مساحات شاسعة من البياض،على الورق المخطوط بالأزرق ،تحتاج من يحنو عليها ويملؤها بما يريد:من الشعر أو النثر ،أو المقالات
يعطيها كل الحب ويزيد
ورغم كل الانقلابات من حولي،وانهيار العالم رأسا على عقب،في بلدتي والبلدان القريبة والبعيدة عنها،رغم كل الذي يحدث من مآس وحوادث
لا يغريني أي شيء في الكتابة عنه
لست أدري من أين لي كل هذا البرود!أظن نفسي قد بت صنما،دونما شعور لأي شيء يحدث حولي
فكل شيء بات عاديا أو حتى أقل من عادي
ما الذي ممكن أن يحدث! وأي كارثة ستقع حتى أجهد نفسي في التفكير بها وأتوسل قلمي أن يخلدها بعبقه الجريح
فنحن شعب لا نفكر بالشيء إلا بعد فقدانه، وحينها نخلده ونعظمّه بكتاباتنا،التي إذا ما متنا وانتهى وجودنا من الحياة،وحسب ما تحمله من معان وأبجديات من الممكن أن تُخلّد وتُخلدنا معها
يا إلهي ما هذه الترهات التي اكتبها،كلمات مجرد كلمات
لأول مرة أشعر أن قلمي يخذلني،يخونني
سامحك الله يا رفيق العمر
سامحك الله
ربما قسوت عليك وأجبرتك على كتابة ما لا تريد،ولكن اخبرني ماذا تريد؟!
هل يعنيك كثيرا أن تكتب مثلا عن حالات الانتحار التي انتشرت في الآونة الأخيرة،في وسطنا العربي بكثرة حتى باتت شبه عادية،ويا حسرتي منتحرون لأتفه الأسباب!
هذا جرب الانتحار لأن حبيبته هجرته،وآخر انتحر وترك أولادا يتامى وزوجة ثاكل لأن أهله سوف يبيعون الأرض وهو بحاجتها
تعددت الأسباب وهذا الموت المحّرم واحد
صحيح أن الحياة صعبة ،وكثيرا ما ترينا وجهها العابس ،ونحن في أوج فرحنا،ولكن يجب أن نتحداها بإرادتنا القوية وحبنا لها لتحنو علينا وتعطف باشراقتها وابتسامتها الجميلة
ونحن أبناء الشرق
أبناء المحبة والسعادة
يجب أن نعتز بعروبتنا، ونمشي حسب وصايا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،وحسب تعاليم القرآن والسنة الحنيفة،علينا أن نصبر ونلعق جراحنا على ما أصابنا من تقلبات الدهر
والانتحار يا أبناء أمتي محّرم،محّرم وقاتل نفسه مجرم بحق ذاته والإنسانية جمعاء
فحذار من غضب الله ،
حذاري يا بني البشر
أهذا يريحك يا قلمي؟حتما لا
فاني اعرف انك لا تحب مثل تلك الحكايات
ولكن إذا كانت حكايات الانتحار لا تستهويك،ولا تغريك في الكتابة عنها ،فماذا تريد إذن؟!!
هل تلفت نظرك أيها القلم المكابر،قصص القتل المنتشرة بيننا؟واكبر مثال عليها مدينة الناصرة
لا لا الناصرة اسم قديم،ولا يليق بالأحداث الجديدة
فمن الأفضل أن تسميها شيكاغو
نعم شيكاغو مثلا
نعم شيكاغو الناصرة يليق بالأحداث الجديدة والفظاعة الغريبة،فكل يوم قصة قتل ودماء مسفوكة
إنهم حتما لا يدرون أن القاتل والمقتول في النار، وكيف إن كان القتل على أسخف الأمور التي لا يتصورها العقل البشري
فتصوروا
أخ يقتل أخاه من اجل بضعة قروش،اومن أجل أمتار من الأرض، وآخر يطعن السكين بقلب ابن عمه، صديقه، قريبه
لأسباب كثيرة إن ذكرتها فلن انتهي اليوم
ما رأيك يا قلمي بما يحدث في مدينة السلام!هل يرضيك ما نسمعه في الآونة الأخيرة هناك؟سرقات ،حرق للمحلات
انتهاكات كثيرة ،في مدينة النور والسلام أم الفحم
أيرضيك هذا!حتما لا ولن يرضيك، واعذرني أن أقول شُلت كل يد وقُطع كل لسان يمس سمعة ام الفحم ويطعن بها
مؤكدة أن اليد السارقة التي امتدت إلى الجيوب,والبيوت ولم تحفظ حرمتها تستحق القطع
والقاتل الذي تغريه نفسه لقتل أخيه الإنسان لا يستحق العيش ،ولا يستحق لقب إنسان
أنت حبيبي يا قلمي ،وصديقي الذي لا أجد سواه ساعات فرحي وأيام ترحي
تبقى معي عندما يبتعد الجميع،وتآنس كآبة وحدتي
للاسف يا عزيزي مهما تحدثت وتحدثت لن أستطيع أن أرضيك،لأنك صريح ولا تحب الكلام المضلل والخداع ،وفي زماننا هذا لكي تستطيع أن تعيش في سلام ،عليك أن تجاري الناس في كذبهم وزيفهم والا فسوف تكون أنت الكاذب المزيف ،ستكون المجنون ويرمونك خارج إطار هذا الزمان
ولهذا عليك أن تنسى كل الترهات التي حدثتك بها وتبتسم وكأنك لم تسمع أي شيء
لا تنخدع بالمظاهر الكاذبة،كاْن تقول مثلا هذا دكتور وذاك بروفيسور، فلان وزير وعلان غفير
فقد بت أرى الجميع سواسية والعقل الراجح ممكن أن يكون بأبسط خلق الله
وحكيم القوم ربما هو أصغرهم حسبا ونسبا وجاها
والآن يا صديق عمري ،أسلمك نفسي التي لا تحس بطعم الحياة وعبيرها إلا في الحوار معك
اعتذر إليك يا حبيبي فمهما تكلمت ،ومهما حاولت أن أسترضيك لن أفيك حقك ،فسعادة عمري بيدك أنت وحدك
أنت من تفهمني وأفهمك
فدمت يا صديقي وحبيبي الشمعة التي تضيء عمري وحياتي بحنانها ونورها المفعم بالسكينة وجمال الحياة
أعذروني أيها السادة
أو اعذروا،
صرخة ذاك القلم
وسامحوه إن تعدى حدود اللياقة،
في عالمكم
فهو يصرخ من شدة الألم
ويحترق،
ويحترق
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولذلك فقط
فضّل عيشة العدم
أفضل كثيرا
من العيش بين
بين
بين أفضل السادة
بأخلاقهم الرفيعة،
المشهورة في كل الأمم
!
قانا الجليل
كفركنا