عندما قام الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات "أبو عمار" مع مجموعة أخرى بتأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، اختار لها شعار "ثورة حتى النصر". وظل "أبو عمار" يستخدم هذا الشعار طيلة حياته. وكان (لفترة معينة) يؤمن بأن الكفاح المسلح يعني "القتال" هو الطريق الصحيح للتحرير. لكن في النهاية تخلى عن الكفاح المسلح ولجأ للمفاوضات. فلا الثورة انتصرت ولا الشعار تحقق. والذي تحقق فلسطينيا هو "مفاوضات" عبثية لا علاقة لها بالثورة مثل مفاوضات مدريد، مفاوضات أوسلو ومفاوضات كامب ديفيد، وغيرها من المفاوضات التي لم تجلب للشعب الفلسطيني أي شيء. ألم يقل إسحاق شامير عندما سألوه عن سبب موافقته على المشاركة في مفاوضات مدريد عام 1991: "ان المفاوضات ستستمر عشرات السنين وبدون حلول حقيقية"؟ وبالفعل مرت سنوات طويلة دون تسجيل أي إيجابيات.
ومن قال ان نتنياهو لم يتعلم من "عدوه" ياسر عرفات؟ المتابع لتصريحات نتنياهو يلمس كثرة استخدامه لمصطلح "تحرير" والأهم من ذلك استخدامه مصطلح "حتى النصر" كما فعل عرفات، بل زاد عليها كلمة (الكامل) للتمييز بين "النصر" الذي يتحدث عنه وبين "النصر" الذي لم يحققه الراحل عرفات.
يوجد أوجه شبه لغوية بين مواقف نتنياهو ومواقف عرفات. ففي منشور له على منصة "إكس"، تعليقًا على تحرير محتجزين إسرائيليين، قال نتنياهو إن "استمرار الضغط العسكري (حتى النصر) الكامل، هو وحده الذي سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع المختطفين". والضغط العسكري (يعني هنا القتال). وعرفات كان يعتقد ذلك أيضا في فترة معينة، بأن الكفاح المسلح يؤدي الى النصر.
فما الذي حصل ويحصل؟ "أبو عمار" لم يستطع عسكريا أي بطريقة (الكفاح المسلح) أن يسترد أي شيء، فلجأ أخيرا الى المفاوضات. وهذا ما يعيشه نتنياهو هذه الأيام. لماذا وكيف؟
نتنياهو، اضطر الى القبول بأول صفقة مفاوضات مع حماس لتحرير مختطفين حيث تمت عملية تبادل الأسرى في شهر نوفمبر الماضي استمرت نحو أسبوع، تخللها وقف مؤقت لإطلاق النار بوساطة قطرية مصرية أمريكية. ولماذا وافق نتنياهو على المفاوضات؟ لأن جيشه لم يستطع تحرير أي أسير لدى حماس فلجأ للمفاوضات.
الحرب مستمرة على قطاع غزة، وحماس لا تزال تحتفظ بعشرات الأسرى، ونتنياهو يتشاور مجدداً مع الأمريكيين من أجل صفقة جديدة مع حماس. لماذا؟ لأنه لا يزال ينتظر تحقيق "النصر"على حماس وتحرير الرهائن، من خلال الضغط العسكري.
وأخيراً...
لم يعد أمام نتنياهو ـــ وعلى ما يبدوـــ سوى القبول مجدداً بالمفاوضات. فهل يفعلها الزعيم الليكودي "أبو يائير"