على القيادات الشريفة والمثقفين في عالمنا العربي السعي الى تحرير العقل العربي أولا بالتنوير والعلم والمعرفة وتطهيره من كل رواسب الماضي الجاهلية ومن تأثير احتلال المستعمر واستعباد الانظمة الرجعية الحاكمة، والمثبت والداعم لانظمتها وعروشها قوى الاستعمار وذلك قبل تحرير الأوطان، لانك إذا أردت أن تحتل أمة فاحتل عقلها وفكرها واهزم عزيمتها ودب اليأس في النفوس وانشر التعصب المذهبي والقبلي بين صفوفها، واهدم التعليم في مدارسها، وولي عليها جهالها، ونصب مشايخ السلاطين على دينها، وزعزع ثقة الفرد في عقيدته وموروثه الحضاري، وانشر الفتن واعمل على اساءة وضعها الاقتصادي، تأتيك أراضيها وخيراتها وثرواتها كلها تسعى إليك طواعية.
وهذا ما حدث ويحدث في متنا العربية منذ أكثر من مئة سنة وحتى اليوم، انظروا الى الحرب الاهلية في السودان وما حدث قبل ذلك من حروب اهلية في الوطن العربي، فاحتلال الفكر والعقل اصعب من احتلال الأرض بكثير، فالأزمة التي تواجهها الأمة العربية ليست أزمة عقيدة وإنما أزمة وعي وفهم وتربية قبلية انانية وفكر ومذاهب متزمتة، والمشكلة تكمن في الخلط بين الفكر والعقيدة، فالعقيدة مقدسة أما الفكر فليس بمقدس، وهناك خلط بينهما مما يؤدي إلى البلبلة وعدم وضوح الرؤية، فعملية التغيير لحال الأمة الى الأفضل لتلحق بركب الشعوب تعتبر من أصعب المهام وبحاجة الى جهود مضنية وتضحيات جسام.