الشّرخ في العائلة أو ما يُسمّى في حياتنا اليوميّة بالقطيعة فهذه الكلمة ؛ "القطيعة " كلمة قاسية ، جافّة ، حارقة ، سلبيّة ، جاءت من الجذر : ق .ط .ع ، فهي تفصل وتُبعد وتُشرذم وتزرع البغضاء والعداء في القلوب والنُّفوس ، فالأخ يقاطع أخاه وأباه والأخت اختها وأخاها والأب أولاده واخوته واخواته والكَّنّة حماتها والحبل طويـــــــــــــــــــــــــــل.
قد يكون الخلاف على شبرين من الأرض والإرث أو على مدخل بيت أو موقف للسيّارة أو على شجرة زيتون زائدة فزنا بها ولم يفز بها اخونا رغم انه ورث العشرات منها ، وقد يكون الخلاف بسبب كلمة قيلت اثناء غضب او هيجان..
ومهما تعدّدت الأسباب ومهما غلا ثمنها ، فهي لا تستحقُّ أن تعيش وأن تزرع العداء والفرقة بين الاخوة والاهل والاقرباء والجيران .
وكيف تستحقّ والسماء تقول بجليّ الحرف : " ماذا ينتفعُ الانسانُ لوْ ربحَ العالَمَ كلَّه وخسرَ نفسَه ؟ " .
نعم ماذا ينتفع لو ربح مال الدنيا وخسر صحّته وسلامه وهدأة باله واخاه او أباه ؟!
يحِزّ بنفسي كثيرًا حينما أحضر عرسًا وأُفاجَأ بأنّ عمّ العريس او عمّته أو خالته لم يحضروا .
والأدهى والأمرّ حين يكون الامر يتعلّق بوداع قريب فارق الحياة.
ماذا دهى القوم ؟
وماذا أصاب المجتمع حتى باتت الفُرقةُ عنوانه والخلافات محور حياته ؟
وكيف تُفسّر لي أنّ هناك من الآباء من يعمل على زرع الخلاف والتفرقة بين أولاده ، فينحاز الى هذا دون ذاك ، ويُنعم على هذه ويبخلُ على تلكَ .
قال لي أحدهم : انّها علامات آخر الازّمان ..
صدقتَ يا صاحبي ، فحين ينقطع حبل المحبّة على مذبح الأنا ، وحين تجفّ المودّة على مذبح المصالح الشخصيّة ، وحين يُضحي الدولار هو هو الربّ المعبود نكون حقًّا في آخِر الزّمان .
مَن قال يا قارئي العزيز انّ من يصالح اخاه الظالم يكون ضعيفًا ؟!!
مَن قال أنّ من يعمل على لمِّ الشّمل ورأبِ الصّدَع يكون ساذجًا ؟!
إن كان الامر كذلك فأنا أريد أن أكون هذا الضّعيف وذاك السّاذَج وهذا المِسكين بالرُّوح ، وهذا من منطلق قناعتي بأنّ من يُصالح ويغفر ويلمّ الشّمل يكون كبيرًا وجميلًا ومحبوبًا لدى الناس ولدى ربّ السّماء.