الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 21 / سبتمبر 00:02

تورط حزب الله في اغتيال الحريري

كل العرب
نُشر: 24/05/09 09:05

* التحقيقات المكثفة في لبنان تشير إلى نتائج جديدة: ليست سوريا، بل المنفذ هي قوة لبنانية خاصة تابعة لتنظيم حزب الله

* تم تشغيل الأرقام قبل الاغتيال بستة أسابيع، واستخدمت حصريا للتواصل فيما بين مستخدمي هذه الأرقام فقط باستثناء مرة واحدة، ولم يتم استخدام هذه الأرقام بعد الاغتيال

* جميع الأرقام الهاتفية المعنية كانت تابعة للذراع التنفيذية في حزب الله التي لديها مليشيا مسلحة في لبنان تفوق قوتها قوة الجيش اللبناني النظامي


توصلت المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري إلى نتائج جديدة مفاجئة تسعى للمحافظة على سريتها

ووفقاً لمعلومات حصلت عليها مجلة شبيغل الالمانية، توصل فريق التحقيق إلى أدلة للاعتقاد بوقوف حزب الله وراء مقتل الحريري


ففي الرابع عشر من فبراير، دوى إنفجار مهول أمام فندق سان جورج في مدينة بيروت أثناء عبور موكب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري

وأدى الانفجار إلى حفرة بعمق مترين في وسط الشارع

وتناثرت الأشلاء في كل مكان ولقي نحو اثنين وثلاثين شخصاُ حتفهم في ذلك الإنفجار، بمن فيهم الحريري وحرسه الشخصي


أصبح اغتيال الحريري منذ ذلك الحين مصدر تأويل وتكهنات

هل كان عمل لمنظمة مثل القاعدة؟ أم أنها إسرائيل ضمن جهودها المتواصلة لإضعاف جارتها لبنان؟ أما أنها إيران التي كانت تكره الحريري؟


أول المشتبه بهم
في وقت الهجوم، عرف أن الحريري، وهو رجل اعمال مهتم بالإعمار قام بإعادة إعمار العاصمة بيروت بعد عقود من الحرب الأهلية، كان يرغب بالعودة إلى الساحة السياسية

كما كان معلوماً أن لديه خلافا مع الرئيس السوري بشار الأسد إثر مطالبته السوريين بسحب قواتهم المحتلة من لبنان


نتيجة لذلك، كان أول المشتبه بهم في الاغتيال هي المؤسسة العسكرية والاستخباراتية السورية القوية إلى جانب حلقائهم اللبنانيين


وفي أواخر عام 2005، تمت الموافقة على تعيين فريق تحقيق بتخويل من الأمم المتحدة وبرئاسة المدعي العام الألماني ديتليف ميليس، وبعد سبعة أشهر من البحث، أكد أن قوات الأمن السورية ومسؤولين لبنانيين رفيعين المستوى هم في الحقيقة المسؤولين عن اغتيال الحريري

وتم اعتقال أربعة من المشتبه بهم

لكن الخيط الأخير والدليل النهائي لم يتوصل إليه أحد


ثم شكلت الأمم المتحدة محكمة خاصة بهدف التوصل إلى الحقيقة

وبدأت المحكمة أعمالها في الأول من مارس 2009

مدة عمل المحكمة الأساسية محدودة بثلاث سنوات وأقصى حكم يمكنها إصداره هو السجن المؤبد



 
نتائج جديدة ومفاجئة

علمت شبيغل من مصادر مقربة من المحكمة وموثقة عبر مقارنتها بالوثائق الداخلية، أن قضية الحريري على وشك الدخول في اكتشاف خطير

فالتحقيقات المكثفة في لبنان تشير إلى نتائج جديدة: ليست سوريا، بل المنفذ هي قوة لبنانية خاصة تابعة لتنظيم حزب الله

فهم من خطط ونفذ هذه العملية الجهنمية

ويبدو أن رئيس المحكمة الدولية القاضي بلمار ومعاونيه يرغبون بإبقاء هذه المعلومات طي الكتمان رغم توصلهم إليها منذ نحو الشهر


وفقاً للمعلومات المفصلة التي حصلت عليها شبيغل من مصدرها، فإن حقيقة حل القضية تعود إلى حنكة التحقيقات والتكنولوجيا المتقدمة التي تم استخدمها نخبة من محققي الفضاء الالكتروني

وخلال أشهر من العمل المضني، قامت وحدة عمليات سرية لبنانية خاصة برئاسة قائد خبير في الاستخبارات هو العقيد وسام عيد بمراجعة جميع أرقام الهواتف النقالة التي وجهت إلى المنطقة المحيطة بالحريري في الأيام السابقة للهجموم وفي اليوم ذاته

وأطلق فريق التحقيق على هذه الارقام اسم (دائرة الجحيم الأولى)


وفي النهاية، حدد العقيد وسام وفريقة ثمانية أرقام تم شراؤها في يوم واحد من متجر في مدينة طرابلس اللبنانية

وتم تشغيل الأرقام قبل الاغتيال بستة أسابيع، واستخدمت حصريا للتواصل فيما بين مستخدمي هذه الأرقام فقط باستثناء مرة واحدة، ولم يتم استخدام هذه الأرقام بعد الاغتيال

ويبدو أنها كانت أدوات استخدمها فريق القتل الذي نفذ عملية الاغتيال


وكانت هناك أيضاً "دائرة جحيم ثانية" على ما يبدو، وهي شبكة تضم نحو 20 هاتف نقال حدد استخدامها على أنه قريب من مجموعة الثمانية أرقام الأولى بشكل متكرر

ووفقا لقوات الأمن اللبنانية، فان جميع الأرقام الهاتفية المعنية كانت تابعة للذراع التنفيذية في حزب الله التي لديها مليشيا مسلحة في لبنان تفوق قوتها قوة الجيش اللبناني النظامي


تصادف تواجد مستخدمي مجموعتي الهواتف النقالة في كثير من الأحيان في مكان واحد، وحدد مكانهم مرات عدة على مقربة من مكان الهجوم

وقد أدى تواصل رومانسي لأحد الإرهابيين لكشف هوية أحد المشتبه بهم الرئيسيين على يد خبراء التحقيقات الالكترونية

إذ وقع هذا الإرهابي بخطأ فادح باتصاله بحبيبته من الهاتف "الساخن"

ولم يقم بهذه الفعلة سوى مرة واحدة، لكنها كانت كافية لكشف هويته

إذ يعتقد أنه عبد المجيد عيران

كما تم تحديد شخص آخر اسمه "غملوش" كواحد ممن قاموا بشراء الهواتف، لكنه اختفى منذ ذلك الحين، ويبدو أنه ليس على قيد الحياة



 
العقل المدبر للعملية

وقد أوصل تهور غملوش المحققين إلى الشحص الذين يشكون الآن بأنه العقل المدبر للعملية وهو الحاج سليم البالغ من العمر 45 عاماً

سليم رجل من النبطية في جنوب لبنان ويعتقد أنه قائد للجناح العسكري في حزب الله ويعيش في جنوب لبنان

وتتبع وحدة العمليات الخاصة السرية التي يقودها سليم مباشرة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله


وكان عماد مغنية، أحد أهم المطلوبين في العالم، وهو مدير هذه الوحدة حتى 12 فبراير 2008، إذ تمت تصفيته في تفجير في دمشق يقال إن الاستخبارات الاسرائيلية كانت خلفه

ومنذ ذلك الحين، تولى سليم جميع صلاحيات ومهمات سابقه الشهير، إلى جانب صهر مغنية مصطفى بدر الدين الذي يشغل منصب نائب له


ويتبع هذان لرئيسهما في الحزب وللجنرال قاسم سليمان وهو حلقة صلتهما في إيران

وكانت إيران، وهي الممول الرئيس لحزب الله اللبناني قد طغت في نفوذها على النفوذ السوري

وكلما تعمق التحقيق في لبنان بتفاصيل القضية، كلما اتضحت الصورة أكثر وفقا لمصادر شبيغل

ومن اهم الاكتشافات أن التحقيقات توصلت الى أن أحد أعضاء حزب الله هو الذي حصل على سيارة الميتسوبيشي التي استخدمت في العملية

كما تمكن التحقيق من ملاحقة مصدر المواد المتفجرة المستخدمة وهي أكثر من 1000 كيلوغرام من التي أن تي و سي 4 والهيكسوجين


 
 
الدافع وراء قتل الحريري
يبقى سؤالنا عن الدافع دون إجابة؟ إذ كثير من الأطراف لها مصلحة في مقتل الحريري

فلماذا يكون حزب الله

أو مؤيدوه في إيران، هم المسؤولون عن هذا الاغتيال؟ قد تكون شعبية الحريري المتصاعدة شوكة في خاصرة قائد الشيعة في لبنان حسن نصر الله

ففي عام 2005، بدأ الحريري بمنافسة نصر الله

إلى جانب ذلك، فقد كان الحريري يمثل كل ما كان يكرهه قائد حزب الله المتشدد والمتعصب: فقد كانت لديه علاقات وطيدة مع الغرب ومكانة مرموقة بين رؤساء الدول العربية المعتدلة وينتمي للطائفة الإسلامية المنافسة السنية، وبهذا فقد كان الحريري بشكل ما مزاحما لنصر الله


هناك شك في تطور لبنان بالاتجاه الذي كان يريده نصر الله

فمباشرة بعد الهجمات الإرهابية التي نفذت في عيد الحب من عام 2005، تفشى في لبنان تعاطف كبير مع السياسي المغدور

وأدت ثورة الأرز إلى جلب حكومة مؤيدة للحريري، وبرز ابن القائد المغدور ليصبح من أهم القيادات الحزبية والشخصيات الفاعلة في لبنان


كان من الممكن أن يصبح سعد الحريري (39عاما) رئيس وزراء منذ مدة لو قبل المخاطرة وشعر أنه مؤهل لهذا المنصب

وبعد اغتيال الحريري، غادرت القوات السورية المحتلة لبنان استجابة لضغط دولي ولبناني محلي


الانتخابات المنعقدة عليها الآمال والمزمع عقدها في السابع من يونيو، فستوضح إن كان لبنان سيسمح لنصر الله أن يجعله متطرفا مرة ثانية أم لا

فهو يدخل مجددا إلى حملة إنتخابات بدوره المزدوج

فهو أمين عام لجزب الله الممثل في البرلمان منذ 1992، وهو قائد مليشيا جزب الله وجزء مما يسمى بدولة داخل دولة تضع قوانينها بنفسها


 
اكتشافات يرجح أنها ستؤذي حزب الله
يحتل حزب الله حاليا 14 من مقاعد البرلمان المائة وثمانية وعشرين وهو رقم من المتوقع ارتفاعه

ويعتقد البعض أن حزب الله قد يحقق مكتسبات كبيرة، على الرغم من أن إدخال تغييرات كبيرة في النظام البرلماني اللبناني غير مرجحة

إذ أن نظام التمثيل الديني المتكافئ، بوجود قوائم توافق معدة مسبقاً تنص على أن ثلثي المقاعد يجب أن تحدد قبل الانتخابات

وفي دولة الأرز، يجب أن يكون رئيس الوزراء سني، في حين يكون رئيس البرلمان شيعي ويوكل منصب الرئيس إلى مسيحي



إن المعلومات الأخيرة عن مصممي اغتيال الحريري المزعومين ستؤذي على الأرجح حزب الله

إذ أن هناك نسبة كبيرة من اللبنانيين يخشون اندلاع اقتتال أهلي ويتوقون للمصالحة الوطنية

لكن قائد الحركة التي على الرغم من اعترافها الرسمي يقوانين اللعبة، إلا أنها لا تزال على قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية مما ينذر باندلاع اشكالات جديدة في المحكمة الجنائية الأممية


وفي خطاب له في بيروت، استبق نصر الله المعلومات الجديدة حيث تحدث عن "النوايا التآمرية" للمحكمة الدولية

ومن المرجح أن لا يرحب بهذه المعلومات الجديدة في طهران كذلك، فهي ترى نفسها مواجهة مرة ثانية بتهمة تصدير الإرهاب


أما موقف دمشق من المسألة فقد يكون مختلطاً

فعلى الرغم من عدم إعلان أن الحكومة السورية بعيدة عن الشبهات بعد، لكن الرئيس السوري على الأقل أصبح بعيدا عن مرمى النيران

فلم يعد هناك أي شيء تقريباً يشير إلى أنه كان على دراية بخطة الاغتيال أو أنه هو من أمر بالقتل

مقالات متعلقة

.