الرئيسية مقالات

دولة التمييز الفئوي… دولة تعاني من مرض في هويتها

محمد دراوشه
نُشر: 16/07/25 20:29
دولة التمييز الفئوي… دولة تعاني من مرض في هويتها

دولة التمييز الفئوي… دولة تعاني من مرض في هويتها

بقلم: محمد دراوشه

في قلب كل وطنٍ صحيٍّ يعيش الإنسان على أساس المواطنة، لا على أساس الفئة أو الهوية. ولكن حين تصبح الانتماءات الدينية أو العرقية أو الطائفية هي المفتاح الذي يُفتح به باب الحقوق والامتيازات، فإن الدولة تتحول إلى كيان مريض، لا يرى مواطنيه إلا من خلال عدسة الفرز والتمييز.

التمييز الفئوي ليس فقط انتهاكًا صارخًا لأبسط مبادئ العدالة، بل هو سُمّ يتسلّل إلى شرايين المجتمع فيضعف وحدته ويزرع الانقسام. لا يمكن أن يُبنى وطنٌ حقيقي على أساس “نحن” و”هم”، بل على عقد اجتماعي يؤمن بأن كل إنسان تحت مظلة الدولة يستحق الحقوق ذاتها، بغض النظر عن معتقداته أو أصوله أو طبقته الاجتماعية.

في الدول التي تعيش على التمييز، يولد المواطن في سباقٍ غير عادل منذ اللحظة الأولى. التعليم، والصحة، والعمل، والمشاركة السياسية تُوزَّع وفق معايير فئوية تخلق شعورًا بالغربة داخل الوطن. المواطن لا يشعر بأنه جزء من كل، بل أنه ضيف مؤقت في وطنٍ لا يعتبره كاملاً.

لا يمكن الحديث عن التمييز الفئوي دون التوقف عند واقع سوريا القديم والحديث، حيث تواجه الأقليات الدينية والقومية مثل الدروز والأكراد والسريان والعلويين وغيرهم تحديات مستمرة في نيل حقوقهم كاملة، سواء على مستوى الهوية الثقافية أو المشاركة السياسية. النظام في سوريا، الذي لطالما اعتمد على بنيات سلطوية مركزية، يواجه اليوم مأزقًا أخلاقيًا وسياسيًا في التعامل مع هذه المكونات التي تطالب بالمساواة والاعتراف، والمشاركة المتساوية في الحكم.

كذلك، إسرائيل تشكّل مثالًا معاصرًا آخر، حيث يعاني الفلسطينيون مواطنو الدولة من تمييز ممنهج في مجالات متعددة مثل التخطيط البلدي والإسكان، التعليم، والمخصصات المالية، وحتى التمثيل السياسي. هذا الواقع خلق حالة دائمة من الشعور بالاغتراب، وجعل مفهوم “المواطنة المتساوية” محط تساؤل دائم في الخطاب الحقوقي والسياسي.

الدولة العادلة هي التي ترفع شعار: “العدل أساس الحكم”. وهي التي تدرك أن ازدهارها لا يتحقق إلا حين يشعر كل مواطن أنه مرئي، مسموع، ومُكرَّم، لا لأنه ينتمي لفئة معينة، بل لأنه إنسان، ومواطن ذات قيمة.