الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 16:01

مجزرة غزة وفتوى الحاخامات


نُشر: 04/02/09 07:21

أثناء الحرب الهمجية على قطاع غزة صدرت العديد من فتاوى المرجعيات الدينية اليهودية في إسرائيل ، وهي تبارك العدوان وتبرر وتبيح للجيش الإسرائيلي قتل الأطفال والنساء والشيوخ والبهائم ، ومنهم أفتى بجواز قتل كل فلسطينيي غزه حتى لو قتل منهم مليون أو أكثر ، ومنهم من شرع العقاب الجماعي للفلسطينيين الأبرياء !!! وها هو الحاخام يسرائيل روزين رئيس معهد تسوميت واحد أهم مرجعيات الإفتاء اليهود في دولة الاحتلال ، أفتى بتطبيق حكم عملاق أي (الإبادة الجماعية) الذي جاء في توراتهم ضد قوم عملاق الفلسطينيين  ، وبهذا يتوجب تطبيق حكم عملاق على كل من يحمل كراهية إسرائيل في نفسه ، وينص هذا الحكم على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضع والنساء والعجائز وسحق البهائم ، أما الحاخام شلومو الياهو فقال ( إذا قتلنا مائة دون أن يتوقفوا فلا بد أن نقتل ألفا ، وإذا قتلنا منهم آلفا دون أن يتوقفوا ، فلنقتل منهم عشرة آلاف ، وعلينا أن نستمر في قتلهم حتى لو بلغ عدد قتلاهم المليون ، وتقول المزامير التوراتية حسب الياهو (سوف أواصل مطاردة أعدائي والقبض عليهم ولن أتوقف حتى القضاء عليهم) ، أما الحاخام أفي رونتسكي فقد قال ( بان أحكام توراتهم تبيح قصف البيوت الفلسطينية على من فيها !!!، فالواقع يلزم بضبط الناشطين وهم في فراشهم وفي بيوتهم )


هذه الفتاوى والمواقف الإسرائيلية وغيرها الكثير ، شواهد حية على التحضير المثابر للحرب والتدمير والقتل بالجملة التي أقدمت من خلاله حكومة الاحتلال في إسرائيل على اجتياح قطاع غزة المحاصر منذ سنتين ، مستخدمة آلتها العسكرية الرهيبة في ترويع وذبح شعب القطاع وهدم بيوته على رؤوس ساكنيه واقتلاع أشجاره وصابة جام غضبها على أي شي يتحرك ، فليس غريبا أن نلمس تشجيع العدوان من قبل أغلبية المجتمع الإسرائيلي وتأييده للجرائم البشعة التي يرتكبها عسكرهم ، وهذا يكشف عن المدى الإجرامي الذي وصل إليه وحققه التحريض الشوفيني والتغذية العنصرية الحاقدة  والمسعورة في الخطاب السياسي والأيديولوجي الفاشي المعادي في جوهره إلى كل ما هو انساني تجاه العرب


 

وهنا يحق لنا أن نتساءل هل صحيح أن إسرائيل الدولة النووية والأعظم في منطقة الشرق الأوسط والتي تصنف على أنها رابع قوة عسكرية في العالم ، والتي تتبجح في كل مناسبة أنها تستطيع سحق جيوش الدول العربية مجتمعة ، أن أمنها مهدد من قبل صواريخ المقاومة ؟ هذه الصواريخ التي في معظمها صناعة محلية بدائية وغير ذي كفاءة تدميرية كبيرة ، وهل سقوط هذه الصواريخ المحدودة الفاعلية على إسرائيل يعطيها الحق بسحق شعب محتل تحت جنازير الدبابات ونيران الطائرات وفوهات المدافع ؟ وأي حق وأي شرع هذا سوى شريعة الغاب وشرع الوحوش يسمح لدولة الاحتلال في الاستفراد بشعب أعزل وذبحه كالخراف في وضح النهار ؟


إن حكومات إسرائيل المتعاقبة مارست وتمارس حتى اللحظة إرهاب الدولة المنظم منذ اليوم الأول لاحتلالها فلسطين ، وشردت شعبها في كل المنافي وارتكبت أفظع المجازر بحقه

وها هم زعماؤها المتعاقبون حتى هذه اللحظة يكررون نفس السيناريو البشع وبشكل أكثر فاشية وفظاعة دون حسيب أو رقيب ، وأمام أنظار المجتمع الدولي وحكوماته ومنظماته المدنية والإنسانية وعلى رأسها ما يسمى مجلس الأمن الدولي الخاضع لأمريكا


إن الشعب الفلسطيني كان وما يزال ومنذ وعد بلفور المشؤوم ضحية صارخة للعدوان الصهيوني المتواصل على أرض فلسطين ، هذا العدوان المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الأخرى ضد الشعب الفلسطيني خاصة والشعوب العربية عامة


 

إن من حق شعبنا ومن حق أي شعب آخر تعرض وطنه للعدوان وللاحتلال أن يقاوم أي معتد آثم على أرضه ووطنه وشعبه بكل السبل والإمكانيات ، وان مقاومة الشعوب للعدوان حق كفلته المواثيق والأعراف الدولية والشرائع السماوية والإنسانية ، والعالم اجمع يعي تماما أن العصابات الصهيونية أقامت كيانا على ارض فلسطين أسمته إسرائيل على أنقاض شعب مشرد اسمه الشعب الفلسطيني ، وكل العالم يعي أن إسرائيل هي الدولة المعتدية والمحتلة للأرض الفلسطينية ، وان إسرائيل ارتكبت مئات المذابح بحق شعب فلسطين وشردت الملايين منه عنوة من أرضهم ووطنهم ، وأحلت مكانهم قادمين جدد من يهود العالم، ، وإسرائيل هي التي سرقت الأرض العربية وأقامت عليها المستوطنات الكولونيالية ، وإسرائيل هي التي وضعت ما تبقى من أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع في باستونات كبيره وحولت أرضه إلى كانتونات مقطعة الأوصال دون تواصل جغرافي أو انساني ، وإسرائيل هي التي تحتجز في سجونها ومعتقلاتها أكثر من عشرة آلاف فلسطيني منذ عشرات السنين ،وإسرائيل هي التي قتلت من أبناء هذا الشعب عشرات الآلاف من البشر بدم بارد ، وإسرائيل هي التي قامت بحملات الاغتيالات بحق العديد من القيادات والكوادر والمثقفين والعلماء الفلسطينيين والعرب ، وإسرائيل مستمرة في سرقت المياه الفلسطينية وتسميم ترابها وهواءها ومياهها بمخلفاتها النووية والكيماوية ، وهي مستمرة في استباحة حرمات شعب فلسطين وحولت حياته إلى جحيم لا يطاق ، وها هي حربها الأخيرة خير شاهد على فظاعة وبشاعة جرائمها والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين ، وإسرائيل هي من استخدمت وتستخدم أسلحة الإبادة الجماعية المحرمة دوليا مثل اليورانيوم المخضب والفسفور الأبيض بكثافة في المناطق السكنية المأهولة ، وبشهادة العديد من منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية ، ومنها منظمة العفو الدولية ، بيت سيلم ، هيومان رايتس ووتش ، الاونروا وغيرها


نرى ونسمع في كل مناسبة الجنرالات الإسرائيليين حكام دولة الاحتلال يتشدقون عن قيم وأخلاق وطهارة سلاح جنودهم ، مدعين بان جيشهم لا يستهدف المدنيين الفلسطينيين ، وهم  ليسوا ضد سكان غزة ، وان أهالي غزة في نعيم يهيمون ولا يعانون من أزمة إنسانية ، وهم أي حكام إسرائيل لا يقتلون الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ ، لكن بشاعة الصور التي وصلت إلى العالم فنّدت كل مغالطات وأكاذيب وفبركات زعماء الحرب في إسرائيل ، وان جرائمهم ساطعة مثل نور الشمس لا تستطيع أساليب الحذلقة والتضليل والتمويه تغطيتها وحجبها عن العالم ، فالعالم في مشارق الأرض ومغاربها يعرف أن جيش الاحتلال استهدف وبشكل متعمد المدنيين ، والأطقم الطبية ، وفرق الإسعاف ، والصحفيين ، ومدارس وكالة الغوث ، والمستشفيات ، ومحطات البث ، وقتلت في حربها العدوانية على قطاع غزة خلال ثلاثة وعشرين يوما ، أكثر من ألف وثلاثمائة وأربعة وثلاثين فلسطيني ، منهم أربعمائة وسبعة وثلاثين طفلا ، وخمسة وتسعين امرأة ، ومائة وعشرة مسنين ، وعشرين من المسعفين ، وأربعة صحفيين ، وخمسة أجانب ، وجرحت خمسة آلاف وخمسمائة فلسطيني منهم ما يقارب السبعين بالمائة بترت أطرافهم ، وثلاثمائة وخمسين شخصا في حالة الخطر


إن هذه المجازر ما كانت لترتكب وهذا التدمير لم يكن ليقع لولا الموقف العربي الرسمي المتخاذل مع العدوان ، ولولا الدعم الأمريكي العسكري والسياسي أّلا محدود ، ولولا سلبية الدول الأخرى ذات التأثير في العالم ، وعلى رأسها الدول الأوروبية وروسيا والصين وبعض الدول الإسلامية التي وضع قادتها رؤوسهم في الرمال


بعض الفلسطينيين والعرب رددوا كالببغاوات ما قاله زعماء إسرائيل وما قاله بوش في تحميل المقاومة سبب اندلاع الحرب على غزة ، وبرروا العدوان الإسرائيلي ووصفوه بالرد المناسب على إطلاق الصواريخ الفلسطينية ، ونسوا أو تناسوا جرائم الاحتلال في التهجير والحصار والاعتقال والقتل اليومي وعلى مدار قرن كامل ضد أبناء شعبنا


يحق لنا كشعب فلسطيني وكشعوب عربية أن نتساءل أين دور الإعلام العربي والكتاب والمثقفين العرب ؟ ليفندوا مزاعم الإعلام الإسرائيلي والغربي الذي يقلب الحقائق رأسا على عقب ، ويفبرك الأحداث ويقدم المقاومة على أنها الإرهاب المنظم الذي يشكل خطرا محدقا على امن ووجود الكيان الإسرائيلي،هذا الإعلام المنافق والمأجور والمنافي للحقيقة والذي يبرر لإسرائيل أفعالها ويقدمها على أنها الضحية المسكينة للإرهاب الفلسطيني والتي تدافع عن وجودها وأمنها الضائع والمهدد من قبل شعب محتل محاصر


يحق لنا أن نتساءل ماذا لو صدرت فتاوى مماثلة من المرجعيات الدينية الإسلامية ؟ تخيلوا كيف ستثور الدنيا ابتداء من الصحافة ومنظمات حقوق الإنسان وانتهاء بالبرلمانات والحكومات ومجلس الأمن الدولي ، وهل يجوز أن ترتد البشرية إلى عهود سحيقة في القدم وتعمل بقوانينها ؟ وماذا تقول الهيئات الحقوقية الدولية بصدد هذه الفتاوى المتوحشة المناقضة لشرعة حقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني ؟


إن اتخاذ الحكومات المؤثرة بفاعلية في مسرح الأحداث على الساحة الدولية موقف المتفرج ومراقبة ما يجري ، يعطي لإسرائيل المعتدية الضوء الأخضر بالاستمرار في عنجهيتها واستكبارها وجرائمها في غزة وفي الضفة وفي كل مكان قد تتوهم فيه إسرائيل خطرا عليها ، وان القادم من الأيام قد يحمل في ثناياه ويلات ستكون بالضرورة أعظم وأفظع فهل من متعظ ؟


 

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.74
USD
3.95
EUR
4.75
GBP
328955.81
BTC
0.52
CNY
.