منذ مظلومية الشعب الفلسطيني التي بدأت منذ الإنتداب البريطاني الذي كان يستهدف تطبيق تصريح بلفور بمنح الأرض الفلسطينية للحركة الصهيونية، والمنظومة الدولية بعصبتها المتحدة وأممها المتحدة وهي تراقب عن كثب بل وتشرف على تنفيذ مشروعها باقتلاع شعب وانتزاع أرض لشعب واستبدالهم بحفنة مهاجرين من كل اصقاع العالم، وتحاول كل جهدها لتحول شعبنا الفلسطيني لشعب لاجئ في اصقاع العالم، واقليات متناثرة هنا وهناك. وجاءت كلِّ مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطيات ...إلخ من الشعارات التي رفعها الرئيس الأمريكي ويلسون أو الثورة الفرنسية أو ثورات الغرب سيف مسلط على رقاب شعوبنا العربية، وشعوب العالم الثالث الذي يروا به عبيدًا في زمن الإستعباد المتحضر وفق مفاهيهم ووفق مبادئهم.
في الرابع والعشرين من فبراير (شباط)2022 قامت روسيا بحملة عسكرية في اوكرانيا لتأمين حدودها وحماية أمنها القومي الذي اصبح تحت تهديد الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، وما اعلن الرئيس الروسي بوتين حملته حتى انتفض العالم الغربي برئاسة الولايات المتحدة يبدعوا في فرض عقوبات على روسيا، واستحضار كل مصطلحات وهيئات ومفاهيم حقوق الإنسان دفاعًا عن الشعب الأوكراني الذي يعيش في كنف دولة ذات سيادة، وذات مقدرات سياسية وعسكرية واقتصادية، وجيش وطني قوي يستطيع حماية الشعب الأوكراني والدفاع عنه، وتدفقت على أوكرانيا مليارات المساعدات الإنسانية والعسكرية والسريعه، وفتح العالم الغربي أبوابه على مصراعيها للمواطنين الأوكران معززين مكرمين متوفر لهم كل سبل الحياة والإنسانية الكريمة، وجال رؤساء وزراء الغرب سواء بريطانيا أو المانيا أو فرنسا وعلى راسها الولايات المتحدة ليجوبوا العالم لتوفير حلف وغطاء ضد روسيا، وضد الحملة الروسية. في الوقت الذي يرزح فيه الشعب الفلسطيني تحت نير الإحتلال والقتل والذبح على مدار 74 عامًا من قبل التغول بالدم الفلسطيني من قبل قوات الإحتلال الصهيوني، وسياسة الذبح التي أرتكبتها عصابات الاحتلال عبر التاريخ في دير ياسين وعيون قارة وصبرا وشاتيلا...إلخ، كجرائم منظمة وشاهد عليها ضمير الأسرة الدولية، ناهيكم عن المذابح اليومية التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني بأطفاله ونسائه وشبابه ومسنيه، والعمليات الصهيونية التي تقتل وتفتك بالأرض والحرث والزرع والحجر والبشر والعالم يقف تارة مبررًا وأخرى صامتًا أمام هذه التصفية المستمرة منذ أكثر من نصف قرن.
ذهب الكيان الصهيوني منذ توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 بين م ت ف والكيان إلى ضرب عرض الحائط بحقوق الشعب الفلسطيني التي وقع عليها باتفاق شهد عليه الرئيس الأمريكي كلينتون، لكنه ترك العنان لهمجيته وآلته العسكرية بضرب كل المقومات الفلسطينية، والمقدرات الفلسطينية والتغول بدماء الأطفال الفلسطينيين وشاهد الجرائم التي ارتكبت ومثال عليها الطفل محمد الدرة والطفلة إيمان حجو في انتفاضة 2000 ثم عملية التدمير الممنهجة لكل مقومات وبنى المناطق الفلسطينية بحرب مستمرة، وما تمارسه قوات الاحتلال الصهيوني ضد غزة حيث شنت منذ عام 2008 حتى 2022 خمس حروب دامية دمرت بها كل مشاهد الحياة الفلسطينية، وفرضت حصارًا قاطعًا ضد أكبر كتافة سكانية في العالم (غزة) وحمم الحصار والقذائف تحط على رؤوس الشعب الفلسطيني، وما تمارسه ضد الضفة الغربية من قتل وتدمير يومي طال المقدسات الدينية ومحاولات تدمير المسجد الأقصى.
جاء الخامس من اغسطس (آب) 2022 لتقوم دولة الكيان بشن حربها الخامسة ضد غزة وتنطلق طائراتها ودباباتها باطلاق مئات وآلاف الصواريخ ضد مبان سكنية فلسطينية وقتل الأطفال وهدم مقدرات الشعب الفلسطيني بعد 15 عام من الحصار ولإغلاق المعابر وعدم السماح بممارسة أي نوع من الحياة لتخرج نفس الدول التي خرجت في الرابع والعشرين من فبراير تدين روسيا، هي ذاتها خرجت لتبرر للعدو الصهيوني عدوانه ضد الشعب الفلسطيني وذبح أطفاله بصواريخ أمريكية غربية، وهدم منازله فوق رؤوس المواطنين الآمنين، لشعب يطالب بحريته لا يملك جيشًا ولا مؤسسة عسكرية، ولا أي ملامح أو صناعات عكس أوكرانيا التي تمتلك جيشًا ودولة.
لقد تجلى النفاق الدولي والأوروبي والأمريكي بابهى صور الخداع والزيف لشعارات حقوق الإنسان والإنسانية منذ الخامس من أغسطس 2022 وهي تبرر للعدو ما يمارسه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية تحت مبررات تزيد من التغول بالدم الفلسطيني.
وسط هذا النفاق والخداع العالمي ما هو المطلوب فلسطينيًا؟!
منذ اقتلاع شعبنا الفلسطيني وإقامة كيان صهيوني فوق الأرض الفلسطينية ونحن ندرك نفاق وإزدواجية هذه الأسرة الدولية التي لا تريد لشعبنا حقوق او دولة أو حياة يعيش خلالها كما تعيش كل شعوب العالم فوق سطح المعمورة، وعليه فالمطلوب استحضار فلسطينيتنا الوطنية وأحياء مشروعنا الوطني التحرري الذي يقوم على:
أولًا: بناء فهم جديد للعمل الوطني من خلال نظام سياسي وطني يضع التحرير المشروع الأهم والأولوية الأولى في ذهن هذا النظام بعيدًا عن التحزب والتفرد.
ثانيًا: خلق حالة اشتباك فعلية ومستمرة مع هذا العدو بكل الوسائل المتاحة والمشروعة لشعب يقع تحت احتلال ويتعرض للقتل والذبح.
ثالثًا: لفظ كل مظاهر التبعية للقوى الإقليمية والدولية، والحفاظ على الهوية الفلسطينية المستقلة.
رابعًا: إعادة تقييم الحالة الإنقسامية الفظة التي تضعف الموقف الفلسطيني، وتهين مشاهد الصمود الفلسطيني.
خامسًا: إعادة صياغة السياسة والهيكلة للسياسات الخارجية الفلسطينية، والعمل على تفعيل كشف زيف النفاق العالمي والدولي، وجرائم الاحتلال.
سادسًا: انهاء اي تفاهمات مع هذا العدو ووضع حدّ لتماطلاته واستهزائه بالفلسطيني، والعمل على وضع العالم أمام مسؤولياته للشعب الفلسطيني وحقوقه.
سابعًا: تعميق مبدا الشراكة والقيادة الجماعية لكل أطياف العمل السياسي الفلسطيني المقاوم. وتشكيل قيادة وطنية قادرة على تحقيق متطلبات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعه.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com