الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 00:02

في نقد الهجوم المضاد


نُشر: 25/07/09 13:39,  حُتلن: 17:12

لا يمر يوم دون أن نقرأ مقالاً أو تقريرا يتطرق إلى استفحال العنصرية في الدولة، وكذلك وصفا لخطورة الأوضاع وفداحتها والبعض ينذر ويستنهض قبل أن يفوت الأوان


أن نتهم أحدهم بالعنصرية كان هذا مدعاة لاعتراضه ونفيه فهذه كانت وصمة وعاراً يتنصل منها المتهم

كان هذا في الماضي غير البعيد، عندما كانت القيم السائدة في المجتمع الاسرائيلي منحازة لا تقبل العنصري جهارة


هذا "السائد"، باعتقادي، هو الذي أوصل لجنة الانتخابات المركزية والمحكمة العليا الاسرائيلية لإلغاء قائمة "كاخ" برئيسها العنصري مئير كاهانا ومنعها في حينه من خوض انتخابات الكنيست وذلك لأن "السائد" لم يحتمل عنصرية وقذارة مثلتهما هذه القائمة


أما اليوم فقد انتصرت ثقافة وفاز فكر أصبح "السائد" فيهما ينتج مشرعاً يفقس كل يوم بيضه الفاسد ومؤسسات تحضن هذا البيض، ففراخا ترمينا "بانفلونزا طيور" لم يفلح العالم النير، على ما يبدو، بالقضاء عليها رغم عبر التاريخ وقساوته


لقد عرف المشرع الإسرائيلي، ومنذ تأسيسه كيف يميز ضدنا كأقلية عربية، وما قانون العودة وقانون الجنسية وقانون أملاك الغائبين وغيرها إلا شواهد الزمن الأول على هذه السياسة العنصرية


ولكن ما يجري مؤخراً هو دليل على انهيار جسيم في منظومة القيم الضابطة والضامنة، على هشاشتها، لهامش أبقى في الماضي فسحة للأمل ولمستقبل أقل خطورة مما أفضى إليه الوضع الحالي


أعود إلى هذا الموضوع بعدما استوقفني نبأ نشر في موقع عرب 48 يوم 19

7

2009 نقل عنوانه (على لسان سكرتير عام حزب التجمع السيد عوض عبد الفتاح) دعوة إلى التهيؤ لـ"هجوم مضاد شعبي ودولي ضد المخططات العنصرية"


أما النبأ فتحدث عن رؤية المصرح وفهمه بأن الحل الصهيوني النهائي للوجود العربي والفلسطيني سيدفعهم الى مواجهة محتومة ولذلك يقترح: "نحن كأحزاب، كلجنة متابعة وكمنظمات مجتمع مدني نحتاج الى عقد مؤتمر جماهيري وطني تحضره أيضا ً شخصيات دولية"


وكل هذا جاء وفقاً لقراءة وتحليل المصرحً لنظرة الدولة العبرية تجاه الوجود العربي الفلسطيني على حد تعبيره


لقد كتب الكثير كما قلنا في هذه المسألة وكتب القليل عن الحلول الممكنة

وصفت الحالات وانعدمت الوصفات

شخص الداء وعز الدواء، فإن كانت أمراضنا أمراضاً عضال هذا شأن وإن كانت هذه أمراض خطيرة ومعقدة والشفاء منها ممكن فلنخض ونقتحم ورجاؤنا البراء


وفكرة عقد مؤتمر فكرة راودتني كإطار وآليه من شأنها أن تؤسس الى بداية ربما تضعنا على الطريق الصعب والصحيح ولكن ما فكرت به كان مختلفاًً عما اقترحه السيد عوض عبد الفتاح


وبعد قراءتي لما جاء في النبأ اعرف اكثر كم سيكون صعباً ان يعقد مؤتمر يفي بما يعقد عليه من آمال، ففكرتي استهدفت مؤتمراً جدياً شاملاً يجمع ولا يفرق، يستوعب ولا يقصي، يحاور ولا يناطح، يستهدف ما يسود في المجتمع الاسرائيلي ليخترقه ويضعفه ويغيره ويتخلى المؤتمرون عما يسود في فكر كل فصيل وحزب وحركة في مجتمعنا في هذه المسأله تحديداً وليحتفظ بعدها كلهم بما يؤمن


وبرأيي وقبل ان استعرض نقاشي مع السيد عوض هنالك تساؤل أولي  وأعني به هل الأحزاب العربية ولجنة المتابعة ومنظمات المجتمع المدني قادرة بوضعها الحالي على التوصل الى إجابة واضحة ومتفق عليها حول ما نحن فاعلين إزاء المخاطر التي تواجهنا من الدولة ومؤسساتها أو إزاء تلك الكامنة والمفرزة من مجتمعنا داخلياًً كالطائفية والعائلية وما الى ذلك!


فكرتي كانت تتمحور حول قضية واحدة يجب التركيز عليها عنواناً ومضموناً لمؤتمر يجمع جميع القوى العربية ومعززة بقوى يهودية توافق على ان تكون جزءاً من هذا المؤتمر ومن أعماله وكذلك من مقترحاته وتوصياته


فما دامت القضية هي عنصرية الدولة كما تتجسد في الآونة الأخيرة وانحسار الديمقراطية والخطر الحقيقي على وجودنا واحتمالات المواجهة القادمة فعلينا أن نولي هذه المسأله أولى الأولويات وأن نخوض فيها بآليات تختلف عما كان سائداً فالماضي أثبت أن ذلك لم يكن كافياً وإلا لما وصلنا لما نحن عليه اليوم


لقد استعمل السيد عوض مصطلح الدولة العبرية وكأني به يتوافق حتى مع ما طرحه الكاتب الاسرائيلي أ

ب يهوشع الذي اعترض على تسمية اسرائيل بالدولة اليهودية بواقع ان الإحالة إلى "اليهودية" هي نسبة الى سبط واحد من أصل 12 سبط عبراني وهو سبط يهودا ولذلك كان الاصح اسم الدولة العبرية  التي تنصف جميع أسباط العبرانيين!
وما أحسب أن السيد عوض قصد هذا، أما أنا ولأرتاح من هذه المسأله يسمح لي القارئ أن أستعيض واسميها دولة إسرائيل


وعندما يقترح السيد عوض إشراك مؤسسات المجتمع المدني فأي المؤسسات يقصد؟ ومن سيصنف وطنيتها؟ ووفقاً لأي معايير فهل مثلاً مصادر التمويل ستكون عاملاً معززاً أم مقصياً لبعضها؟ وأي الدول المانحه يجاز اعتبارها وطنيه وأيها لا؟


وهل يتوجب إقصاء تلك المؤسسات التي تقوم وتعمل على أساس شراكة عربية يهودية أو حتى يهودية خالصة رغم ما تقدمه من عطاءات واعمال هامة وايجابية ومن شأن مشاركتها أن تكون رافداً داعماً لمثل هذا المؤتمر وأهدافه


وبعد أن قرر السيد عوض بأن الحل الصهيوني الجاري ضدنا سيدفعنا الى مواجهة محتومة، فهل سيختصر عمل المؤتمر على وضع الخطط والخطوات الفعلية التي تضمن نجاح الهجوم المضاد؟ وهل ستكون قيادة هذه الجماهير معفية، إلى حين المواجهة المحتومة، من دراسة امكانيات استباق او حتى منع مثل هذه المواجهة؟ لا سيما وأن الاعتقاد والافتراض هو أن إسرائيل تدفعنا ومعنية بمثل هذه المواجهة


وإلى أن يتضح أن الظروف مواتية للاتفاق حول عقد مؤتمر يؤتي ثماراً مرجوة أقول: إن بقيت الأحزاب العربية الممثلة في الكنيست والحركات السياسيه غير الممثلة فيها على هذه الدرجة من التمزق والتناحر الدامي (وهذا يختلف عن التعددية الحزبية والسياسية المبررة والمحمودة)، وإن بقيت لجنة المتابعة إطاراً لا يصهر الفوارق والمواقف الحزبية الضيقة وتستمر بعملها كإطار توافقي يضطر أعضاؤه إلى توسيع القواسم المشتركة وتسطيحها لضمان الاتفاق حولها وتحويلها بهذا الى شعارات خاوية وغير مؤثره (ويكفينا أن نستذكر كيف تحولت قضية إشراك سيدة كعضوة في هذه اللجنه الى أزمة ومسألة) وان استمر غياب صوت المثقفين وغياب ثقافة وطنية شاملة، أظنني أنه علينا أن نحسب حساباتنا بشكل جدي ومسؤول إزاء المواجهة التي ستفرضها إسرائيل علينا وإلى ذلك الحين لا بأس أن نستمر نحلم بنصرنا المظفر الآتي حتماً ! 

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.76
USD
3.99
EUR
4.78
GBP
328224.09
BTC
0.52
CNY
.