في مقال ربما يكون "استباقيا"،كشف وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر عن التوجه المفروض أن تنتهجه إسرائيل والعرب، في عملية التسوية الفلسطينية، وسجل للمرة الأولى النية "الحقيقية" ل"الحل"، لمقايضة "الأرض مقابل الفلسطينيين"، ما يثير المزيد من المؤشرات حول وجود مخطط لتشريد من تبقى من الفلسطينيين في اراضيهم بعد النكبة سيما في منطقة المثلث التي دعت اوساط اسرائيلية مختلفة لاستبدالها بمستوطنات في الضفة الغربية
كيسنجر الحارس دائماً للمصالح الاسرائيلية وفي مقالة بجريدة "الواشنطن بوست" يوم الثلاثاء والتي حملت عنواناً هو "ما المطلوب من حماس
خطوات في عملية السلام تتماشى مع الأوضاع على الأرض"، اتهم العرب بتصلب التفكير، وقال:" إن أكبر مشكلة تتمثل في حدود 67 وعودة اللاجئين، حيث لا توجد أي "مرونة" لدى العرب تجاههما"
وطالب كيسنجر اللجنة الرباعية بضرورة أن تتفق على وضعية هاتين النقطتين قبل البدء في أي محادثات حول الوضع النهائي، أو قبل إقدامهم على أي محادثات
وفي مقاله الذي حمل روحاً متعاطفة مع إسرائيل ("العاقلة" و"المسكينة") حذر "الرباعية" من الدخول في محادثات وضع نهائي من دون حسم هاتين القضيتين مع العرب، مشيراً الى أن حدود 67 هي حدود على الورق، وان العرب أنفسهم لم يعترفوا طوال عمرهم بها كحدود دولية
كما أن مسألة عودة اللاجئين شيء غير واقعي، لأن الفلسطينيين حسب رأيه يعتقدون أن معناها عودة أعداد كبيرة من الفلسطينيين الى مناطق دولة إسرائيل الحالية، بينما ترى هذه أن معناها هو عودة الفلسطينيين الى أراض تابعة للسلطة الفلسطينية
ورأى كيسنجر، في مقاله أن أفضل حل "عقلاني" هو أن تبادل إسرائيل المستعمرات حول القدس (وهو في رأيه شيء وافق عليه الرئيس الأمريكي تقريباً) بأراض موجودة حالياً في إسرائيل وتعيش عليها أغلبية ملموسة من المواطنين الفلسطينيين
شوقي خطيب:"بقبولنا جواز السفر الاسرائيلي قدمنا تنازلا كبيرا"
في هذا السياق يسأل السؤال هل الحل العقلاني الذي طرحه كيسنجر يكشف لأول مرة وبشكل لا يقبل الشك عن رغبة إسرائيل ومؤيديها بطرد مواطنيها والاستئثار بالمنطقة المحيطة للقدس العربية ضمن " الحل العقلاني" ؟ وعقب رئيس لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب المهندس شوقي خطيب في حديث ل" كل العرب" على دعوة كيسنجر بالتاكيد على ان المواطنين العرب الذين تشبثوا بارض آبائهم اتخذوا قرارا استراتيجيا للمحافظة على ارضهم وعلى انتمائهم العربي والفلسطيني بالبقاء هنا وبحمل بطاقة الهوية الاسرائيلية
واضاف " نحن كما كنا نسير على هذا النهج وسنبقى على تراب الاجداد ونعمق جذورنا فيها ولن نقبل بالمساومة او التفاوض مع احد
في العام 48 اصابتنا النكبة بالقلب ولن نسمح بتكرارها مهما كان الثمن فنحن اصحاب وطن وعلى كسينجر وامريكا اذا تطلعا للسلام العمل من اجل اقتلاع المستوطنين من الارض المحتلة
"
وردا على سؤالنا عن المخاطر التي تستبطنها مثل هذه الدعوة كونها ترد على لسان وزير خارجية امريكي متنفذ وتعكس توجهاته ما يدور في اروقة الحكم في واشنطن قال شوقي خطيب" في العام 1948 قدمنا تنازلا كبيرا بحملنا جواز السفر الاسرائيلي كثمن للبقاء على ارضنا ولا نزال نحمل بطاقة الهوية الاسرائيلية ونتمسك بالمواطنة من اجل ان تقوم دولة فلسطينية على الاراضي المحتلة عام 67
"
هاشم عبد الرحمن: التصريحات تشكل قمة اللاسامية والعنصرية
من جهته اعتبر رئيس بلدية ام الفحم الشيخ هاشم عبد الرحمن في تعقيب ل" كل العرب" ان التصريحات المذكورة والمفاضلة بين اصحاب الارض وبين المستوطنين تشكل قمة اللاسامية والعنصرية واضاف:"تكفينا نكبة واحدة وستة عقود من التهميش والتمييز ولن نسمح بتكرار نكبة ثانية للمواطنين العرب في اسرائيل"
واشار عبد الرحمن ان دعوات وافكار تعديل الحدود او تبادل السكان ليست جديدة وانها تطفو على السطح في مناسبات مختلفة كان آخرها ما طرح في مؤتمر هرتسليا واضاف " لكننا على موقفنا ثابتون وعلى ارضنا مرابطون وعلى اسرائيل ان تلتزم بالحدود الدولية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وعدم المساس بوجودنا كمدخل للتسوية
"
وردا على سؤال حول اعادة منطقة وادي عارة للسيادة الفلسطينية ضمن تعديل الحدود اضاف" نرفض هذا المنطق ونعارض المس بنا سواء بالتعديل الحدودي او بالتبادل السكاني فقد اقمنا على مدار عقود علاقات اقتصادية وثقافية مع المجتمع العربي في اسرائيل ولنا امتداد وثيق معه وحتى مع المجتمع اليهودي ولذا فان تصريحات كيسنجر هي قمة اللاسامية وتعكس ذهنيته العنصرية"