عندما يضع الفنّان خطوطه العريضة للوحته الفنيّة الأولى، الّتي بلورها في مخيلته، فقد ترتعش ريشته الثّمينة الحديثة، ترتجف انامله التي لم تعتد على تلطخها بمزيج الألوان، أو قد يخفق قلبه العذريّ، تتسارع دقاته. يمزق باكورة رسمته بشراسة مّرة تلو الأخرى، فلا يُلام لكن عليه ان يكون مقتنعًا بالفكرة ُمسبقًا بقدراته وامكانيّاته، واثقًا بنفسه على تحقيق وتحديد هدفه، مغزى وشكل رسمته الإبداعيّة، ومن ثم تطبيقها على ارض الواقع وتوقيعها بالخط الأسود العريض، الذي وضعه نصب عينيه.
يتوجّب على الفنّان ان يرسمها بنفسه، وينتقي الوانها بوضع لمساتها الأخيرة
بريشته ، والا يترك اللّوحة دون ألوان تتلاءم، تنسجم وتتناسق مع تخطيطه المسبق الذي طالما تعهّد بتحقيقه واكماله على افضل وجه وعدم الاتّكال على الظروف او على الآخرين في نشر الوان اللوحة، وبعثرتها وفق مزاجهم وتفكيرهم لنجد فئه ليست بقليلة تأبى او تجهل السّبيل لإكمالها ، الأمر الذي يجعل صاحب تلك اللوحة مخيبًا لتحقيق الأمل المنشود، يهرب من مسؤولياته والتزاماته ومواجهه الواقع، ويلم الظروف رغم انه صانعها، فيدع الفوضى تسيطر عليه ، ويقترب من اسدال الستارة على مسرحيته الهزلية قبل عرضها، وبهذا يكون قد اجهض المشهد الأول قبل ولادته !
في مثل هذا المشهد، انصحك أيّها الفنان الذي تدعي النجومية، ان تكون واقعيًا، وتتمتع بصفات الفنان الرّاقي، ينظر الى لوحته بعمق وتروّي كونها الأفضل، لوحة ناصعة الألوان رُسمت بكل صدق، شفافيّة، رقّة، دقّة، ذوق وإحساس لأننا إذا فقدناها نكون مزيفين سلبيين، ونرى كل العالم من حولنا بمنظار سلبي مليء بالأشواك والمعاناة، مجتمع يسيطر علية الفساد، الأنانيّة والتهوُّر وانعدام المصداقيّة والعدالة.
في النهاية، اود ان أوضّح الى بعض النفوس المريضة؛ لا تتسرّعوا في تفسير مضمون المقالة وعنوانها، فليس بالضرورة ان تعتبر نفسك الهدف والمقصود، قد يكون المقصود فنّانًا، كاتبًا، شاعرًا، شخصيّة اعتباريّة وايّ شخص.