الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 02:02

اغتيال الأمين العام حسن نصر الله والمواجهة الحاسمة مع حزب الله

خالد خليفة
نُشر: 07/10/24 11:51,  حُتلن: 16:22

هناك توافق تام بين الجهازين السياسي والعسكري في إسرائيل، على تصعيد جدّي على الجبهة اللبنانية وعلى كافة الجبهات بعد سلسلة من الضربات والقصف الداني الذي استهدف المدنيين اللبنانيين في الضاحية، وادى الى اغتيال السكرتير العام لحركة حزب الله السيد حسن نصر الله في 27 من أيلول 2024 وقد  ارتأى هذان الجهازان وبعد استهداف واسع النطاق للمدنيين والبنية التحتية السكنية، أدى الى مقتل أكثر من  1600  مواطن لبناني في بيروت وضواحيها، وقد توافق الطرفان بان الطريق الأمثل هو الاستمرار في الحرب جوًّا في البدء،

وبعدها محاولة احتلال الجنوب اللبناني بفرق عسكرية، يمكن ان تصل الى حدود نهر الليطاني، وهذا ما حدث بالفعل في نهاية الأسبوع، عندما زجّت إسرائيل بقواتها، الى أماكن حدودية في الجنوب، وتهدف إلى أن تصل في النهاية، إلى عمق 35 كيلومتر بالقرب من نهر الليطاني وأن تدفع بقوى الرضوان أكثر جنوبًا، وكانت إسرائيل قد حاولت في الثاني من يوليو/ تمّوز 2006 ، احتلال هذا الحزام الامني في الجنوب اللبناني، وأن تصل إلى نهر الليطاني، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا بعد 35 يومًا من القتال، إلى أن أجبرت على التوقيع، على وقف اطلاق النار في الخامس من آب عام 2006 إبّان عهد رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك أهود أورنيلنت، وقد انسحبت القوات الإسرائيلية انسحابًا موهنًا بعد مجزرة الدبابات، التي أدت إلى تدمير 99 دبابة إسرائيلية في يوم واحد، ومعركة واحدة على بعد 15 كيلومترًا من الحدود الإسرائيلية داخل الشريط اللبناني.

ومنذ ذلك الحين، فإن حالةً من الهدوء ووقف اطلاق النار، أي على مدى 18 عامًا، يسود العلاقات بين حزب الله، الذي يسيطر على الحدود مع إسرائيل وقوات الجيش الإسرائيلي، لكن إسرائيل مازالت تسيطر على أكثر من 16 نقطةً وموقعًا على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومن بينها مزارع شبعة وأجزاء من قرية الغجر ونقاط أخرى على الحدود إسرائيلية اللبنانية، ويُعتبر السابع مِن أكتوبر من العام الماضي، وما حدث من تداعيات عسكرية واستراتيجية، على الجانب الإسرائيلي في قطاع غزة، من أهم النتائج والتأثيرات التي حدت بالجانب اللبناني للإعلان والتحرك بنيته لمساعدة الجانب الفلسطيني، وما كان من القادة الإسرائيليين، حتى قاموا بإعطاء الاوامر لعشرات الالف من السكان الإسرائيليين، الذين يسكنون على الحدود الشمالية بموازاة الحدود مع البنان بإعطائهم الأوامر، بإخلاء منازلهم ومناطق سكنهم بحيث وصل هذا الاخلاء إلى أكثر من 90% من عدد السكان على الحدود الإسرائيلية مع البنان، وهنالك تقديرات بأن أكثر من 150 الف إسرائيلي، تركوا بيوتهم واخلوها وانتقلوا إلى مركز البلاد للسكن هناك، الامر الذي شكّل حزامًا أمنيًا لحركة حزب الله داخل الحدود الإسرائيلية.

  ومن الصعب اتهام حركة حزب الله بأنها هي المسؤولة عن طرد السكان الإسرائيليين في شمال البلاد لانهم تلقوا أوامر بالإخلاء من القيادة الإسرائيلية، وقد شكل ذلك نصرًا كبيرًا لحركة حزب الله، التي بُنيت فيها معادلة عسكرية جديدة مع الجيش الإسرائيلي، أكدت فيها انه في حالة أوقفت إسرائيل العدوان على قطاع غزة، فان الحركة سوف تعلن وقف اطلاق النار على إسرائيل، وهذا ما كان على مدى فترة الاحد عشر شهرًا الأخيرة، بحيث استمر الصدام خلال كل تلك الفترة التي تواصلت فيها الحرب على غزة.

هذا، واستمرت الحرب من الطرفيين، خلال تلك الفترة الطويلة، حيث قامت حركة حزب الله برشق الجانب الإسرائيلي، بآلاف الصواريخ، وهو ما أدى الى منع السكان من الرجوع الى بيوتهم، كما أن الجانب الإسرائيلي استمر باستهداف السكان والمدنيين في الجانب اللبناني، وقام بقتل المئات من اللبنانيين، مدّعيا أنهم مِن حزب الله، ومن الصعب التأكد ما إذا كانوا بالفعل أعضاء في هذه الحركة، أم انهم مواطنون عزل، وخلال العام الأخير، لم تكن الحدود مع البنان، هي من أوليات السياسة الإسرائيلية العسكرية، خاصة في حربها مع غزة، بل استمرت في تدمير البنية التحتية والسكانية في قطاع غزة، وأدت إلى قتل أكثر من 42 الف فلسطيني هناك وجرح عشرات الاف الآخرين.

ولم ترع الجانب اللبناني أي اهتمام سوى الاستمرار في القصف الجوي والمدفعي، حتى إن وصلت برؤيتها إلى تحقيق أهدافها في قطاع غزة،  وبحسب الرؤية الإسرائيلية اليوم، وبعد سيطرة مطلقة على محور فالدلفي، أي مع الحدود على مصر ومعبر رفح، وإقامة منطقة عازلة في الشمال، فقد بدأت إسرائيل تضع خطط للسيطرة الأمنية المجدّدة على جزء كبير من القطاع، وتشير كل التقارير، الى ان الجيش والنظام السياسي في إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو، يقومون ببلورة خطط امنية محكمة، اقترحها الجنرال قيورا أيلان، رئيس مجلس الامن القومي السابق، كخطط عسكرية للخروج من الازمة العسكرية، التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وتتمثّل هذه الخطة بحصار مُحكم على شمال غزة، واجلاء أكثر من 350 الف مدني فلسطيني، من هناك والسيطرة على المساعدات الإنسانية، وشلّ أي تأثير لحركة حماس في هذه المنطقة، من معبر نتسارين إلى جنوب القطاع بحيث تبقي إسرائيل هذه المنطقة، شمال غزة خالية من السكان، واذا بقي بعض الالاف من المدنيين، فيمكنها البدء بالقضاء عليهم إذا كانوا تابعين لحركة حماس، بمعنى آخر، يمكننا القول إن إسرائيل غير معنيه بأي تسوية سياسية توقيع على أي صفقة اقترحت على كافة الأطراف بالنسبة لقطاع غزة والملف الفلسطيني هناك.

وبعد عام كامل من القتال مع حركة حماس، لم تستطع فيه الحسم العسكري، لكنها قررت الانتقال إلى شمال البلاد والاعلان عن مواجهة مع حزب الله، وهكذا كان بحيث بدأت باغتيال الأمين العام حسن نصرالله محاولة أن تحسبه كإنجاز تاريخيا للسياسة الإسرائيلية في المنطقة، فبعد أن قررت أن يكون ارجاع الإسرائيليين في شمال البلاد، الى بيوتهم كأحد اهداف الحرب، وعلى الرغم من أنها ماضية بدون توقيع أي تسوية في قطاع غزة، إلا أن هذا الاغتيال أحدث صدامًا إقليميًا عنيفًا بين اسرائيل وحركة حزب الله، أدى بالتالي إلى ما سمي بوحدة الجبهات الفلسطينية اللبنانية العراقية واليمنية، وفي وقت قصير مِن عملية الاغتيال الدامية، التي القت فيها إسرائيل أكثر من 84 طنًا مِن القنابل، على منطقة سكنية في الضاحية وقتلت فيها الشيخ حسن نصر الله.

لكن إسرائيل لم تستكف بذلك، وقامت بعمليات كثيفة وواسعة النطاق، ضد المدنيين اللبنانيين، واستهدفت أيضًا، إيرانيين كانوا يمكثون في لبنان، الامر الذي حدا بالجانب الإيراني، لان يتحرّك أيضًا، ضد إسرائيل عندها كان أيضًا هجوم إيران مباغت، استهدف تل ابيب ومواقع عسكرية مختلفة في البلاد.

وجاء ذلك في نفس الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل، هجومها البري غير المباغت على حدودها الشمالية، مع البنان مستهدفةً الجنوب اللبناني، ومدعية أنها ستمكث هناك عدة أسابيع حتى تحقق أهدافها وتسمح بإرجاع النازحين الإسرائيليين عن مناطق الشمال.

اما نتنياهو والذي انفتح على نفسه كافة هذه الجبهات فانه ينوي وبتأييد أمريكي بالرد على الهجوم الإيراني الذي تقول ايران أنها ستستهدف أهدافًا إسرائيلية في البنية التحتية في المرّة المقبلة، وهكذا دواليك، ويعيش الإسرائيليون تحت وطأة هجوم يومي يستهدف البنى المدنية بالصواريخ، وتستهدف إسرائيل في نفس الوقت أهدافًا مدنية واسعه النطاق في بيروت وجوارها، وبات من المؤكد أن هذه الحرب سوف تستمر مدة طويلة، مع انهيار اقتصادي كبير لإسرائيل وانهيار لقبة الردع، وتهديدات إيرانية بهجوم عسكري مقبل، وفي نفس الوقت تكثف إسرائيل أيضًا هجمتها على المجتمع المدني اللبناني وتكبّده الخسائر الجسيمة من الضحايا.

اما الجانب الأمريكي، فان موقفه مؤيد لإسرائيل، وبات ينظر إليه بانه يريد أن تكون إسرائيل مشغولة في حرب دموية، كونه يزودها بالأسلحة والعتاد والقنابل، ولا توجد أي أطراف دولية، تحاول بالفعل ثني إسرائيل، عن إيقاف عدوانها، وفي نفس الوقت التوقيع على أي صفقة ممكنة، تؤدي إلى وقف الحرب.

مقالات متعلقة

.