* البقع الصامتة هي ما يشكل شخصية السيرورة الموسيقية ويبلور جزءاً كبيراً من ملامحها
* نسيم دويري يشارك بمسابقة افضل مشروع لبناء قاعة كونسرتات في جمهورية استونيا
* يفترض أن يؤدي النشاط الواسع والكثيف للمعمارية الى تحويل الساحة الى موقع إجتماعي فاعل وناشط
نسيم دويري:
* خلال دراستي لمراحل برنامج المسابقة، انكشفت على الموسيقى الشيقة والغنية للمؤلف الموسيقي الإستوني آرفو بارت Arvo Pärt، الذي يحتل مكانةً في المشهد الحضاريّ للمدينة
* قمت بتعيين نوعين مختلفين من الصناديق حدّدت المساحات من خلالهما، حيث تشكل النوع الأول من الخشب والنوع الثاني من الألمنيوم
على اثر دعوة وجهت في شهر اذار من هذا العام, لمهندسين معماريين من انحاء العالم وذلك لبناء قاعة كونسرتات في جمهورية استونيا الواقعة في شمال شرق اوروبا, قام ما يقارب 136 مكتبا للهندسة في العالم بتقديم طرح لمشروع ومخطوطات لاقامة القاعة , ومن بين المتقدمين للمسابقة كان ابن مدينة الناصرة المعماري نسيم دويري والذي حصل على مراتب متقدمة جدا , من خلال وصوله الى المرحلة الرابعة ,حيث كان مشروعه من المشاريع التي تم اختيارها للعرض في مدينة راكفيري ضمن مراسم الاعلان عن المسابقة , كما وتم عرض المشروع من خلال معرض اخر في متحف استونيا للفن المعماري في مدينة تالين بعد ان حظي ليكون من ضمن المشاريع الاكثر تميزا. يذكر ان المشروع قد رصد في مجلة "ادريخالوت يسرائيليت" المتخصصة في مجال الهندسة والفن المعماري.
المعماري نسيم دويري
اما المسابقة فهي عبارة عن تقديم خرائط لصالة الكونسرت والساحة المتاخمة لها والتي تشكل معلماً رئيسيّاً في المنطقة. وبالتالي، يفترض أن يؤدي النشاط الواسع والكثيف للمعمارية الى تحويل الساحة الى موقع إجتماعي فاعل وناشط. الخطة البنائية تعتمد بدرجة كبيرة على المكوّنات الثقافية المكانية للموقع، ويؤكد على الأبعاد الموسيقية فيه.
ساحة وكنيسة القديس باولوس
ويقول دويري:خلال دراستي لمراحل برنامج المسابقة، انكشفت على الموسيقى الشيقة والغنية للمؤلف الموسيقي الإستوني آرفو بارت Arvo Pärt، الذي يحتل مكانةً في المشهد الحضاريّ للمدينة. وبناء على ذلك، فقد شرعت في تأسيس تصميماتي المعماريّة ضمن مقاربات لأعمال ومؤلفات بارت الموسيقية.
ارفو بارت :"تمنح مؤلفاتي الموسيقية الأهميّة للحقل أكثر مما تمنحها للزهور"
صالة الكونسرت هي عبارة عن مقاربة معماريّة لمؤلفات آرفو بارت, فالسيرورة التخطيطية نشأت من تحليلات ودراسات لهذا المؤلف الموسيقي الأستوني الذي ينتمي الى المدرسة المينيمالية minimalism، والى أسلوب طوره بنفسه يُدعى Tintinnabulum. وذلك من خلال تفكيك عناصر مكونات مؤلفاته الموسيقيّة, يذكر ان مؤلفات بارت تقوم على حوار نسيجي بين مساحات نغمية وألحان ومتساجمات صوتية من جهة، وبين هذه البنى الصوتيّة وبمساحات صامتة تعترضها هنا وهناك من جهة ثانية مكمّلة. ولذلك فان "الصّمت" عنصر هام وجوهري يرافق جل مؤلفات بارت, "لحظات من الصّمت" تقطع للوهلة الأولى سيولة الموسيقى وجريان الصوت فيها. لكن، في الحقيقة الأعمق، هذه البقع الصامتة هي ما يشكل شخصيّة السيرورة الموسيقيّة ويبلور جزءاً كبيراً من ملامحها، وهي بالتالي تحدد نقاط التلاقي بين اللحظات "الخفيّة" حيث الألحان المنطوية (الحقول) تصَوّت في آن معاً مع المتجانسات الملوّنة (الزّهور)؛ هذه البقع الصامتة تنتج محطات إصغاء فاعلة وخلاقة تأخذ مواقعها داخل عملية السرد الموسيقي، بدءاً في خيال المؤلف ثم عوداً على بدء في مخيلات المستمعين, ففي المجمل العام، يتشكل محور الزمن الموسيقي في أعمال بارت من لَبنات الصوت معاً مع لبنات الصمت في إيقاع ووتيرة تأملية. تصاميم الزمن في كل من مؤلفات بارت تعتبر كسيرورة تفكيكيّة نموذجية لبنيتها الكاملة.
"تنتينوبولي Tintinnabuli ، هو القانون الذي يجعل من اللحن وما يرافقه جسداً واحداً"
آرفو بارت
الخطّة المعماريّة
تم التعبير عن محاور "الزمن" Time في مؤلفات بارت من خلال خلق "أنبوب" Tube, فقد أطلقت على الزمن الذي بمقتضاه يشرع الزائرون بمعايشة المعمارية بـ "زمن الأنبوب". وفي سبيل تأكيد البعد التجريبي للزمن.
و يقول دويري:"لقد قمت بتقطيع الأنبوب الى حلقات خواتمية، بحيث يتم إبراز كل رواقٍ بهيكل مَعدني. بعد ذلك قمت بإزاحة قشرة الأنبوب والإبقاء على الإطار الهيكلي، الذي يؤطر بدوره العمارة ويشكل عنصراً بنيوياً للبناء الملحق. أطلقت على هذه المرحلة "الزمن الخواتمي". بعد إرساء النظام النهائي للأطر، قمت بإضافة "صندوق" يتكون من صفيف من اللّبُنات الخشبيّة المُتّكئة على "الزمن الخواتميّ". حيث ان الصناديق هي مقاربة معمارية للأنسجة الموسيقية عند بارت, وفي سبيل خلق حوار ثنائي، قمت بتعيين نوعين مختلفين من الصناديق حدّدت المساحات من خلالهم، حيث تشكل النوع الأول من الخشب والنوع الثاني من الألمنيوم. وفي الخطوة الأخيرة قمت بإغلاق الفراغات بالزجاج في سبيل خلق تجويف داخلي. تنجز التجربة المعمارية داخل المبنى من خلال العبور بين المناطق الكتليّة من جهة وبين المناطق "الصامتة" من جهة أخرى. هذا التعارض يستدعي بعداً رابعاً في سيرورة الفعل المعماري الخلاق، وهو الزمن. العمارة الجديدة هي بمثابة ملحق للكنيسة القائمة وتؤكد هذا الوجود القائم دون رغبة في الإنتقام.