عاد حنّا الصّغير من الكنيسة دامع العينين ، عاد حزينًا بعد ان شارك في جنّاز المسيح في ليلة الجمعة العظيمة ، ووضع باقة من الياسمين والزنبق على سرير يسوع.
رأته أمُّه والدّموع تنهمر من عينيْه فتعجّبت وسألته بحنان :
- ما بكَ يا ولدي ؟ ما بك يا حبيبي ؟
ورفع حنّا عينيه الدامعتين وقال :
لقد ماتَ ...ماتَ يسوع.. صلبوه ... قتلوه يا أمّي ، فمن يساعدني بعد اليوم في المدرسة ؟ ولمن أشعل الشّمعة وأسجد في هذه الليلة ؟ مع من أحكي بعد اليوم ...انّه لن يسمع صلاتي!!
عانقت الأمّ ابنها بحرارة وهي تضحك :
- بلى انّه يسمع ، فيسوع حيّ يا ولدي .
- لا.. لقد مات.. قتلوه ... ألم تشاركي مثلي في الجنّاز ؟
احتارت الأمّ ...كيف تُفسِّر لابنها الوحيد الصّغير ، أنّ الجنّاز ذكرى ، وأنّ يسوع انسان كامل وإله كامل ، فالذي مات يسوع الانسان ، أمّا الإله فهو حيّ أبدًا.
ورفعت الأمُّ نظرَها ويديها نحو العَلاء قائلة :
" يا الهي أعنّي ، ساعدني، ماذا أقول له ...
يا ليتك تعود باكرا يا أبا حنّا فتساعدني انت أيضًا "
وطمر حنّا رأسه في وسادته ورفض أن يُصلّي ، فيسوع مات ولن يسمعه !!!
وركعت الامّ في غرفتها والدموع تنزل على وجنتيها : " يا يسوع ؛ يا غالي ، أرجوك اقنع ابني ...أظهر له ذاتك ، انّه متضايق لأجلك ، متألم ، أرجوك لا تُخيّب رجائي "
نام حنّا الصّغير في تلك الليلة متنهدًا ودون ان يركع كعادته ودون ان يشعل الشمعة.
وفي الصّباح استيقظ مع أوّل زقزقة عصفور ، ودخل سريعًا الى غرفة والديْه وعانق امّه بحرارة : أنتِ على حقّ يا أمّي ، يسوع حيّ ، لقد رأيته ، رأيته في منامي ، لقد جاء وداعب شعري ووعدني بأنّه سيساعدني في المدرسة ....ما أحلاه وما أجمله !!..يسوع حلو يا أمّي ....يسوع حلو أكثر ممّا نتصوّر...لقد رأيته..
فصرخ الأبوان على وقع رنين الاجراس : يسوع حلو... حقًّا ... يسوع حلو.. المسيح قام...بالحقيقة قام ، ونحن شهود على ذلك.