأكثر تأثيرا في تحديد أهمية المواضيع المتداولة في الساحة الفلسطينية، وكيفية إبراز اعمال وطمس أعمال اخرى.
الجلسة الأولى، كانت تحت عنوان " البحث عن فلسطين.. ثغرات وآفاق بحثية"، حيث قدمت خلالها ثلاث أوراق بحثية، تتعلق بمصادر الأبحاث التي تجرى عن فلسطين، واهم التطورات التي جرت على الفهم العالمي للقضية الفلسطينية، وربط ذلك بدور المؤسسات الفلسطينية، ولا سيما السياسية، في إبراز القضية او إخفائها.
التهديد الصهيوني
الدكتور رشيد الخالدي، أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا في نيويورك، ومحرر مجلة الدراسات الفلسطينية بالانجليزية، تطرق في ورقته البحثية إلى اهم الجهود البحثية التي يتم إجراؤها حول فلسطين، واهم المعيقات التي تقف حائلا امام عدم اكتمالها، مشيرا إلى وجود ثغرات عميقة تواجه البحث في تاريخ فلسطين، والتي برزت نتيجة فقدان الأرشيف الوطني، وبسبب عدم وجود مؤسسات بحثية متخصصة داخل الأراضي الفلسطينية. كما اعتبر الدكتور الخالدي أن التهديد الصهيوني كان له الدور الأكبر في منع إجراء البحوث عن فلسطين في دول أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية، ملمحا في الوقت نفسه، إلى أن تحمس الشباب في الدول الغربية، لإجراء البحوث عن فلسطين يتعاظم عاما بعد عام.
رصد حالات غياب حضور فلسطين
رئيس دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، الدكتور عبد الرحيم الشيخ، قدم في مداخلته إشارات حول مفهوم ما أسماه كسوف فلسطين، فكرة ووجودا، بفعل المؤسسة السياسية الفلسطينية، وذلك من خلال تتبع حضور فلسطين ورصد حالات غيابها في النصوص المتعلقة بتاريخ الشعب الفلسطيني. وقد تحدث الدكتور الشيخ في ورقته البحثية عن التقارب الكبير بين الرواية الصهيونية لأسباب الصراع، وبين المشروع الاستعماري الغربي، مركزا في مداخلته على كيفية تناول الأحداث في فلسيطينن وتأثيره على تكوين الهوية الوطنية الفلسطينية، وإسقاط الكثير من المفاهيم ذات العلاقة بتشكيل المخيال الجمعي لدى الفلسطينيين.
قراءة نقدية للأوضاع الاجتماعية الفلسطينية
وبقراءة نقدية للأوضاع الاجتماعية الفلسطينية، بدأ الأستاذ خالد عودة الله، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت مداخلته، التي ركز فيها على المحاولات الاستعمارية الغربية في صهر الثقافة الفلسطينية، ونزعها من محيطها العربي الاسلامي، عبر استغلال الباحثين العرب والمراكز البحثية في المنطقة لتحقيق هذا الهدف. وقد دعا عودة الله إلى تحرير المراكز البحثية من الأجندات الخارجية، معتبرا أن فلسطين تحولت إلى مختبر كبير من اجل تطبيق السياسات الاستعمارية الغربية وقمع محاولات الحفاظ على الهوية والتماسك الاجتماعي.
وفي الجلسة الثانية من المؤتمر، تركزت المداخلات التي قدمها كل من الدكتور صالح عبد الجواد، عميد كلية الحقوق والإدارة العامة في جامعة بيرزيت، والدكتور عادل مناع، رئيس المعهد الكاديمي لإعداد المعلمين العرب في كلية بيت بيرل، والدكتور سميح حمودة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، على أهمية توحيد الرواية الفلسطينية للنكبة، وما تلاها، في ظل تشتت الكل الفلسطيني، والحاجة إلى قراءة جديدة للتاريخ من أجل وضع سياق جديد للحاضر والمستقبل.
مراجعة شاملة للأطر التشريعية الفلسطينية
وقد شملت الجلسة حديثا عن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل، بحق الفلسطينيين في الداخل، وخاصة في منطقة الجليل، بهدف تهجيرهم من بلدانهم، كما خرجت الدعوات من احل إيلاء التاريخ الشفوي الذي يرويه النازحون كل اهتمام، لإعطاء الضحايا فرصة لطرح مقولتهم حول ما حدث وما تم تسجيل جزء منه.
أما الجلسة الثالثة، فقد شارك فيها أستاذ الدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت الدكتور مضر قسيس، والدكتور محمد الخالدي أستاذ الفلسفة في جامعة يورك بكندا، وإلى جانبهم ريم البطة طالبة الدكتوراة في جامعة بيرن بسويسرا، حيث تركز النقاش خلالها على ضرورة وضع إطار قانوني للحقل الثقافي الفلسطيني، عبر مراجعة شاملة للأطر التشريعية الفلسطينية، إلى جانب الحديث عن الدراسات التي حاولت شرعنة الممارسات الاسرائيلية ودعمها، ومحاولات تزييف التاريخ لصالح الصهيونية. وتتواصل اعمال المؤتمر الذي تدعمه جامعة بيرزيت، وصندوق الاستثمار الفلسطيني ومؤسسة هنرش بل يوم غد الحد بأوراق بحثية تتعلق بالثقافة الفلسطينية وتنميتها، ووضع اليد على الثغرات التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني في ظل الواقع القائم.