الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:01

الدعاية الانتخابية للجبهة


نُشر: 06/02/09 07:33

الدعاية الانتخابية للجبهة
لا تاريخ بعد 75، ولا حاضر لنا ولا مستقبل
دعاية حزبية تعتمد على تجنب برنامج الحزب
 

وفرت لي مناظرتان مع الزميل أيمن عودة السكرتير العام للجبهة، فرصة أخرى للتمعن في برنامج التجمع ومساهمته السياسية شبه الثورية في الحيز السياسي العربي، ولم أكن لأقول شبه الثورية لولا ملامح الطرح السياسي للجبهة، كما قدم خلال المنظارتين


ووفر لي الإطلاع على ردود فعل كادر الجبهة، وعلى العلاقة بين المناظر والجمهور، فرصة للتعرف على الثقافة السياسية التي يمكن أن تبنيها الأحزاب


لم نعط في حياتنا السياسية مجالا كافيا ولا اهتماما كافيا لتحليل الثقافة السياسية، التي تحيط بالأحزاب، والتي تنتجها هذه الأحزاب، واكتفينا بتحليل الاختلافات بين البرامج والطروحات والمواقف السياسية


لكن تحليل الثقافة السياسية أهم، والاهتمام بها أجدى، لأن تخريب الثقافة السياسية تغلق الطريق أمام تطوير البرامج والطروحات السليمة، بينما العكس غير صحيح


ما يؤلم هو أن ترى عملية تسييس لأجيال ولثقافة أجيال تجري دون سياسة، ما يؤلم هو أن ترى أجيالا كاملة تربى على أن تصفق لكلام لا صلة بينه وبين السياسة، ولا يحمل أي معنى خارج النبرة "الكفاحية" الجهورية المشهورة

ما يؤلم هو أن ترى كيف يعتمد سكرتير عام حزب عريق، على جهل الآخرين، وأولهم كوادره هو

ما يؤلم هو أن ترى كيف تربى أجيال بكاملها على انعدام الوعي، وسطحية التفكير

ما يؤلم هو السهولة غير المحتملة في جرف أجيال على ثقافة التعصب وإقصاء الآخر، ما يؤسف هو بناء السياسة على عواطف الكره

 
لا تستطيع شهوة النفوذ السياسي، مهما تضخمت، أن تبرر عملية تخريب الثقافة السياسية التي تجريها الجبهة على وعي أجيالنا، شعبنا القادم، قياديي المستقبل

  لا يستطيع أي مكسب سياسي أن يبرر حملات التجهيل الجماعية التي تقوم بها الجبهة عبر قيادييها

ولا شيء ولا أحد يستطيع أن يسامح على عملية إجهاض منجزات الآخرين السياسية

لا شيء ولا أحد يستطيع أن يسامح على عملية التحريض على الآخر في البيوت وخلال الدعاية الداخلية، لا شيء ولا أحد يستطيع أن يسامح على عملية التحريض على قائد وطني ملاحق من قبل الشاباك، لا شيء ولا أحد يستطيع أن يسامح على عملية التحريض على قائمة لأنها لم تبالي بالتقسيمة والمخاصصة الطائفية

ولا شيء ولا أحد يستطيع أن يسامح على دعاية لحزب تبنى على الطائفية

هذا عيب

هذا تخريب لأخلاق شعب بكامله، نبنيها بصدق وبوطنية وبأمانة وبحرص

وعذرا للجبهة، فقد استبدلنا مرض المخاصصات الطائفية بمبدأ تحصين النساء

لا شيء ولا أحد، ولا حتى 4 مقاعد للجبهة، ولا حتى 10 مقاعد للجبهة (عدد المقاعد الحالية للعرب وللحزب اليهودي-العربي)، ولا حتى 15 مقعدا للجبهة (عدد المقاعد لو أن الحزب اليهودي-العربي وافق على الشراكة العربية-العربية بجانب الشراكة اليهودية العربية)

 

خلال المناظرة، كان يتضح لي أيضا مدى الهوة السياسية التي تميز بين الطرحين، لكن قبل ذلك كان يتضح لي مدى اعتماد الجبهة في دعايتها على عدم معرفة كوادرها ببرنامج الجبهة!
حتى الآن كنت أفهم من الدعاية الانتخابية أنها توضيح برنامج الحزب للكوادر والأصدقاء، خلال المناظرتين (واحدة في مجد الكروم والأخرى في مدرسة ثانوية في الناصرة)، اتضح لي أن هنالك مفهوم آخر للدعاية الانتخابية يعتمد على التعتيم على برنامج الحزب، وليس على شرحه

وعلى التنصل من ذكر أساسيات بنوده، وليس على الافتخار بها

وعلى الإتكال على جهل الكوادر نفسها ببرنامج الحزب، وليس على تنويرها وإعادة تثقيفها!!!

لم يكن أصعب على عودة من مواجهة وشرح شعار "دولتان لشعبين" مقابل شعار "دولة كل المواطنين"

ولم يكن هنالك ما هو أغرب من الطريقة التي شرحها: " لا يوجد إنسان شريف في الدنيا يقبل بأن نتنازل عن حيفا، وجبال الكرمل، والجليل، وبطوف الأرض، والمثلث والنقب، نحن سكان البلاد الأصليين، نحن الذين حافظنا على هوية هذه البلاد من التشتت والضياع"

إلى هنا! وبعدها تصفيق حاد من الكوادر، الشباب!
إذا، "برنامج الجبهة ليس شريفا" كانت التتمة المنطقية الوحيدة لخطاب "الإنسان الشريف" الذي لا يتنازل للآخرين عن وطنه

أما طرح قضية التعاون (الشراكة في لغة حداش الجديدة) اليهودي -العربي، فقد كان بالنسبة لي اكتشاف شبه مذهل

إذ لا تتعامل الجبهة مع التعاون كقيمة، بل كابتزاز لمشاعر خوف العربي من العنصرية اليهودية

ليبرمان والخوف منه كان المحرك الأساسي لخطاب التعاون العربي- اليهودي

وعنصر الخوف هو عنصر مؤسس في الدعاية الانتخابية –وبالتالي في الثقافة السياسية-  للجبهة سواء كان ذلك في انتخابات السلطات المحلية أو في الانتخابات للكنيست

واستعمال عنصر الخوف في هذه الدعاية لا يكون بإعطاء الناس القوة السياسية لعدم الركون لمثل هذا الخوف، بل يكون بهدف تعزيز الخوف وتهويل قوة الآخر

  هنا يتحول التعاون العربي اليهودي من تضامن اليهودي مع العربي إلى عملية احتماء العربي باليهودي

 
والذي يريد أن يحتمي بالآخر لا يهمه مدى قرب أو بعد القواسم السياسية-الأخلاقية بينه وبين هذا الآخر، فالهدف البراغماتي للبقاء هو أهم من القناعات الأيديولوجية وأهداف المساواة


ليست المساواة هدفا للتعاون العربي-اليهودي بل الاحتماء من ليبرمان والعنصرية هو الهدف

والمطلوب هو الاستحضار الدائم والقوي لأجواء عكا


إذا صراع البقاء هو اسم اللعبة مجددا، وليست المساواة، إذا هي عملية استمرار أو بالأحرى إعادة إنتاج لتجربة الصراع على البقاء في فترة الحكم العسكري، والذي كان المحرك الأول فيها هو ليس النضال من أجل المساواة بل الخوف والرغبة في البقاء

كم هو سهل ورخيص إعادة العجلة إلى الوراء

أما النقطة الأخيرة، واختارها الأخيرة فقط لكي لا أطيل، فهي وصف منجزات الحزب الشيوعي –الجبهة، وهي تختزل مرحلتين:1

قيام الدولة، ودور الحزب في دعم قيام إسرائيل والموافقة على قرار التقسيم

2

ما بعد يوم الأرض 1976!

أي تعتمد دعاية الجبهة على الفترة بين 1950-1980

وعندما قلت لأيمن "لكننا يا أيمن في انتخابات 2009 وليس في انتخابات 84 أو 88، وأن السياسة هي التعاطي مع الحاضر وليس الماضي"، أجابني: " على الأقل اعترفي لنا بالماضي"، وأجبته: " أعترف، بماض ذكرته وبماض لم تذكره"

أما أنا يا أيمن، فلم أسألك أن تعترف للتجمع بأي شيء، لأنني أدركت كم أنك لا تستطيع

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.74
USD
3.95
EUR
4.75
GBP
328955.81
BTC
0.52
CNY
.