أعرف بأن عنوان مقالي يزعج "الرفاق" العرب، كما انه سيثير الدهشة لدى الكثير او بالأحرى بعض القراء غير المنتمين للماركسية. لكن هذه حقيقة يكتشفها القارئ في المقال، عندما يجد القواسم المشتركة بين نتنياهو الذي لا يريد وقف الحرب على غزة لأسباب سلطوية للبقاء على كرسي رئاسة الحكومة، وبوتين الذي يريد تدمير أوكرانيا تنفيذا لرغبته في السيطرة عليها.
اسمعوا الحكاية وخلفياتها من البداية فيما يتعلق بتلاقي مصلحة الاثنين (نتنياهو وبوتين) في استمرار الحرب على قطاع غزة: نتنياهو يمارس سياسته على أن مصلحته الشخصية هي فوق الجميع، وعند انتهاء الحرب عبر المفاوضات لن يكون نتنياهو في الوضع الذي هو عليه الآن، وهناك توقعات سلبية لمصيره. ولذلك فهو يرى ان مواصلة الحرب على قطاع غزة على الأقل تضمن بقاؤه في الحكم.
أما الثاني بوتين الذي ترعرع وشبّ في دوائر جهاز المخابرات السوفييتية (كي. جي. بي) فيرى ان وقف الحرب على غزة يعني عودة اميركا وأوروبا للالتفات إلى اوكرانيا لتمنع استمرار حرب روسيا عليها.
إذا، نحن أمام مشهد لا أخلاقي سياسيا من زعيمين يفضلان مصلحتهما الشخصية في تعاطيهما مع السياسة. ولكن من الضحية الأساسية في هذا المشهد؟ طبيعي ان يكون الشعب الفلسطيني في غزة هو الضحية، لأنه هو الذي يعيش حالات قتل ابنائه: رجالاً ونساءً وأطفالاً ودماراً ورعباً.
نقطة أخرى في غاية الأهمية غابت عن ذهن المحللين وعن أذهان آخرين وهي نقطة تستدعي التوقف عندها: في الوقت الذي ينتفض فيه طلاب جامعات أميركية ضد الحرب على غزة، ويقوم رجال الشرطة الأميركية باعتقال نحو 2000 منهم وتهدد مصائر الآلاف منهم بالطرد وإلغاء حضورهم في الجامعات ،ويتحدى عشرات الآلاف من الطلاب كل القوانين العنصرية الاميركية، ويفرضون على جامعات وقف تعاملها مع اسرائيل ، في هذا الوقت يمنع فلاديمير بوتين اي مظاهرة في روسيا الاتحادية ضد الحرب على غزة.
أليس هذا نقطة سوداء على صدر بوتين؟ وهنا لا بد لي من القول صراحة اني أتمنى سماع راي "الرفيق" ايمن عودة في هذا الصدد، وهل هو على استعداد لاستخدام "وصمة عار" كما استخدمها في السابق في وصفه لأحداث السابع من أكتوبر؟
روسيا بوتين دمرت مباني ومصانع ومستشفيات أوكرانية وقتلت آلاف من شعب أوكرانيا، وليس من المستغرب ان يصمت بوتين عما يجري في غزة. بوتين يفرح لانشغال أميركا في الحرب على غزة وتزويد إسرائيل بالسلاح والمال والعتاد. انه بوتين الذي لا يريد ان تنتهي الحرب على غزة، حتى لا تلتفت أميركا إلى دعم أوكرانيا لمواجهة روسيا.
ولكي لا نظلم بوتين، نقول انه اهتم مرة واحدة بالحرب على غزة عندما طلب من "خادمه" وزير الخارجية سيرغي لافروف ان يستقبل وفداً من حركة حماس. وما السبب في ذلك يا ترى؟ طبعا توجد مصلحة روسية (بوتينية) وهي إطلاق سراح اسرى اسرائيليين من اصل روسي، أخذتهم الحركة في اليوم الاول لعملية طوفان الأقصى. بعد ذلك لم يتخذ بوتين او لافروف ولو موقفاً اخلاقياً واحداً لوقف الحرب على غزة. والتي يشنها صديقه وزميله في المصلحة الشخصية نتنياهو.
وأخيرا... أبحث عن وصف للسياسي الذي لا يرد على مكالمات الصحفيين. هل من يساعدني؟