الدكتور صالح نجيدات- الانسان مهما تعلم في المدرسه أو الجامعه يبقى ما تعلمه من علوم نظريا ما لم يخوض غمار الحياة الواقعية , صحيح ان الطالب الجامعي يتخصص في دراسته في الجامعة في موضوع معين ولكن يبقى الشيء نظريا حتى يخرج من برجه العاجي الى الحياة العامه العملية ويمارس العمل على أرض الواقع , فيشعر عندها الإنسان وكأنه بدأ حياته من جديد في أكبر جامعة مفتوحة وهي جامعة الحياة التي يتعلم فيها الإنسان كل يوم تجربة جديدة , وهذه التجربة تزيده معرفة وخبرة مع كل تجربة يمر بها ، فالإنسان يتعلم من المهد الى اللحد كل يوم أشياء جديدة تضاف الى معلوماته وبها يبلور شخصيته ومداركه ومعلوماته ونظرته الى الحياة , كقول الله تعالى : " فما أوتينا من العلم إلا قليلاً "
الإنسان الناجحُ هو من يتميز عن غيره من الناس، وبخاصة من يستمر يستفيد من دروس الحياة ويتعظ بعبرها ولا يكرر أخطاءه وأخطاء الآخرين، ومن يتطور باستمرار ومن ايظهر دائماً وأبداً وكل يوم أفضل نسخة من نفسه
والناجح في مدرسة الحياة هو من لا يتأخر ولا يضجر ولا يتوقف عن التعلّم من كل دروس الحياة مهما كانت قاسية، وبالذات ما سيشارك فيها شخصياً أو ضمن مجموعة من الافراد، من تجارب يومية في علاقاته وتفاعلاته المختلفة من الآخرين، والإنسان الناجح في مدرسة الحياة يلتزم غالب الوقت بمبادئ أخلاقية واضحة ويعتنق سلوكيات الإنسان الناجح في مدرسة عالم اليوم، لا يمكن للإنسان العاقل أن يتخرج في مدرسة الحياة، فهو يدرس فيها مرة كتلميذ ومرة كطالب ومرة أخرى كطالب جامعي وبشكل متواصل
ولذا في العطل الصيفية حثوا أبنائكم الذين وصلوا الى المرحلة الثانوية الى الخروج للعمل ليكتسبوا التجارب ويتعلموا الدروس ويتحملون المسؤولية من صغرهم من اجل زيادة تجربتهم في الحياة , فهذه التجربة توعيهم وتهيئتهم أكثر فأكثر الى الحياة , لان تجارب الحياة هي التي تعلم الإنسان
وأضرب مثالا على ذلك من تعلم وتثقف في مدرسة الحياة الا وهو جاري العزيز المرحوم نصر اسعد الفواز أبا كريم الذي توفاه الله قبل اسبوع , فالمرحوم لم يدخل مدرسة في حياته ولم يعرف القراءة والكتابة , ولكنه كان انسكلوبيديا وملما بمعلومات يعجز عن حفظها بروفيسور وبالذات في العلوم السياسية والاجتماعية والعلاقات العامة وامور اخرى كثيرة جدا , رجل اجتماع من الطراز الأول ومن أقواهم في قول الحق ، جمع معلوماته من خلال الاستماع للراديو والتلفاز ومن المجالس الاجتماعية , رجل عشق أعضاء الكنيست العرب وكل مثقف الحديث معه وكان صديقا لهم جميعا حيث كل من عرفه احب الاستماع الى اقواله والتمتع في الحديث معه ,فهذا المرحوم مثال يحتذى به لمن يريد ان يتعلم من مدرسة ومجالس الحياة