حينما أسمع من بعض الأصدقاء ومن الأولاد ومن الأحفاد عمّا يدور في شبكات التّواصل الاجتماعيّ في قضايا سياسيّة واجتماعيّة أتساءل عن الّذي يفعله المحترمان: التّواصل والاجتماعيّ اللّذان تكنّى بهما هذه الشّبكات العصريّة أمام زخّات الشّتائم والبذاءات، وأعجب كيف تحوّل بعض النّاس ممّن لا يميّزون بين التّاء المفتوحة وبين التّاء المربوطة الى محلّلين سياسيّين والى علماء اجتماعيّين والى خبراء انتخابيّين، ويدهشني سيل الشّتائم الّتي يتبادلونها أو تلك الّتي يرشقون بها شخصيّات اجتماعيّة بارزة قدّمت الكثير لشعبنا، وأحمد الله تعالى أنّني أمّيّ في هذا الميدان وبعيد عنه بعد الرّسالة البريديّة عن الإيميل في بريد شعاره السّلحفاة، وقد يعتبرني البعض "دقّة قديمة" في أحسن الأحوال أو جاهلًا في أحوالٍ أخرى، ولا أدري إذا كان الأديب والفيلسوف الفرنسيّ الكبير جان بول سارتر الّذي رفض جائزة نوبل للآداب قد أصاب كبد الحقيقة عندما كتب أنّ "النّاس يؤذون بعضهم البعض بقدر النّقص الموجود لديهم"
أشعر براحة لأنّني لا أقرأ سوى ما تيسّر لي من الأدب الرّفيع ففي مكتبتي المتواضعة كتب لم أقرأها بعد وكتب قرأتها مرّتين وما زالت تشدّني اليها
وعلى الرّغم من السّلبيات المؤرقة في مجتمعنا الّا أنّنا شعب حيّ يحبّ التّغيير ويسعى اليه فمثلًا لا يوجد عندنا تقريبًا رئيس سلطة بلديّة أو محليّة "تربّع" على الكرسيّ أكثر من جولتين أي فترتين، وحبذّا لو أنّ المشرّع يحدّد فترة الرّئاسة للسّلطات البلديّة والمحليّة بفترتين أو ثلاث فترات (10 الى 15 سنة) ويحدّد فترة عضويّة البرلمان بين 8 الى 10 سنوات كي لا يصاب بعضنا بالّذي أصاب ذلك الشّاب المصريّ الّذي قال أنّه ولد في فترة حكم الرّئيس حسني مبارك ودرس المراحل الابتدائيّة والثّانويّة والجامعيّة في فترة حكمه كما تزوّج وأنجب أيضًا فيها، فالكرسيّ مريح وجذّاب وشديد الاغراء
من شدّة ولعنا بالتّغيير والتبديل أجهزنا على الإنجاز الكبير الّذي حقّقه شعبنا عندما شارك 65% من أصحاب حقّ الاقتراع بالانتخابات ومنح الأكثريّة السّاحقة منها للقائمة المشتركة فحصلت على 15 نائبًا وأرعب اليمين ومنع زمرة البيبيّين من تشكيل حكومة يمينيّة عنصريّة ودحض مقولة "اتّفق العرب ألّا يتفقوا" ولكن يبدو يا جماعة الخير أنّنا أخطأنا وصدق الخواجا ليبرمان حينما قال بأنّ العرب لا يتفقون ولا خوف ولا قلق منهم
لعلّي شططت فلماذا هذا الحكي الّذي يصدّ النّفس في هذا الصّباح، وبارك الله بالبيت الّذي يخرج منه بيت
يقول بعضنا دعونا نجرّب ويقول الاخرون من جرّب المجرّب عقله مخرّب ويصرّ قسم منّا على أنّ رغيف الخبز أقرب الى المرء من الوردة، وبين الخبز والورد مسافات، والرّغيف ضروريّ والوردة جميلة
اسمحوا لي أن أشارككم بفقرةٍ قرأتها اليوم في صفحة المنوّعات والأخبار الخفيفة اللّطيفة في احدى الصّحف، تلك الأخبار الّتي لا عنف فيها ولا عنصريّة ولا عدوان وحشيّ على أطفال غزّة، ولا كلمة فيها عن مجتمع تبهّم ولا يتّأثر حينما يرى أطفال الشّعب الاخر يقتلون بلا ذنب
وقد جاء في هذه الفقرة الخفيفة اللّطيفة وفقًا لدراسة لعلماء اسبان أنّ الشّيب المبكّر مؤشرّ للحالة الصّحيّة الجيّدة ودليلٌ على فرصة للعيش حياة طويلة
وتذّكرت سنوات شبابي وشعر رأسي وغرّتي الشّائبة
لن أقول ليت الشّباب يعود يومًا لأنّ كلمة "ليت" لا تطعم كعكًا أو خبزًا ولا كراديش
هل تعرفون ما هي الكراديش؟
اسألوا جدّاتكم