* كلمة مستوطنة اصبحت بالنسبة للفلسطيني معناها تابوت , لأنه يقبر احلامه وتطلعاته فيها
* الكثير من المطربين اليهود قاموا بسرقة الأغاني العربية و اغاني ام كلثوم المسروقة لها نصيب الأسد في السرقة
في الافلام العربية هناك لقطات تصل الى حافة الاستهزاء , حيث تسخر من عقلية المشاهد وتضعه على مناخ يلامس الضجر , من تلك اللقطات حين يهرع بعض العاملين في مستشفى المجانين نحو البطل او صديقه ويطوقونه ثم يجبرونه على ارتداء القميص الابيض الخاص بالمجانين ثم يأخذونه الى المستشفى مصحوباً بالرفض والبكاء والتوسل ومحاولة اقناعهم بأنه عاقل ولكن هناك مؤامرة ضده , غالباً هذا المنظر كان يثير الضحك , خاصة اذا صدرت عن ممثل مثل اسماعيل ياسين او عبد السلام النابلسي او نجيب الريحاني او حسن فايق
الخ
وحين قرأت الخبر ضحكت واعتبرتها لقطة مملة , وتخيلت ان عمال مستشفى المجانين قد جاءوا لكي يقبضوا علي لأنني لم اصدق كذبة التعايش واعتبرتها مسرحية بائسة وعليهم اقناعي عن طريق ارتداء القميص الابيض وايداعي المستشفى , ولأن الواقع ينذر بالخوف , والكلمات تنذر بفوضى الحروف البراقة , وسوق العبارات يعج بالناس الذين يثيرون الغبار ويحاولون ايهام الآخرين ان هذا الغبار هو الطريق الى التعايش والسلام ,لابد ان نرفض بأن تدخل " ام كلثوم " اللعبة
( نفيه ايلان ) مستوطنة تقع بالقرب من مدينة القدس , وكلمة مستوطنة اصبحت بالنسبة للفلسطيني معناها تابوت , لأنه يقبر احلامه وتطلعاته فيها , وكلما ازداد عدد المستوطنات زادت احلامه بعداً وكشفت اسرائيل عن خريطتها الحقيقية التي تتوارى وتصير همساً كلما تكدست اللقاءات الفلسطينية اأسرائيلية
في ( نفيه ايلان ) يمارسون لعبة التعايش حسب المزاج الصهيوني , مزاج " الأفتراس الناعم " ها هي لجنة الحي تجتمع لتقرر اطلاق اسماء على الشوارع بدلاً من الأرقام الموجودة , ومن بين الاسماء يطرحون اسم ام كلثوم – يعترفون ا ن ام كلثوم غنت ضد اسرائيل – لكن يقدرون فنها , لذلك سيطلقون (انت عمري ) على اكبر شارع في هذه المستوطنة , و(انت عمري) من اشهر اغاني ام كلثوم , والمعروف ان هذه الأغنية جاءت بعد ان قام الزعيم جمال عبد الناصر بالمصالحة بين محمد عبد الوهاب الذي قام بتلحين كلمات الشاعر احمد شفيق كامل وبين ام كلثوم وقد قيل يومها عن هذا اللقاء ( لقاء السحاب )
و(انت عمري ) الآن في( نفيه ايلان ) مكتوبة باللغة العبرية , وليس باللغة العربية , ولا اعرف كيف سيشعر اليهودي الذي سيلفظ الكلمة بمدى نبض معناها , برحيق اطارها الذي يمسك العمر ويشبعه اصراراً ان العمر "انت "
كيف تكون( انت عمري ) جسراً للتعايش , وتعبيراً عن احترام الآخر , او تقرباً حسب ما جاء في الخبر , وعلى بُعد امتار تصل انذارات الهدم للفلسطينين في مدينة القدس, فالبيوت مزنرة بأسنان الجرافات والمتفجرات وتخطيطاً جهنمياً لأخراج المقدسيين من المدينة, وعلى طريقة الطرد ومسح الأثر يحاول الأسرائيليون تحجيم الوجود العربي وجعله رقماً ضعيفاً لايستحق التفاوض عليه
(انت عمري) لن تستطيع ازالة حاجز من حواجز الجيش او تفكك مستوطنة او اطلاق سراح اسير , حتى لو ترهلت (انت عمري ) واصبحت بدل نشيد (هتكفا) لن تجروء على الدنو من عقلية الأحتلال التي تدمر وتسحق وتقتل وتلون الأرض بلون الكره الأعمى للآخر , لقد قام الكثير من المطربين اليهود بسرقة الأغاني العربية و اغاني ام كلثوم المسروقة لها نصيب الأسد في السرقة , لكن في النهاية تبقى اغاني تنخر في احاسيس الأجيال ولا نشعر انها من الممكن ان تنتج سلاماً , بل بالعكس قد يطرب اليهودي للأغنية العربية ولكن في ذات الوقت يحاول الظهور انها لحظات عابرة لا علاقة لها مع العرب
اليهودي الذي هدم ومسح معالم قرى ومدن عربية واتقن لعبة التهميش للوجود العربي تاريخياً وثراثياً , بل اتخم الملفات بأكاذيب وروايات وحكايات , وما يزال ينقض فوق أي لافتة بالشطب والتحطيم لأنها تحمل احرف عربية ويعتقد ان التاريخ يكتبه هو فقط
وفي سباق ( حمامات السلام ) العرجاء والمنتوفة ريشها والمكسورة اجنحتها كل شيء مباح , حتى سرقة حنجرة ام كلثوم وتوظيفها ناطقة بأسم التعايش
واذا صرخ احد الفلاسفة ( كم من الجرائم ترتكب بأسم الحرية ) فنحن نقول ( كم من السرقات ترتكب بأسم التعايش )