ودّعنا عام 2023 حاملاً في طياته عشرات القتلى الذين سقطوا في مجتمعنا العربي نتيجة إطلاق نار قامت به منظمات إجرامية او عصابات أخرى أو آخرين. وقد حمل العام الماضي معه سجلاً بأسماء 228 شخصا بينهم 16 امرأة، وهو عدد يسجل لأول مرة في تاريخ المجتمع العربي، المثقل كاهله بأعباء سياسية واقتصادية واجتماعية.
جرائم القتل لا تزال مستمرة والمجرمون القتلة ماضون في جرائمهم (ومش مهتمين لحدا) وعدد الثكالى والأرامل في تصاعد مستمر. لقد أصبحت الجريمة وللأسف إحدى ميزاتنا. المجتمع العربي وعلى ما يبدو سيظل فيه هذا الوضع مستمراً، ومطلع العام الجديد خير شاهد على ذلك. ففي شهر كانون الثاني/ يناير الماضي أي الشهر الأول من العام الحالي وحسب المركز العربي لمجتمع آمن (أمان) لاقى تسعة أشخاص حتفهم معظمهم قُتل رميًا بالرصاص أي بمعدل قتيلين كل أسبوع. ووفق معطيات مبادرات ابراهيم، سجل المجتمع العربي 18 ضحية منذ بداية 2024 وفي الفترة المقابلة لعام 2023 كان عدد الضحايا 13 ضحية. معطيات صادمة وبداية "مميزة" للمجرمين القتلة.
كتبت في مقال سابق، ان الأشرار في مجتمعنا سائبون وما عاد الكلام ينفع. فهل أصبحنا مجتمع قتل صار جاهزاً للدخول الى موسوعة (غينتس) للأرقام القياسية فيما يتعلق بالجرائم؟ هل نسينا اننا مجتمع عربي أصيل له أخلاقياته، أم أننا أصبحنا في أرضنا مجتمع بلا أخلاق؟ قولوا لنا بربكم يا من يهمهم الأمر.
هناك من يحمل الحكومة اليمينية المسؤولية عما يجري في مجتمعنا العربي من جرائم قتل. حتى أن البعض يرى أن تغيير اسم وزارة الأمن الداخلي الى وزارة الأمن القومي، لها علاقة بتفاقم اعمال القتل في المجتمع العربي خصوصا ان اليميني المتطرف بن غفير هو الذي غير الاسم وهو الذي يشغل منصب وزير هذه الوزارة. قد يكون ذلك صحيحا لكن مهما تتسع دائرة التحليلات فإن آفة العنف وعلى ما يبدو في تصاعد مستمر.
لقد تعودنا على "الطخ" وأصبح صوت الرصاص يلازمنا في حياتنا مثل الأكل والشرب. جرائم قتل في محلات البيع وعلى الشوارع وإطلاق نار في افرن وصالونات حلاقة. حتى المساجد في مجتمعنا سجلت حالات قتل، ولم يبق بعد سوى المقابر لتكون شاهدا على عمليات قتل.
المجرمون القتلة في المجتمع العربي، طوروا ممارسات القتل لتصبح مجازر أكثر فتكاً. فقد شهد العام الماضي ثلاث جرائم حرق، ثلاث جرائم قتل جماعي، سبع جرائم مزدوجة وجريمة ثلاثية. فهل أصبحنا عرب جرائم القتل؟ كل شيء غير مستبعد، في مجتمع أصبح فيه قتل الإنسان أسهل من شرب الماء.
وبعد اتساع دائرة الجريمة، فإن فضيلة الشيخ رائد صلاح لم يطاوعه ضميره السكوت على ما يشهده المجتمع العربي. فسارع مشكوراً الى أطلاق مبادرة "إفشاء السلام" وتأسيس لجانً لها، لمحاربة العنف والجريمة المتصاعدة في مجتمعنا، على أمل المساعدة في الخروج من كارثة العنف الكبيرة التي يعيشها مجتمعنا.
وأخيراً...
السؤال المطروح: لماذا نحن المجتمع الفلسطيني في دولة قانون القومية نتميز بكثرة جرائم القتل دون
سوانا من الفلسطينيين؟ فهل هو "البطر"؟ أم أننا "شبعنا وكثرنا شبع؟" وبدلاً من الشكر لله صرنا نقتل خلافاً لأمر الله.