الرئيس الأمريكي الأسبق آيزنهاور والحالي بايدن هما الوحيدان بين الرؤساء الأمريكيين اللذان سجلا تغييرا في مواقف معينة إزاء إسرائيل لم تشهدها السياسة الأمريكية سابقا. فالرئيس الأسبق أيزنهاو أجبر إسرائيل على الانسحاب من غزة بعد احتلالها خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 والرئيس بايدن وافق مؤخراً على تمرير قرار في مجلس الأمن بأغلبية أربعة أعضاء دائمين في المجلس من أصل خمسة طالبوا بوقف الحرب على غزة خلال شخر رمضان.
عشر دول غير دائمي العضوية في مجلس الأمن، تقدموا بطالب للمجلس لوقف فوري لإطلاق النار في غزة. ويوم الإثنين الماضي، تمت الموافقة على طلب هذه الدول وأصدر المجلس قرار الموافقة الذي يحمل الرقم 2728. هذا القرار سيكون مؤقتًا في البداية خلال شهر رمضان المبارك مع إمكانية ان يتحول إلى “هدنة دائمة ومستدامة” علماً بأن القرار لم يتم تحديد آلية لتنفيذه.
وكان الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قد فشلوا أربع مرات في التوصل إلى قرار بشأن حرب غزة: منها ثلاث مرات بسبب استخدام الولايات المتحدة الفيتو، (حق النقض) ومرة بسبب استخدام الصين وروسيا الفيتو.
لأول مرة يعرب مندوب أمريكي في مجلس الأمن عن سروره لقرار يتخذه المجلس يخالف موقف اسرائيل. ولم يكن مفاجئًا أن يصفق أعضاء مجلس الأمن بعد التصويت على القرار يوم الإثنين الماضي ومعهم سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، التي صفقت بشدة بعد اعتماد القرار 2728 في مجلس الأمن في نيويورك. كما ان موافقة نسبة عالية جداً من أعضاء مجلس الامن على القرار، تعتبر بمثابة إعادة الثقة بالمجلس وخطوة جيدة، خاصة للأمم المتحدة نفسها، التي كانت شرعيتها محل شك.
وحسب مجلة "شبيغل" الألمانية الواسعة الانتشار عالميًا: " كان واضحًا للمراقبين أن اهتمام الحكومة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار أمر مشكوك فيه، لا سيما وان رئيسها بنيامين نتنياهو أوضح مراراً أن هدفه ليس وقف إطلاق النار، بل تحقيق النصر الكامل على حماس، حتى على حساب هجوم بري على مدينة رفح جنوب قطاع غزة"
الأمر المستغرب والذي لا يدعو لمصداقية أمريكا، انها من جهة تدعم إيصال المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة ومن جهة ثانية تؤيد بشكل كامل بعض الأهداف الحاسمة في هذا القرار "غير الملزم"، كما قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد. ولكن هل قرار مجلس الامن هو فعلا غير ملزم؟ اسمعوا ما قاله فرحان حق المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي: "قرار المجلس هو قرار ملزم يجب تنفيذه مثل القانون الدولي".
وأخيرًا... مسدس نتنياهو لم يبق فيه سوى طلقة واحدة مكتوب عليها "رفح"، وإذا أطلقها سيكتشف انها عديمة الجدوى وسيفرغ مسدسه من الذخيرة، دون تحقيق النصر المطلق الذي ما يزال وعده الأخير.