ما كتبته قبل 21 سنة في تاريخ 18/10/2003.
إحدى المهمات الأساسية في حياة جماهيرنا العربية في قرانا ومدننا تطوير الانتماء المحلي، بعدًا ونموًا أكثر لعملية المواطنة الفعالة المحلية والشراكة والمشاركة من خلال وضع الاهداف الجماعية في مركز الاهتمام الشعبي والتنظيمي، تطوير هذه الاتجاهات في ظل أزمات ثقة في حياة المواطن العربي وفي ظل تراجع الأهداف الجماعية، كما ويجب الاشارة ان في هوية الانسان العربي الفلسطيني في اسرائيل هناك إشكال بل أزمة عميقة في حلقة العلاقة مع الدولة وهذا نابع من كون "اسرائيلية" - العربي منقوصة وإشكالية، وكون الجماهير العربية تعيش على الهامش الثقافي، الاقتصادي والسياسي وعدم القدرة على التأثير السياسي في حياة الدولة وهذا يضع المواطن العربي في أزمة عميقة مع الحلقة المذكورة وكذلك التمييز الصارخ في معظم المجالات.
الجماهير العربية جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني غصن من تلك الشجرة وجذر من جذورها.
موقعنا ووضعيتنا يحددان مسار سلوكنا كأقلية قومية ترى في مسألة المساواة واقامة الدولة الفلسطينية امرين هامين في حياة جماهيرنا.
والسؤال الذي أود طرحه كيف يمكن ان نعطي بعدًا عمليًا لحلقات الانتماء المحلية. وهنا اقترح على السلطات المحلية العربية أن تأخذ دورًا عمليًا أكثر في دمج ومشاركة المواطن في حياة بلده وتنقله من حالة الغربة والبعد وأزمة الثقة الى حالة أفضل.
أزمة، غربة، ثقة، بُعْد - تفاعل، مشاركة - انتماء
أقترح على السلطات المحلية العربية ان تقوم:
أ) إقامة لجنة توجيه للعمل البلدي تمثل كل الاطر وتقوم باجتماعات شهرية، هذه اللجنة تكون مهمتها مرافقة قضايا العمل البلدي، توجيهات، مبادرات، وعندها نطور مكانة السلطة المحلية وثقافة سلطة محلية مع جودة، وكذلك نعزز مبدأ مشاركة المواطن وهذا أمر هام في استراتيجية العمل البلدي.
ب) إقامة لجان غير إلزامية (اختيارية) شعبية، لجان توجيه، استشارية في مجالات مختلفة: لجنة التربية والتعليم، لجنة الصحة، لجنة الارض والمسكن، لجنة الامن، اللجنة الاقتصادية السياحية، لجنة قضايا الشؤون الدينية تمثل جميع الطوائف، لجنة قضايا المرأة، لجنة الشباب، لجنة الرياضة، لجنة إعلامية.
تسعى السلطة المحلية الى إشراك المواطنين طبقًا لاهتماماتهم وقدراتهم، ومن هنا نرى انه في حالة بناء اللجان الاستشارية المختلفة يمكن حشد طاقات المواطنين للعمل وترجمة الانتماء الى سلوك عملي وهذا يحول السلطة المحلية الى طاقة عمل ومبادرة وفي النهاية تبنى جسور وأسس المواطنة الفعالة والمشاركة وتحقيق الأهداف الجماعية العملية وبعيدة المدى في قرانا.
ج) احدى مشاكل مجتمعنا اننا غير منظمين، لذا يجب العمل على تأطير جماعات مختلفة.
لجنة المحامين، لجنة المهندسين، لجنة الأكاديميين، لجنة المعلمين، لجان الآباء، لجان الأطباء، لجنة صناديق المرضى، لجنة المصالح الاقتصادية والورشات.
د) إقامة وتعزيز وحدات استراتيجية في داخل السلطة المحلية مهمتها التخطيط بعيد المدى لقضايا التربية وتطوير البلدة، الارض، المسكن، الخ.
وإن تحدثنا عن قضايا الارض فالجماهير العربية تشكل 20% من تعداد السكان وتملك 3% من الاراضي، 80% من السكان اليهود يملكون من خلال المؤسسات 97% وهذا يقول ان الجماهير العربية تعيش أزمة حقيقية، وعلى سبيل المثال سخنين مساحة خارطتها الهيكلية 4400 دونم ولو قسمنا ذلك على السكان 24,500 لكان حصيلة ما يملكه الفرد 179 مترًا مربعًا. ولو اخذنا بعين الاعتبار الاماكن الهامة والشوارع لبقي للفرد في سخنين 100 متر مربع.
من هنا أرى تأكيد الأمور التالية:
1) السلطة المحلية والعمل البلدي لهما اهمية في حياة المواطنين، وهناك اهمية في السلطة المحلية على الصعيد الفردي والشعبي وعند الحركات والأطر المختلفة، يجب التاكيد ان العمل البلدي رافعة اجتماعية اقتصادية وسياسية ويجب العمل على دفع مكانة السلطة المحلية.
2) حتى نأخذ اماكننا في حياة الدولة يجب الاهتمام بالتربية والتعليم وتكريس الموارد لذلك، والا نجد أنفسنا أكثر على الهامش، ان القوة الاكاديمية للمجتمع اليهودي 4 أضعاف ما عند العرب وحملات الهجرة من سنة 1990 قوتها الاكاديمية 8 أضعاف من القوة الاكاديمية عند العرب، الامتياز هو المسار الذي يمكن ان يؤمن مكانًا لنا.
3) العمل على ثقافة التطوع في قرانا امر حاكم في تنمية المواطنة الفعالة الايجابية - العمل التطوعي الشعبي بدوره يوحد الجماهير حول أهداف جماعية.
4) يجب العمل على إقامة لجان احياء في داخل البلدة، تكون اللجان حلقة الوصل بين المواطنين والسلطة المحلية وتدرس اللجان وتشارك في برمجة وتخطيط وتنفيذ المشاريع وتكون سندًا للسلطة المحلية وللأهداف الجماعية في البلدة، يمكن ان يحدث ان السلطة المحلية لا تبادر بشكل منهجي لاقامة لجان احياء ربما لعدم وعيها لأهمية اللجان او لأن النهج البلدي المركزي غير متفهم وحساس، للجان المذكورة او لعدم امتلاك الاساليب والطرق المهنية وانشغال السلطة المحلية في ردود الفعل وإطفاء الحرائق.
كذلك هناك خوف عند قسم من القيادة من لجان الاحياء وان اللجان تكون "مصدر ضغط" على السلطة المحلية. هذا الموقف سلبي وخطير لأنه كما ذكرت المسألة ليست إضعاف وضرب المواطنة بل تقوية المواطنة من اجل تقوية السلطة المحلية ومساعدتها على القيام بواجبها، لجان الاحياء يجب ان تكون في مركز رؤية العمل البلدي وان يقوم قسم في السلطة المحلية بتركيزها والتفرغ لها وان يكون هذا القسم جزءًا من المبنى التنظيمي للسلطة المحلية ويرافقه كذلك عضو من ادارة البلدية.
5) تنمية ثقافة تنظيمية سليمة في داخل السلطة المحلية يقوم على التعاون وان يأخذ كل واحد دوره وتجنب أساليب مركزية في ثقافة السلطة المحلية التي تُصفّي كيان السلطة المحلية ويجب التعامل مع الموظفين من خلال نهج اداري ومفاهيم العمل العصرية.
6) إشراك النساء في حياة البلدة فلا يعقل ان يكون نصف المجتمع مشلولًا والعمل البلدي حكر للرجال، من المهم إقامة اطر ولجان نسائية.
7) رؤية المعارضة في حياة البلدة امر هام تسعى المعارضة على التفتيش عن المشترك والتأكيد على الاهداف الجماعية والمعارضة ليست هدفًا بحد ذاته.
إن تطوير العقلية المدنية الاجتماعية وممارسة ذلك فعليًا من السلطة والمواطنين من شأنه تعميق الوحدة الداخلية والمسؤولية تجاه البلدة وبناء المواطن المسؤول والناضج والدمقراطي في مجتمعنا.
مهمة السلطة المحلية تطوير الخدمات وتشجيع التطوير العصري وبناء انتماء المواطنة والالتزام للمصلحة العامة الاجتماعية والثقافية والتطويرية للمدينة او القرية، والوظيفة الحاسمة للسلطة المحلية توحيد البلد حول مشروع اجتماعي عصري حضاري.
وعليه للإخوة رؤساء ادارات السلطات المحلية العربية نقاش ما طرحته هنا.والخروج بخطة عمل جماهيرية، مجتمعية، مجتمعنا بحاجة لتأطير وإلا يصل المواطن للغربة في بلده، ادارات السلطات المحلية عليها الحذر أن لا يكون اداءها فقط تصريف أعمال، يعني العمل الجاري. كما وطرح ورقة العمل هذه في اجتماع للجنة القطرية للسلطات المحلية العربية،وأعود وأحكي بلغة واضحة "ادارة سلطة محلية دارت ظهرها لجمهورها ،جمهورها بدير ظهرة للادارة.