* اللقاء هو سياسي بامتياز من حيث زمانه ومكانه
* الموقف الاسرائيلي: الفلسطينيون لا يملكون الا خيار المفاوضات وبالتالي سيعودون سريعا الى طاولتها ويتنازلوا عن شروطهم لاستئنافها
اجتمع الوزير الفلسطيني باسم خوري بالوزير الاسرائيلي سلفان شالوم
خبر كان ممكن ان يمر على أسماعنا دون تعليق أو دون اكتراث قبل عام أو أعوام
لكن ان يحدث اللقاء وكلمات الرئيس أبو مازن ( وهو يقول بان لا عودة للمفاوضات مع الإسرائيليين قبل ان يوقفوا الاستيطان، ويوقفوا إجراءات تهويد القدس، ويقبلوا بالحل على أساس دولتين )-- مازالت تملأ الآذان وتتصدر نشرات الأخبار، وصدر الصفحات الاولى للجرائد
فذاك أمر يدعو للغضب بل وللإحباط
صحيح ان وقف المفاوضات مع اسرائيل لم يترافق مع وقف التنسيق-- وهو ما كان يدفعنا للقول بعدم جدية أبو مازن في تغيير أسلوب ونهج التفاوض-- لكن لقاء خوري ( الوزير في حكومة فياض) مع شالوم ( الوزير في حكومة نتنياهو )-- ومهما برره البعض وقيل عنه انه يأتي في سبيل تحقيق مصالح فلسطينية عليا، أو انه يأتي في اطار السعي لتحسين ظروف حياة السكان الفلسطينيين ( استيراد اللحمة ومنح ترددات الموجات وأرقام وطنية
!! ) فان اللقاء هو سياسي بامتياز من حيث زمانه ومكانه
فاللقاء يعقد قبل أيام من زيارة الرئيس أبو مازن لنيويورك ولقائه المرتقب مع اوباما
ويعقد في خضم الحراك السياسي الدولي الذي محوره الاستيطان، وفي غمرة تصاعد المطالبات الدولية لاسرائيل كي توقف الاستيطان ( باعتباره عثرة امام استئناف المفاوضات ) الامر الذي يعزز الموقف الاسرائيلي القائل ( بان الفلسطينيين لا يملكون الا خيار المفاوضات
وبالتالي سيعودون سريعا الى طاولتها ويتنازلوا عن شروطهم لاستئنافها )
كما ويضعف الضغوط الدولية-- ومنها الأمريكية-- التي لم تكن أصلا بالقدر الذي يرغم اسرائيل على وقف الاستيطان، وراحت بدلا من ذلك لتطلب ثمنا عربيا باهظا لقاء تنازلا إسرائيليا جزئيا ومؤقتا ( التطبيع مقابل التجميد الجزئي والمؤقت )
وكانت أولى ثمرات هذا اللقاء-- الغير حكيم-- والذي يهدم كل التصورات عن مغادرة القيادة الفلسطينية لنهجها السابق في التفاوض-- كانت ثمرته ما قاله شالوم الاسرائيلي بان الفلسطينيين قد أدركوا انه ليس من مصلحتهم القطيعة معنا ولا التغيب عن طاولة المفاوضات
أما الجانب الآخر الذي يثير الغضب فهو مكان انعقاد اللقاء
فهو يعقد في القدس الجريحة-- التي تتعرض هذه الأيام لأشرس حملة تهويد وتطهير عرقي، وتهدم بيوتها بالجملة ويضيق على سكانها بكل السبل-- فما هي الرسالة المتوقع ان يفهمها سكان القدس الصامدين الذين يتطلعون الى قيادة شعبهم كي تقف موقفا اكثر حزما، وتصعّد خطواتها السياسية، ومن بينها وقف المفاوضات، كي يعينهم ذلك في صمودهم، ويسهم في رفع معنوياتهم، ويشعرهم بان قضيتهم تحتل الأولوية في أجندة قيادتهم
ولم يدر في خلدهم ان الوزير الفلسطيني سيكون مجتمعا بالوزير الاسرائيلي-- ليس بعيدا عن البيوت التي يجري هدمها وعن الأسر التي تقيم خيام الاحتجاج على هدم بيوتها
أما ان يحصل اللقاء ( الذي ينهي القطيعة السياسية الشكلية ) بين وزيرا في حكومة الدكتور فياض ووزيرا إسرائيليا-- وليس بين عضو في الوفد الفلسطيني ( الذي اعتدنا رؤيته سابقا يجلس على طاولات المفاوضات )، فهذا يؤكد تماما ما ذهبنا إليه في تحليلاتنا بان رئيس هذه الحكومة سيلعب في المستقبل القريب دورا رئيسيا محوريا ( بالتعاون والتنسيق مع الرئيس أبو مازن )على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية
وما هذا اللقاء الا جزء من الحراك الكبير الذي سنشهده قريبا سعيا لتحقيق المبادرة التي أطلقها الدكتور فياض قبل أيام
انه لقاء خاطئ ومريب
ومؤشر على استعداد القيادة الفلسطينية للتنازل عن شروطها لاستئناف المفاوضات، مقابل وعود زائفة سبق وان تبخرت، ومقابل تنازل إسرائيلي شكلي ( تجميد للاستيطان وليس وقفه
بل وتجميد جزئي ومؤقت )
وكان الاولى بالرئيس أبو مازن ان يمسك بزمام الأمور جيدا كرئيس لمنظمة التحرير التي من المفترض فيها ان تكون المرجعية للسلطة، وان يكون حازما في الإمساك بالملف السياسي، وان يواصل هجومه السياسي الذي بدأه بوضع شروط على استئناف المفاوضات
وبذلك يحظى بالالتفاف الجماهيري الواسع، وبالدعم السياسي الكافي من قبل كافة القوى السياسية الفلسطينية