الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 01:01

نصر الله ونتنياهو والصدام الوشيك 

خالد خليفة
نُشر: 20/07/24 13:44,  حُتلن: 19:14

تزداد الجبهة الشمالية بين إسرائيل وحزب الله، في الآونة الأخيرة، تصعيدًا لا مثيل له، ويصرح الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مرة أو مرتين في الأسبوع، تصريحات عن أوضاع الجبهة وعن إنجازات الحزب العسكرية، محاولا أن يمنع إسرائيل من أن تحوز أو تحقق أية إنجازات استراتيجية على هذه الجبهة.


 وكان قد صرح يوم الأربعاء الماضي 17/7/2024 في ذكرى عاشوراء وفي خطاب أمام مؤيديه بأن غالبية الدبابات الإسرائيلية التي شاركت في الحرب في الجنوب قد دُمّرت في غزة، وما تبقى منها قد لا يصلح أو يكفي لشنّ حرب برية على لبنان، ولأيّ اختراق بري على الجبهة الشمالية وفي الجنوب اللبناني، أي أنه مستعد لأي مواجهة مستقبلية قريبة من قبل إسرائيل، وخاصة بعد 9 أشهر من الصدام مع هذا الجيش. 
وتواجه إسرائيل مشكلة كيانية تتعلق بالسيادة على منطقة الجليل والجولان، حيث أخلت سكانها في الثامن من أكتوبر، والبالغ عددهم أكثر من مئة ألف مواطن من الجليل والجولان، ولا تعرف بالضبط كيف تعيد هؤلاء السكان الى حدودها الشمالية في الوقت الذي تستمر المواجهات اليومية العسكرية مع حزب الله. وهنالك شرخ كبير بين الحكومة الإسرائيلية ورؤساء المجالس المحلية والاقليمية اليهودية في قرى ومدن الشمال الذين يطالبون الحكومة ليل نهار بالتحرك العسكري ضد حزب الله، بهدف العمل على إرجاع السكان الى بيوتهم ومساكنهم في المنطقة الشمالية، حيث تشير كافة التقديرات الى أن إسرائيل خسرت في هذه المنطقة السيادة الإقليمية على أكثر من 4900 كيلومتر مربع،  وإذا أضفنا مناطق أخرى في الجنوب وفي غرب النقب، أي في منطقة غلاف غزة، والتي تبلغ 3000 كيلو متر مربع، أي أن المساحة الكلية التي فقدت إسرائيل سيادتها عليها قد تصل الى 8000 كيلو متر مربع، أي ثلث مساحة الدولة. وهذا الأمر لم يحدث له مثيل منذ عام 1948، أي منذ قيام دولة اسرائيل والتي كانت تحقق الإنجازات تلو الإنجازات، وكل ذلك إضافة الى مواجهة إسرائيل على 6 جبهات مختلفة، أو ما يسمى بلغة حزب الله بجبهات الدعم والمساندة للجنوب اللبناني وقطاع غزه. 
وقد بدا واضحًا أن حزب الله استطاع وعلى مدى 9 أشهر أن يدير معركة واسعة النطاق، وخاصه بصواريخ الأرض أرض الطويلة والقصيرة المدى، إضافة الى المسيّرات الانقضاضيّة والهجومية على المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية وعلى مناطق ساحلية إسرائيلية قريبة من لبنان. وقد سارع أيضًا للانضمام الى الجبهة المساندة والدعم لحزب الله وحماس سلاح الجو المسيّر الحوثي في اليمن، والذي يستهدف السفن ووسائل النقل البحرية المختلفة المتوجّهة نحو إسرائيل من البحر الأحمر والعربي. وقد استطاع الحوثيون شلّ الملاحة البحرية والنقل لإسرائيل من الشرق الأقصى، حيث توقفت الصادرات من هذه الدول وبات ميناء إيلات مشلولا بالكامل، ولا نعرف إذا ما كان شلّ الحركة في ميناء إيلات وزرع الرعب في المدينة، قد جاء بتنسيق مع حزب الله. ويمكن القول إن إسرائيل تواجه جبهات ثلاث ناشطة، من لبنان وقطاع غزة واليمن، وجبهات أخرى من العراق وسوريا، والتي تطلق الصواريخ بين فترة وأخرى بهدف إخلاء السكان من هضبة الجولان.
 وقد استفاق سكان تل أبيب ليلة الجمعة على انفجار مسيّرة في قلب تل أبيب، بالقرب من شارع هيركون، أي على بعد أمتار من السفارات البريطانية والأمريكية والفرنسية. وقد أدى سقوط هذه المسيّرة الى ذعر كبير في الشارع الإسرائيلي وفي أوساط سكان المركز الذين كانوا يعتبرون أنفسهم بأنهم يعيشون بأمان! ويُعتبر هذا الهجوم المسيّر اليمني الأول من نوعه الذي يصل من اليمن مستغرقًا 10 ساعات ومخترقًا الدفاعات الجوية الإسرائيلية والقبة الحديدية التي تغطي مناطق واسعه في البلاد. ويمكن القول إن هذا الاختراق اليمني يعتبر بمثابة أحد الأهداف المركزية التي يصبو إليها حزب الله، والذي يطلق عددًا هائلا من الصواريخ، بهدف استنزاف واستهلاك أعداد كبيرة من صواريخ القبة الحديدية. ولا نعرف بالضبط كيف تعمل الصناعات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية على إنتاج صواريخ القبة الحديدية لإسرائيل، تلك الصواريخ المضادة للصواريخ اللبنانية واليمنية.
 وتقول مصادر أمريكية إن تأمين هذه المنظومة لإسرائيل، والتي استُنزفت نسبة كبيرة منها، قد كلّف الولايات المتحدة حتى الآن 2.9 مليار دولار. وتضيف نفس المصادر أنه إذا استمرت هذه الحرب مدة طويلة وفي مناطق شاسعة وواسعة فيمكن أن تُخترق هذه القبة الحديدية وعندها سيكون شكل الحرب مختلفًا تمامًا. هذا، ويجمع العديد من العسكريّين الإسرائيليين، وعلى رأسهم يائير جولان، الجنرال دان هارئيل، الجنرال دان حالوتس، الجنرال رؤوبين، الجنرال نوعم تيبون وكلهم جنرالات شغلوا مناصب رفيعة في الجيش الإسرائيلي، على أنّه من الصعب على إسرائيل أن تدير معركة بنفس الوقت الذي هي فيه غارقة في الحرب على غزة، كما أنّهم يهاجمون نتنياهو ويطالبون بالتوقيع على صفقة التبادل مع حماس والعمل سريعًا على إيقاف الحرب مع حزب الله في الجبهة الشمالية، حيث يؤكدون بأن أيّ حرب قريبة تُشنّ ضد لبنان سوف تكون كارثيه على الجيش الإسرائيلي، لأن هذا الجيش مرهق ومتعب بعد 9 أشهر من الحرب في غزة، كما أن هناك نقصًا كبيرًا في الذخيرة والمعدات والدبابات، وبات من الصعب الحصول على تلك الذخيرة بسهولة، وخاصة من دول فرضت حظر بيع الأسلحة لإسرائيل. كما أنه من الصعب على إسرائيل أن تبادر الى معركة ضد حزب الله بنفس أسلوب المعركة التي خاضتها في الماضي، حيث تقدّمت نحو عشرة كيلو مترات برّيًا داخل الحدود اللبنانية وضربت مراكز ومنشآت في بيروت، إذ كان هذا السيناريو قد حدث في الماضي ولم يحقق أيّ إنجازات تذكر على ساحة الحرب.
 ويقول نفس المحللين إن حزب الله أقوى بكثير مما كان عليه في الماضي، وهو يملك منظومة صواريخ متطوّرة، ولديه عدد كبير من المقاتلين، ناهيك عن التمركز القويّ في شبكة أنفاق كبيرة ومتطورة بنيت خلال الـ 20 سنة الأخيرة،  كما أنه من الصعب أن تتوصل إسرائيل، حتى بضغط فرنسي وأمريكي، الى اتفاق فصل قوات بنفس النموذج الذي وُقّع عليه، وهو اتفاق 1701، بحيث إن هذا التنظيم (حزب الله) لا يثق بالفرنسيين والأمريكيين ويرى أن ميزان القوى هو بالكامل لصالحه، وأنه يريد ربط الجبهات، وخاصة المطالبة بانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة. أما القوى المتشدّدة في الجيش الإسرائيلي، والتي لا تأبه بهذه التحليلات والمقولات، فإنّها تهدّد باستعمال القوى والقصف الجوي الكبير والواسع النطاق ضد أهداف مدنية في لبنان، بهدف تركيع حزب الله! ويأمل نتنياهو أن يحصل على مزيد من الأسلحة الذكية والمتطورة بعد خطابه أمام الكونغرس في الرابع والعشرين من شهر يوليو/ تمّوز الجاري. وكانت زيارة الجنرال اريك كوريلا، قائد المنطقة المركزية، والذي يشرف على قيادة 44 ألف جندي أمريكي في دول الشرق الأوسط، الى الحدود الشمالية تندرج في إطار المطالبة بمزيد من الدعم العسكري لإسرائيل على الجبهة اللبنانية، علمًا أنّ كافة الخيارات خطيرة وصعبة المنال بالنسبة لإسرائيل.


 

مقالات متعلقة

.