الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:01

أيّهما تغلب احتمالات السلام أم الحرب في منطقتنا؟ بقلم: الشيخ حماد أبو دعابس

كل العرب
نُشر: 16/09/10 09:40,  حُتلن: 14:15

 الشيخ حماد دعابس:

اوباما وجد نفسه  بحاجه ماسّه إلى أن ينجز شيئا ما على الصعيد الشرق أوسطي، بما يخدم التوجُّه العام لمصالح إسرائيل والغرب

إسرائيل بعد حربها في غزة ولبنان، واعتدائها على أسطول الحرية، وبعد تعيين ليرمان وزيراً لخارجيتها، بلغت مبلغاً من ألعزله السياسية

نتنياهو ومجموعة مستشاريه ومقرّبيه، وصلوا إلى استنتاج بان تحريك المسار الفلسطيني ، في الوقت الذي فيه الفلسطينيون غير مستعدّين ، هو أنسب ميدان

مع تجدّد مفاوضات السلام بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني مصحوباً بالرعاية الأمريكيّة ، والشهود العربي ، نحاول استعراض الأرضيّة التي يقف عليها كل طرف من الأطراف لعلّنا نُسهم في قراءة حقيقة ما يجري والاحتمالات التي يمكن أن تُبنى على ذالك . فبعد الرفض الإسرائيلي المستمر للطروحات العربيّة للسلام ، والمبادرة العربيّة ، وبعد صعود اليمين الإسرائيلي الأكثر تشدّداً الى سُدّة الحكم في إسرائيل . فجأة تتحرّك إسرائيل بشكل مثير ، وجاد ّ" فيما يبدو" من اجل التقدم في المسيرة السليمة . فما حقيقة الموافق الإسرائيليّة والأمريكيّة والفلسطينيّة والعربية ، لعلّنا من خلال الإجابة عن هذه التساؤلات نستطيع قراءة ما بين سطور الأخبار اللقاءات والمفاوضات والاحتمالات والتوقّعات .

أولا : الموقف الأمريكي
مهم جدّا أن نبدأ قراءة المواقف بدأ بالموقف الأمريكي ، لأنه الأكثر تأثيراً ، والأثقل وقعاً على الجوّ العام ، والتوجُّه العام للمفاوضات ، ويتمثّل ذلك بالدعم اللا محدود لإسرائيل والذي يمنحها المظلّة السياسيّة والعسكريّة وإلاستراتيجيه لكل تحركاتها . فأوباما الذي جاء متحمّساً لإحداث التغيير في ألصوره النمطيّة السلبيّة التي تحملها الشعوب الإسلامية حول أمريكا . وخاطب العالم الإسلامي من جامعة القاهرة ، ومن البرلمان التركي ، وأعلن عزم عن إغلاق معتقل غوانتانامو ، والانسحاب التدريجي من العراق ثم أفغانستان ، عاد إلى الموضوعيّه ، والعقليّة المؤسساتية الأمريكية المعقّدة التي تزن الأمور بموازين المصالح والاستراتيجيات بعيدة المدى .
ومع اقتراب الانتخابات النصفيّة الأمريكية وحاجة اوباما إلى الصوت اليهودي الأمريكي ، فقد وجد نفسه اوباما بحاجه ماسّه إلى أن ينجز شيئا ما على الصعيد الشرق أوسطي ، بما يخدم التوجُّه العام لمصالح إسرائيل والغرب . ألا وهو تبريد الجبهة الفلسطينية لكسب العرب في موافق مُستقبليه خطيرة وأساسيه .
فأمريكا إذا ليس هدفها اليوم إنصاف الفلسطينيين ، واستعادة حقوقهم التاريخية . وإنما ( 1 ) انجاز أي شيء ممكن على صعيد السياسة الخارجيّة يُحسب لصالح اوباما قبيل الانتخابات النصفية للكونغرس ( 2 ) كسب الصوت اليهودي الأمريكي
( 3) تبريد الجبهة العربية وإزالة المُعكِّر الفلسطيني الذي من شانه أن يصعِّب على العرب مناصرة أمريكا في الحروب القادمة ، عندما تحين ساعة الصفر .

ثانيا : الموقف الإسرائيلي
إسرائيل بعد حربها في غزة ولبنان ، واعتدائها على أسطول الحرية ، وبعد تعيين ليرمان وزيراً لخارجيتها ، بلغت مبلغاً من ألعزله السياسية ، وحضيضا قلّما وصلت إليه في السياسة . ومع العلم المسبق ، والإعلان شبه الواضح ، بأنها تتهيأ لحرب مع إيران وحزب الله ، فإنها تعلم أن صورتها الحاليّة ، لا تؤهلها لإيجاد حلفاء لمثل هذه الحرب .
نتنياهو ومجموعة مستشاريه ومقرّبيه ، وصلوا إلى استنتاج بان تحريك المسار الفلسطيني ، في الوقت الذي فيه الفلسطينيون غير مستعدّين ، هو أنسب ميدان يحقّق فيه نتنياهو انجازاً سياسيّاً واستراتيجيّاً ، وخصوصاً كونه هو المبادر . وهو بذلك يسعى لتحقيق أكثر من هدف : ( 1 ) استرضاء الموقف الأمريكي واثبات انه ليس العائق في وجه السلام ، مما يضمن له الدعم الأمريكي المستمر في مواقف السلم والحرب ( 2 ) تصليح صورته على السّاحة الدوليّة ، والتغطية على الصورة السلبيّة التي ارتسمت في الأذهان بعد الاعتداءات في لبنان وغزة وعلى أسطول الحرية ( 3 ) قد تكون إسرائيل وصلت إلى قناعة بأن دولة فلسطين في الضفة محاطة بجدار عازل ، وترتبط كل مصالحها وشريان حياتها بإسرائيل كما هو واقع غزة هو الحل الأمثل للقضية . ( 4 ) استغلال الضعف الفلسطيني في تحقيق انجازات تاريخيّه على مستوى الاعتراف بإسرائيل دولة الشعب اليهودي . والإعلان عن إنهاء الصراع دون حل قضية اللاجئين .

ثالثا: الموقف الفلسطيني والعربي
القيادة الفلسطينية تأتي إلى المفاوضات مجرورة مثقله ، فهي غير جاهزة . جاءت في توقيت يخدم المصالح الإسرائيلية . وكان عليها أن تتعاون امنياّ مع إسرائيل في متابعة واعتقال القيادات الإسلامية وملاحقتها . لا تملل أية أوراق ضغط ، بل مطلوب منها تقديم التنازلات من اجل إبداء حسن النوايا ، ومن اجل تحقيق أي خطوه أو تقدم في المسيرة . حرصت القيادة الفلسطينية أن تكون مدعوه بالمشاركة العربية ، وخاصة المصرية والأردنية كتغطية لموقفها ، ودليل أنها لا تتحرك بمعزل عن الإرادة العربيّة.
والموقف العربي الرسمي كذالك يساق إلى المفاوضات محرجاً ومكبّلاً . فهو أعلن مراراً أن السلام هو خياره الوحيد ، ولذالك يصعب عليه رفض الدعوة لتحريك مفاوضات السلام . ومن ناحية أخرى فالمفاوضات تأتي متجاهله للمبادرة العربية ، بل بالأجندة الإسرائيلية الأمريكية . كما ان العرب لا يملكون من أوراق أللعبه شيئاً ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا على صعيد إعادة الوحدة بين شطري الوطن الفلسطيني.

السيناريو الاكثر توقعا
الأهداف ألاستراتيجيه الكبرى لإسرائيل وأمريكا ، يمكن التقدّم فيها كثيرا بمجرد انجاز جزئي على المستوى الفلسطيني . ولذلك فالمتوقع أن تحقق المفاوضات انجازا على مستوى القدس ، وتبادل الأراضي والإجراءات الأمنية ، وبعض التفاصيل في قضية الحدود والمستوطنات مع بقاء مشاكل عالقة معقده بمرحله قادمة . أما قضيه اللاجئين فيتوقع إرجاؤها حتى لا ينفجر كل شي .
فالمتوقع إذا هو انجاز جزئي يستطيع اوباما ونتنياهو وعباس أن يفاخروا بِه ، مع إبقاء الباب مواربا لمرحلة ما بعد الحرب. مثل هذا الانجاز يضمن وقوف العرب صامتين أو متعاونين في الحرب القادمة المتوقعة على إيران . انه إذا تخدير من نوع معروف ، مع الاستعداد للتقدم خطوة إلى الأمام على صعيد المفاوضات . خطوة مدروسة العواقب، تضمن التهاء العرب بهذه الملهاة إلى حين تنقشع سحابة الحرب الكبرى المزمعة في المنطقة والتي تدور التكهنات حول توقيتها ويبدو أنها في السنة القريبة .
إنها إذا مفاوضات سلام تمهيداً لحرب كبرى ، مفاوضات يراد لها تحقيق أهداف محدودة خدمة لحرب يراد منها إعادة رسم المنطقة العربية والإسلاميّة . ولكن صناع السياسة يغفلون عن الحقيقة العظمى ألا وهي : " وان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين " " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " .

مقالات متعلقة

.