بدعوة من جمعية الثقافة العربية، وبمناسبة يوم الأرض الخالد، ولذكرى المرحوم المعماري إياد خوري، أقيم يوم دراسي لمنتدى العمارة في الجمعية، افتتحت اليوم الدراسي د
روضة عطاالله بكلمة قصيرة وبالوقوف دقيقة حداد لذكرى أرواح الشهداء والمرحوم إياد خوري،
ثم تحدثت المعمارية ريم قندلفت وأسامة خوري بمداخلة قصيرة عن المرحوم إياد خوري وأعماله
ثم دعيت المعمارية ياسمين مخول قبطي لإدارة الجلسة الأولى وبكلمة قصيرة أوجزت قائلة إنّه إذا كانت لجان التخطيط والتنظيم في العالم كله تعمل على تحسين ظروف معيشة الفرد وبيئته، وعلى تخصيص المناطق الخاصة لسكانه واحتياجاته المختلفة، فإن لجان التنظيم في هذا البلد المنقسم إلى وطنين، تعمل في السياسة بمضمونها وعملها وأهدافها، هذه اللجان تمشي في طريق واضحة لها بوصلة واضحة لا تتأثر بشكل الحكومة معتدلة يمينية كانت أو يسارية فالهدف واحد سلب المزيد من الأراضي العربية وتضييق الخناق على البلدات والمدن العربية
"التخطيط كرافعة للمحافظة على الأرض والتراث وهكذا يجب أن يكون"
تحت هذا العنوان بدأ الدكتور محمد شبل حديثه قائلا : " إن التخطيط غالبًا ما يكون موجها ومسيّسا، وعلى المخطط أن يأخذ بعين الاعتبار المكان والإنسان والزمان، وثمّة ضرورة لتفعيل السكان وإشراكهم بعملية التخطيط واتخاذ القرار، فالمخطّط الجيد ينجح والمنطقة تتطور، والمخطّط السيئ يفشل والمنطقة تختنق والسكان يعانون ويدفعون الثمن
وأشار إلى قرية المكر نموذجا، وقارنها بمستوطنة "رجبا"، وقدم أيضًا معطيات تشمل تطور القرى ومدن الجليل الغربي مقارنة بين سنة 1945 وسنة 1995، وأخيرًَا أشار إلى المخططات الاستيطانية في الجليل وأنه لم يعد للقرية العربية ما تملكه من مساحات أو أراضٍ للتوسع والتقدم
"السكان العرب الذين نسبتهم 17% موزعون على مساحة 3
4% من الأراضي، وبالمقابل اليهود نسبتهم 83% موزعون على 96% من الأراضي"
تحت عنوان طرق السيطرة على الأراضي العربية مناطق 48 منذ سنة 1948 حتى الآن، أشارت المعماريّة عناية بنّا إلى أن الوسائل الأساسية هي سياسة مصادرة الأراضي وإشكالية ملكية الأراضي والتهجير منذ سنة 1948 وضمّ الأراضي التابعة لمنطقة نفوذ البلدات العربية إلى مناطق نفوذ يهودية وإقامة مئات القرى والبلدات اليهودية
فقد استعملت أدوات تخطيطية قلصت بدورها مساحات البلدات العربية واحتياط الأراضي فيها، وتركت مناطق التطوير والبناء مقلصة ومحاطة بمناطق محمية، وأشارت إلى أن نسبة الأراضي المتبقية هي 3
4% من مجموع الأراضي داخل حدود الـ67
ومنذ سنة 1948 لم تقام أي بلدة عربية جديدة ولم يُعترف بأي قرية غير معترف بها في النقب، بل على نقيض هذا، انتهجت سياسة السيطرة على 93% من ملكية الأراضي والسيطرة على نفوذ 80% من الأراضي بواسطة المجالس الإقليمية اليهودية وانتهاج سياسة التطوير والخنق للبلدات العربية
فالسكان العرب الذين نسبتهم 17% موزعون على مساحة 3
4% من الأراضي، وبالمقابل اليهود نسبتهم 83% موزعون على 96% من الأراضي
وقدمت المحامية سهاد بشارة النقب نموذجا لعملية تطهير من الأراضي العربية، فمنذ سنة 1948 تم ترحيل وتهجير البدو العرب بشكل ممنهج ومبرمج، وسميت العمليّة آنذاك بعملية النقب العبري، وتم تهجيرهم للمناطق الحدودية مع الأردن التي تتركز فيها الآن جميع القرى غير المعترف بها
وقد أقاموا على الأراضي جميع المستوطنات الزراعية
إحدى الإشكاليات التي تواجه البدو في النقب عدم استطاعتهم إثبات ملكيتهم لأراضيهم، فحسب القانون الإسرائيلي من هجر أرضه لأكثر من 25 سنة فهو لا يملكها
وبالتالي منذ عهد الدولة التركية والبدو لا يملكون إثباتات وقرائن لملكية أرضهم
بعد سنة 1965 وفقًا للمخططات وسياسات البناء فقد أقر أن الجهة الغربية من النقب للمستوطنات، والشرقية منها للبدو العرب والتي ركزت على 7 بلدات ومجمعات بدوية
وتعتبر الخرائط الهيكلية هي الخطوة الأولى لتهجير البدو
وافتتح القسم الثاني من اليوم الدراسي المهندس حنا حوراني، عضو إدارة جمعية الثقافة العربية، قائلا: منذ أن انطلق وعد من لا يملك لمن لا يستحق بدأ المشروع الاستعماري في فلسطين كان محوره الأساسي تهويد المكان وتطهيره، النكبة ما زالت مستمرة شاملة للمكان والموروث المعماري والثقافة والوعي الخ
لقد أصبحت سياسة تهويد المكان ممأسسة وممنهجة ومقوننة ومن هنا يترتب علينا تطوير أدوات نضالنا في التصدي لهذه المخططات
ثم دعا إلى المنصة المعماري عبد الرحمن ياسين ليتحدث عن تطهير المكان (من العمارة) فقد أشار إلى الأدوات لاغتيال التراث والحضارة وتغيير الهوية ومضامين حيز 48
وقد استعرض ماذا حدث للمدن والقرى العربية خلال وبعد النكبة
1
مصادرة الأراضي والممتلكات
2
تدمير 537 بلدة عربية وتهجير 850
000 مواطن عربي
3
تركيز العرب الناجين من المجازر والتهجير في قرى معزولة
4
إقامة حيز عرقي لليهود خال من العرب
5
تغيير مسميات الأماكن الأصلية بمسميات عبرية مستمدة من الرواية الصهيونية
6
صيانة الموروث المعماري الذي يخدم الفكرة الصهيونية
7
تحريش القرى المدمرة لإخفاء معالم النكبة
8
حكم عسكري حتى أواخر الستينيات
9
وضع سياسات تخطيطية عنصرية على صعيد قطري ولوائي ومحلي
10
إعداد خرائط هيكلية محلية لمحاصرة المجمعات العربية
11
تهميش الموروث الثقافي والمعماري والتنكر له وإخفاؤه وإشاعة الشعور بالنقص والدونية تجاهه
وبعد شرح مفصل قدم الرملة مثالا للمدينة العربية الفلسطينية وما تتعرض له من سياسات تخطيطية منذ النكبة إلى الآن
تمحورت مداخلة المهندس المعماري أسامة حمدان عن الوضع السياسي وأثره على التراث الثقافي الفلسطيني، فأشار إلى أهمية الحفاظ على التراث الثقافي فالآثار هي الماضي والصلة الحيوية للحاضر والمستقبل
فهي الهوية وحفظ الذاكرة والمردود التعليمي والثقافي والاجتماعي والمردود الاقتصادي
وأشار إلى آثار الاحتلال العكسري الإسرائيلي على الموروث المعماري والتراثي والثقافي وما خلقه من دمار مباشر وغير مباشر عليه
وأشار إلى الاتفاقيات الدولية التي تحمي هذه الممتلكات والموروث الثقافي والمعماري في حالة الحرب والنزاع المسلح والمحافظة عليه واحترامه
وتناول المحاضر مشكلة الاستيطان في مناطق الضفة الغربية، فقد سيطر واحتوى بطريقة مباشرة على كافة الموارد الثقافية والمعمارية والتراث الفلسطيني
وأشار إلى مدينة سبسطيا كمثال
فحتى سنة 2003 كان عدد المستوطنات 462 مستوطنة بالمقابل بلغ عدد المواقع الأثرية الأساسية ضمن المخططات الهيكلية لهذه المستوطنات ما يزيد عن 924 موقعًا ومعلمًا أثريًا
وأضاف بأن الإغلاقات والحواجز وجدار الفصل العنصري والحفريات والتجارة بالقطع الأثرية هي أيضًا من المؤثرات السلبية على الموروث الثقافي والمعماري الفلسطيني، فهي تؤدي إلى خلخلة العلاقة بين المواقع والمعالم الأثرية والثقافية والمجتمعات السكانية
واختتم بالإشارة إلى النقص في المؤسسات التعليمية والعلمية والأكاديمية المتخصصة للحفاظ على هذا التراث والموروث المعماري، والنقص بالكوادر البشرية، وعدم وجود سياسة وطنية لخلق التواصل بين المجتمعات المحلية والسلطات للمحافظة على هذا الموروث، وعدم إدراك ووعي السلطات للأهمية الاقتصادية لهذا الموروث الثقافي والعمراني والحفاظ عليه
تحت عنوان إعادة تأهيل المراكز التاريخية للمدن العربية قدم المعماري فخري حبيب الله مداخلته:
فإن مصطلح المركز التاريخي للمدينة المترجم حرفيًا من لغات أجنبية والمتعارف عليه أنه الجزء القديم من المدينة الذي يحتوي على الموروث الثقافي والمعماري والبيئي الخاص بالمدينة، وإن موضوعة إعادة تأهيل المراكز التاريخية يأخذ اليوم في أوروبا ودول أخرى أولوية في المنظومة السياسية ومخططات المدن
حيث أقر في مؤتمر برشلونة عام 2000 على ضرورة تأهيل المدن من أجل إعادة صياغة منظومة التخطيط وأن يتحول جلّ اهتمام المخططين نحو إنتاج حيّز بيئي ومعماري يظهر من خلاله هوية المدينة وعناصرها الثقافية والحضارية
وبهذا يكون الإنسان محور ومركز الاهتمام الأول في المدينة
وينادي عدة مخططين بضرورة إعادة إنتاج حيز ذي دلالات ثقافية وبيئية لإعادة الجانب الإنساني في منظومة التخطيط ،على أن يكون الإنسان أكثر ارتباطًا مع المكان والبيئة محاولين بذلك إعادة إنتاج هوية المكان والمركز التاريخي له