كل شيء في هذه الحياة له ثمن. حتى السياسة فيها أثمان. وليس مستغربا أن تطلب السعودية ثمنًا لاعترافها بالدولة العبرية. قد يكون الثمن غاليًا بالنسبة لإسرائيل، لكن "سوق السياسة" يختلف عن الأسواق الأخرى. و"بورصة" السياسة لها ميزة تختلف كليًا عن البورصة العالمية الخاصة بمؤشرات الأسواق المالية العالمية وأسواق الأوراق المالية.
في الوقت اللذي نعيش فيه حالة حرب على غزة وانشغال العالم كله بهذه الحرب ولا سيما تحضيرات الجيش الإسرائيلي لاجتياح رفح، لفت نظري خبران مهمان، أحدهما تصريح لمسؤول "حمساوي" والثاني تصريح لوزير سعودي. في الأيام الأخيرة تتحدث وسائل الاعلام العالمية والعربية والاسرائيلية عن إمكانية التوصل الى صفقة لتبادل جديد للأسرى بين حماس وإسرائيل، ولغاية الآن بدون نتيجة وكل طرف يحمل الطرف الآخر مسؤولية الفشل.
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، يرى ان الحرب على غزة هي الحل لإعادة المحتجزين ولا حاجة لإرسال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) ديفيد برنيع "للاستجداء" في عواصم العالم لاستعادتهم. هذا الموقف لبن غفير هو نفس موقف نتنياهو الذي كثيرا ما صرح بأن مواصلة الحرب بشدة، هي السبيل الوحيد لتحرير المختطفين الإسرائيليين في غزة.
هذا هو موقف حكومة نتنياهو بشكل عام. ولكن ماذا عن موقف الطرف الآخر حماس؟ نائب رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية، أفهم حكومة نتنياهو أن عودة الأسرى المتبقين لدى حماس لن تتم عن طريق تكثيف الحرب بل لها ثلاثة أثمان إذا كانت إسرائيل ترغب في رؤية أسراها: أولها، إغاثة أهل غزة وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية، وثانيها وقف الحرب، والثمن الثالث تبادل أسرى حقيقي يحرر 10,000 سجين في السجون الإسرائيلية.
أما الخبر الثاني، فيتعلق بموضوع تطبيع السعودية مع إسرائيل، والذي يأخذ مساحات واسعة في الاعلام بشكل عام. وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، قالها صراحة في مقابلة مع قناة "فرانس 24" على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن والذي أنهى أعماله الاحد الماضي بعد ثلاثة أيام من المناقشات، رداً على سؤال عما اذا كان التزام إسرائيل السياسي بالاعتراف بدولة فلسطينية يكفي لتطبيع العلاقات، قائلاً: "هذا في حد ذاته شرط أساسي، ولكنه لا يكفي، لأننا بحاجة إلى مسار واضح نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعريف حدودها وهذا ما يجب أن يدخل حيز التنفيذ الآن وهذا ما نطلبه".
السعودية كانت قبل ذلك قد أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأميركية أنه "لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة".
وأخيرا... الكرة الآن في ملعب نتنياهو، فهل يدفع هذه الأثمان السعودية والحمساوية سياسيا، ويعاد الهدوء (نسبيًا) للمنطقة أو يستمر في اتجاه الحل العسكري ويغامر بذلك في حياة المختطفين لدى حماس؟