للحياة وجهات مختلفة، وغالبًا تكون متأرجحة ما بين القبول والرّفض، النّشاط والتّخاذل، لكن ثمّة الكثير ممن يصبوا إلى الانخراط في سبيل أخرى ويخوض غمار معركة شرسة ليرى الأمل معلقًا آخر النّفق. وبخطوة تلو الأخرى يبدأ بسحبه شيئًا فشيئًا كي تنير فرحة الوصول إلى الهدف سبيلًا ملأتها التّحديات.
إيمان خطيب مصالحة من طمرة الجليلية متزوجة لقرية دبورية، وتعيش مع عائلتها في كامبريدج، أنهت المرحلة الثّانوية في بلدها طمرة ومن ثمّ التحقت بالتعليم الأكاديميّ وتسجلت للقب الأوّل بموضوع علوم المختبرات الطبيّة في كلية هداسا القدس، إذ اجتازت المرحلة بامتياز، وبعدها قدّمت للقب الثاني في موضوع بيولوجيا الإنسان في جامعة حيفا، أما اللّقب الثالث فمنحها إياه معهد وايزمان في رحوفوت الذي كان بمجال علم جهاز المناعة والأمراض الالتهابية.
ولأن الإنسان الذي يسير بخطى ثابتة ويغرف من منهل العلم لا يوقفه أي عائق حصلت إيمان على عدة جوائز تفوّق وتميّز في مسار الألقاب المتقدمة، وبعد التفكير أخذت القرار لإكمال المسيرة التعليمية والبحثية مع زوجها د. حسن مصالحة الذي يدرس معها الموضوع ذاته، والسفر إلى كامبريدج لإكمال البوست دكتوراه.
بداية العلم والكثير من التحديات للوصول نحو الهدف..
لم تكن الخطوة الأولى نهاية العمل والإبداع إذ قالت إيمان: "منذ بداية التعليم الأكاديمي واجهت عقبات عدة (منها اللغة والبعد الجغرافي عن العائلة)، لكن أصريت على التّقدم، ومع دعم العائلة والإصرار أنهيت اللّقب الثّالث بدرجة امتياز على الرّغم من الظروف التي واجهتني حينها. بعد انهاء التعليم في البلاد قررنا بأن تكون بريطانيا وجهة التحدي المقبلة وإنجاز البوست دكتوراه هناك".
وتابعت إيمان: "بعد ثلاثة أشهر من الاستقرار في كامبريدج تلقيت خبر وفاة والدي، إذ كان كالصاعقة، بالمقابل لم أتمكن من العودة إلى البلاد حينها بسبب تقييدات السفر في ظلّ أزمة الكورونا. لكن كانت هذه اللّحظة المفصلية في حياتي، إما أن أستسلم أو أكمل المسيرة البحثية. حيث عزمت على النهوض من جديد وبقوة وثبات أكبر إكرامًا لوالدي الذي مدّ لي يد العون منذ الصّغر وحرص على أن أتقدم دومًا في االتعليم الأكاديمي".
التغيير، العمل والكثير من العطاء...
وأردفت إيمان: "فيما ارتكز البحث العلمي خلال دراستي للقب الثالث على اكتشاف وظيفة جديدة لحامض اللاكتاك الذي يتم انتاجه داخل خلايا جهاز المناعة خلال فترة الالتهاب وبعد دخول الجرائيم إلى الجسم. حصلت على منحتين تعليم لإكمال البوست دكتوراه قبل السفر إلى كامبريدج".
وتابعت إيمان: "مع انهائي للسنة الدراسية الأولى في كامبريدج حصلت على منحة مرموقة جدًا من هيئة الأورام السرطانية ((LEUKEMIA UK) إذ لا تعطى هذه المنحة إلا في مرحلة متقدمة جدًا من البوست دكتوراه، لكن على خلفية وأهمية البحث الذي أعمل جاهدة عليه تمكنت من الحصول عليها إذ أبحث في مجال محاربة أحد أنواع سرطان الدم". انا على يقين تام أن الأبحاث العلمية مع صعوباتها هي الطريق الوحيد لمساعدة المرضى, وأحد أهدافي هو المساهمة في إيجاد علاج لسرطان الدم.
حاولي أن تتركي بصمّة وبسمة وأشيء حلمتِ بها...
درجات عدة تأخذنا باتجاه متاهة معقدة نوعًا ما، لكن حاولي دائمًا التركيز على أهدافك وكيفية السعي وراء تحقيقها. وعقب تحقيق الخطوة الأولى بإمكانك السعي وإكمال مسيرة كاملة حافلة بالنجاح على الرّغم من الظروف والبيئة التي تحيطك. ولأن لا نهاية للفوز والعمل هناك دومًا بريق من السعادة يشدّنا نحو حياة أفضل كما حلمنا ونحب.